ما هو دور السيّدة الأولى وهل بوسعها احتلال مكانة بارزة على السّاحة السياسيّة؟
لم نطرح هذا السؤال الآن؟هل أمضيتم فصل الشتاء في سبات عميق؟ فقد امتلأت الصحف البريطانية بمختلف صفحاتها بصور السيدة الأنيقة كارلا بروني ساركوزي السوبرمودل الايطالية السابقة وزوجة الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي التي قامت بزيارة رسمية لبريطانيا.
كانت ترتدي فستاناً رمادياً من صنع كريستيان ديور وبيريه متناسقاً معه استقطب الأنظار فطغى بتفاصيله على التصريح الذي أدلى به زوجها برفع عدد الجيوش الفرنسية في افغانستان وتحقيق الوعود المقطوعة في غلينيغلز في مبادرة مشتركة مع بريطانيا بإلحاق 16 مليون طفل افريقي إضافي إلى المدرسة. فهي تنتمي إلى أسرة إيطالية ثريّة تتعاطى الصناعة وهي تتقن خمس لغات ويقال إنها متعمقة في الأدب الفرنسي والفلسفة ولن ننسى ظهورها شبه عارية في بعض الصور لمزيد من الإغراء الإعلامي.من أين أتت هذه الفكرة؟من قصص الجن والإقطاعيين، فلا ملك من دون ملكة ولا رئيس جمهورية من دون سيدة أولى، واستُعمل هذا التعبير للمرة الأولى في أميركا في العام 1849 عندما قام زاكاري تايلور الرئيس الثاني عشر للولايات المتحدة غير الجدير بالذكر باستعمال عبارة أرملة أحد الرؤساء «دولي ماديسون» في الجنازة الرسمية التي أقيمت لها.ماذا تفعل السيدة الأولى؟كل ما يروق لها من أعمال بحسب حاملة هذا اللقب الحالية في البيت الأبيض لورا بوش، فقد قالت: «إن السيدة الأولى هي التي تحدّد دورها بنفسها، وعلى مر السنين كان دورها في البيت الأبيض يقتصر على الإدارة والتجديد والضيافة ولكنها انتقلت مع الأيام إلى قائدة حملات وناشطة ومؤيدة لبعض السياسات. أيمكنهن القيام بأي عمل يروق لهن؟النساء اللواتي تعاقبن على هذا المنصب لا يشاطرن جميعاً هذا الرأي، فقد قالت لويزا زوجة الرئيس جون كينسي آدامز في العشرينات من القرن التاسع عشر: «في هذا المنزل الشاسع والموحش ما يحبط النفس ويثير الانهيار. أما خليفتها مارغريت تايلور (زوجة زاك المذكور أعلاه) فقد أدخل هذا الموقع الرعب في نفسها لدرجة أنها «رفعت الصلوات» كي يخسر زوجها في الانتخابات. وبينهن من حارب بضراوة تهرباً من الاضطلاع بأي دور اجتماعي وصرّحت ماري زوجة الرئيس ابراهام لينكولن في هذا الصدد: «أنا لا أنتمي إلى الشعب فدوري عائلي فقط ولا دخل لعامة الشعب به». وحتى فترة غير بعيدة كان يقتصر دور السيدات الأول، كزوجات رؤساء الوزراء البريطانيين، على تقديم الدعم لأزواجهن.وقالت زوجة أول رئيس للولايات المتحدة ينتمي إلى العصر الحديث السيدة جاكي كينيدي في الستينات «إن الدور الأساسي للسيدة الأولى يقضي بأن تهتم بزوجها كي يخدم الشعب على أكمل وجه» واستمرت هذه النزعة لفترة طويلة، فقالت نانسي ريغن ذات مرة: « إن السيدة الأولى تحتاج إلى الاعتذار والتفرغ لتأمين راحة زوجها، فالسيدة الأولى هي الزوجة في المقام الأول».ألا ينبغي أن يتحولن إلى شخصيات عموميّة؟من قال ذلك؟ خذوا مَثل السيدة غوردن براون، فقد اختفت سارا ماكولي، تلك الفتاة التي كانت تعمل في مجال العلاقات العامة، عن الأضواء نهائياً بعد زواجها من الرئيس وخلافاً لسلفتها شيري بلير التي حاولت أن تكون امرأة عاملة وأماً صالحة ومرافِقة لزوجها في رحلاته الدولية في آن معاً. كانت تلزم سارا المنزل عند توجّه زوجها إلى كامب دايفد ومنذ ظهورها بالقرب من غوردن في صورة بدت فيها شديدة التوتر أبقت نفسها وأولادها بعيداً عن عدسات الكاميرا.