النوم... أسراره وأنواعه وقواعده
كثر لا يعرفون أسرار النوم رغم تمضية ثلث حياتهم نائمين. ثمة اعتقاد سائد بأن النوم خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاج إليه الإنسان لتجديد نشاطه. ذلك ما يخالفه الواقع حيث تتواتر الأنشطة المعقّدة خلال النوم في المخ والجسم بعامّة على عكس ما يعتقد البعض.
غالباً ما يغرق النائم بداية في ثبات عميق ويبدو أكثر استرخاءً وهدوءاً مع قليل من التقلّب. بعد نحو تسع دقائق يتغير نشاط الدماغ فتبدأ العينان بالتحرك السريع، كذلك قسمات الوجه ليدخل الإنسان في مرحلة النوم الخفيف. طوال فترة النوم ينتقل النائم من النوم العميق إلى الخفيف ثم بشكل معاكس. في حال استيقظ الانسان لا إرادياً لا يلبث أن يستغرق مجدداً فى نوم خفيف لفترات طويلة كأنه يحاول التعويض عن شيء فقده. نوعاه
اثبت العلم حديثاً أن النوم ليس نوعا واحداً كما نعتقد. إنه على الأقل نوعان مختلفان: النوع الأول يطلق عليه النوم الكلاسيكي أو البطيء. يتميز بانخفاض سرعة التنفس وضربات القلب وهبوط درجة حرارة الجسم. نوم غير مترافق مع حركات العين السريعة. النوع الثاني يطلق عليه اسم النوم النقيضي أو النوع الحالم. يتميز بحركات العين السريعة أثناء الأحلام يرافقه نشاط الأجهزة كلّها وازدياد حركة التنفس وسرعة القلب وضغط الدم وإفراز المعدة. يتعاقب النوعان في دورات شبه ثابتة لدى كل فرد. يحدث النوع الثاني مرة كل 90 دقيقة لنحو 20 دقيقة في كل دورة. يمضي النائم نحو 25% من فترة النوم في النوع الثاني. يحصل النوع الأول بقوة في بداية الليل بينما تطول فترات النوع الثاني آخر الليل. ساعات النوم يتفاوت عدد ساعات النوم الضرورية بين إنسان وآخر. يحتاج المرء بالتأكيد إلى عدد ساعات ثابتة في نومه. رغم احتمال نوم الإنسان لأكثر من ليلة واحدة غير أن عدد ساعات النوم غالباً ما تكون ثابتة خلال أسبوع أو شهر. يعتقد كثر أن عدد ساعات النوم اليومية اللازمة هو ثماني ساعات. وللدقة ينام معظمنا من 5 الى 7 ساعات يومياً. هذا الرقم معدل وسطي لعدد الساعات لدى الغالبية ولا يعني بالضرورة حاجة أي فرد إلى ذلك العدد من الساعات إذ يتراوح نوم الإنسان بين أقل من ثلاث ساعات لدى البعض إلى أكثر من 10 ساعات لدى البعض الآخر. مثلاً، لو كنت تنام لخمس ساعات فحسب ليلاً وتشعر بالنشاط في اليوم التالي فهذا يعني أنك لا تعاني مشاكل نقص في النوم. النوم وتقدم العمر لا تتبدّل ساعات النوم تبعاً للتقدم في العمر فحسب بل في طبيعة النوم وجودته. يقل نوم كبار السن ليصبح أقل فاعلية وراحة، رغم عدم تغيير الساعات. يعود ذلك إلى تبدل نسب المراحل كلما تقدمنا في العمر. إثر بلوغ الرجل الخمسين والمرأة الستين على وجه التقريب تكون نسبة النوم العميق وصلت إلى مرحلتها البسيطة بينما تختفي تماماً لدى بعضهم. مقارنة بالصغار يصبح الاستيقاظ عاملاً سريعاً لدى هؤلاء. أما النوم الخفيف والمتقطّع طوال الليل فهو أحد اسباب النعاس نهاراً ويصيب الكثير من المعمّرين. معاناة النساء تعتبر المرأة أقل الناس حاجة إلى عدد ساعات النوم (يبلغ معدل ساعات نومها في السنّ بين 30 و60 عاماً أقل من سبع ساعات يوميا خلال الأسبوع). يعود ذلك إلى عوامل متعدّدة تتميز بها، منها التغييرات الفيزيولوجية المؤثرة على حسن نومها كالدورة الشهرية والحمل وسن انقطاع الطمث وتغيير مستوى الهورمونات المرافق للتغييرات السابقة. ثم أحياناً دورها في رعاية شؤون الأسرة وتربية الأطفال والعمل، ما يؤثر مباشرة على نومها. أمّا نقص النوم ليلاً فينعكس سلباً عليها نهاراً. ستحصل المرأة على نوم أفضل لو تفهمت تلك العوامل. مشكلة الأطفال أما بالنسبة إلى الأطفال فوقت النوم يعني وقت الانفصال. يلجأ بعض الأطفال إلى بذل الجهد كاملاً للحيلولة دون الانفصال عن الأهل وقت النوم. غالبا ما يكتشف الآباء أن التغذية تساعد الطفل على النوم لكن مع نموه حتى مرحلة الرضاعة ينبغي للوالدين تشجيع الطفل على النوم من غير اللجوء إلى إطعامه وإلا يتعرض لمشاكل وقت النوم. يجب فحص الطفل جيدا قبل التشخيص النفسي فثمة أمراض عضوية كثيرة تتسبب بالأرق لدى الطفل مثل الاضطرابات المعوية وصعوبة التنفس وارتفاع درجة الحرارة أو الآلام الجسدية المتنوعة. أما الأسباب النفسية التى تتسبب له بالأرق فأبرزها عدم التوافق بين الوالدين واستمرار المشاجرات اللفظية والجسدية أو المنافسة مع أشقائه أو زملائه في المدرسة وما يرافق ذلك من صراع وقلق شديدين. أما لجوء الوالدين إلى تنشئة مثالية للطفل، خاصة إذا كان البكر في الأسرة، فيتسبّب له بصراع مع قدراته الذاتية. لذا ننصح للأهل بفهم ارق الطفل وتفسير تأثير الخلافات الأسرية عليه مع امتناعهم عن العقاب كوسيلة لإجباره على النوم . أما استخدام المنومات فيجب أن يتم تحت إشراف اختصاصيّ علم نفس يحدد العلاج المناسب مع علاج الأسرة نفسيا في الوقت نفسه. نصائح مفيدة • إذهب إلى الفراش حين تشعر بالنعاس أو تكون متعباً وليس وقت النوم. • لا تمارس أيّ أنشطة ولا تنغمس في التفكير لنحو 90 دقيقة قبل أن تقصد الفراش. • مارس تمارين الاسترخاء (التنفس العميق) مع بعض التمارين المساعدة على استرخاء العضلات الرئيسية بدءاً من أصابع القدم وانتهاءً بالوجه. • إختر الوقت الملائم لممارسة التمارين الرياضية إما بعد الظهر أو باكراً. لا تمارسها لدى ذهابك إلى الفراش. • لا تفرط في تناول الطعام وليكن ذلك نحو ساعتين أو ثلاثاً قبل ذهابك إلى الفراش لكي ينال الطعام فرصة لهضمه. • في حال استيقظت في نصف الليل ولم تستطع العودة إلى النوم خلال 30 دقيقة إنهض من فراشك وافعل أي شيء. • إمتنع عن تناول الكافيين والكحول والسجائر قبل ذهابك إلى الفراش بنحو ساعتين أو ثلاث. • إستمع إلى الموسيقى الهادئة.