لا ننسَ في هذا المجال الأهمية التي تكتسبها وشوشة الزوجات فوق السرير الزوجي، فالسيدات الأول يمارسن تأثيراً واضحاً على أزواجهن بحسب السيدة روزالين زوجة الرئيس جيمي كارتر «فهما يتبادلان أطراف الحديث على الدوام ويجدن من الرئيس أذناً صاغية وهذا أمر مفروغ منه».وبين السيدات الأول فئة من النساء الحاسمات في مواقفهن، فالسيدة فلورنس زوجة وارن ج. غاردينغ قالت في هذا المجال: «أعرف تماماً ما هي مصلحة الرئيس فقد دخل البيت الأبيض بفضلي وهو يبلي بلاء حسناً عندما يصغي إليّ ولا يجيد التصرّف عندما لا يفعل».ومن بينهن فئة أخرى تتمتع بمهارة عالية، فالسيدة لورا بوش التي كانت تعمل أمينة مكتبة في السابق تهتم بشكل خاص بالمساعدات والتربية والقارة الأفريقية وبمجرّد إلقاء نظرة إلى برنامج المساعدة الذي وضعه زوجها يتّضح أن الانفاق ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً في هذا المجال.ولن ننسى الفئة الصادقة الولاء وتنتمي إليها السيدة اليانور روزفلت التي أطلقت حملة واسعة دافعت فيها عن حقوق الانسان من بين مواضيع أخرى. أليس وراء كل رئيس عظيم امرأة في بعض الحالات؟ بالطبع، ولعل السيدة الأميركية الأولى الأشد تأثيراً في هذا المجال كانت اديت ويلسون زوجة وودرو ويلسون الثانية التي تولت زمام الأمور في البيت الأبيض بعد إصابة زوجها بسكتة دماغية وكتبت لاحقاً: «كنت أتمعّن في كل ورقة يرسلها مختلف أمناء السر أو أعضاء مجالس الشيوخ وأحاول درس الملفات التي يجب أن تمرّ بزوجي على الرغم من حذري وأقدّم خلاصة عنها، ولم أتخذ في الواقع أي قرار في مجال تنظيم القضايا العامة فالقرار الوحيد الذي كان بين يديّ يتعلق بالأمور المهمة وغير المهمة» ويعتقد عدد كبير من المؤرخين أن في ذلك ما يقلل من شأنها ونفوذها فلطالما لقّبت بالـ{الرئيسة السرية» و»أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة».وحصلت التجربة نفسها في الصين في السنوات السابقة لوفاة ماو تسي تونغ، فزوجته جيانغ كينغ التي كانت ملقّبة بالسيدة ماو قادت الثورة الثقافية وكانت بمثابة الساعد الأيمن الأساسي لزوجها في السنوات التي سبقت وفاته.وبعد وفاته سيطرت مع مجموعة من أصدقائها على كامل المؤسسات الصينية تقريباً بصفتها الامبراطورة الفعلية ولكنه قُبض عليها بعد شهر على وفاته بتهمة محاولة الاستيلاء على السلطة.وأثناء محاكمتها دافعت عن نفسها بالجملة الشهيرة: «كنت بمثابة كلب الرئيس ماو أعض كل من يطلب مني عضّه» فأُدخلت السجن ويقال إنها شنقت نفسها بعد 10 سنوات في حمام أحد المستشفيات عن عمر 77 عاماً.ألم تُمنح أحداهنّ دوراً رسمياً؟تولت هيلاري كلينتون خلال فترة من الزمن منصباً رسمياً في إدارة زوجها بيل يقوم على إدخال إصلاحات على نظام الرعاية الصحية ولكنها لم تحقق نجاحاً باهراً. وعندما كان نستور كارلوس كيرشنر رئيس الأرجنتين منذ سنوات عدة، أصبحت زوجته كريستينا السفيرة المتنقلة لحكومته مع العلم أنها أدّت دوراً أساسياً في الحملة الرئاسية التي قادها زوجها في العام 2003 وكانت شخصيّتها ميّالة إلى القتال على غرار السيدة الأولى السابقة ايفا بيرون، فحذت حذوها وخلفت زوجها على الكرسي الرئاسي بلقب كريستينا اليزابيت فرننديز دو كيرشنر أما زوجها «هابي» فهو اليوم «السيد الأول» في الأرجنتين.هل يمكن اعتبار السيّدة الأولى ورقة رابحة بالنسبة إلى زوجها أو أمّتها؟نعم* تبقي زوجها على تماس مباشر مع واقع الحياة اليومية.* تُدخل رؤية بديلة إلى السياسة التي يطغى عليها العنصر الذكري.* تحوّل الانتباه عن القرارات السياسية التي يتخذها زوجها. لا* إنها من بقايا زمن كانت فيه النساء خاضعات.* من الممكن أن يعود ماضيها إلى الواجهة ويلازم زوجها.* تحوّل الانتباه عن القرارات السياسية التي يتخذها زوجها.