السفير السوري لـ الجريدة: علاقتنا مع الكويت جيدة جداً وسورية تحرص على نزع فتيل الفتنة في العراق نحن ولبنان توأمان وكلام المراكز الأميركية غير واقعي
رغم عدم التفاؤل الذي أبداه السفير السوري علي عبدالكريم، فإنه لم يبدِ تشاؤماً من الوضع في المنطقة، وقال: يجب أن ننظر إلى نصف الكأس المملوء وإلى نقاط التلاقي ومعالجة نقاط الخلاف بالمودة والاحترام، وأكد أن التنسيق الكويتي - السوري جارٍ على أعلى المستويات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
قبل الدخول في الملفات، حدثنا عن العلاقات الكويتية - السورية؟ العلاقات بين البلدين جيدة جدا، والتنسيق على أعلى المستويات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهناك وشائج قربى وعلاقات طيبة جدا، سواء بالنسبة للجالية السورية التي ترعاها الكويت جيدا، أم بالنسبة للمصاهرات والعلاقات الاجتماعية الممتدة منذ فترة طويلة بين البلدين، ويمكن القول إن العلاقات على مستوى القيادتين والشعبين متميزة جدا، والطموح في جعلها أكثر تميزا وفاعلية في كل المجالات، فلكل من البلدين دوره وحضوره في المنطقة، فسورية لها حضورها السياسي والاجتماعي ومخزونها الثقافي، وكذلك للكويت نكهة خاصة في حضورها وتفاعلها مع اشقائها العرب، وهنا على المرء أن يقف ممتنا وشاكرا للدور الثقافي الكويتي الحاضن، والتجارب الاعلامية والدرامية المميزة ودور المركز الوطني للثقافة، ولنا في مجلة العربي خير مثال. سورية وجهة استثماريةلوحظ في الآونة الأخيرة تزايد عدد المستثمرين الذي جعلوا من سورية وجهتهم، كيف تنظرون إلى ذلك؟ الاستثمارات في نمو مطرد، وأؤكد لك أن القوانين السورية الخاصة بالاستثمار راعت ما يتطلبه المستثمرون من تسهيلات لهم، لتشجيعهم وتهيئة الأرضية المناسبة لهم، ويمكننا أن نلاحظ بسهولة الإقبال المتزايد للخليجيين عموما والكويتيين خصوصا للاستثمار في سورية، مع وجود وعود بمضاعفة هذه الاستثمارات. العراقيون يملكون الحلأين وصلت العلاقات السورية - العراقية؟ لا شك أنكم تتابعون الأخبار وتستمعون إلى تصريحات الاخوة المسؤولين العراقيين، وكلها تشير إلى أن العلاقات جيدة ونحن جادون في تقديم كل ما تستطيعه سورية لمساعدة العراق. والعراق الآن كيفما سميته فهناك وجود اميركي وانتهاكات صارخة وكبيرة لحقوق الإخوة في العراق، هناك تشويش وتشويه للحقائق يستطيع كل اعلامي أن يتلمسها كيف تنشر مراكز الدراسات الاميركية والغربية معلومات وأخبار عن الشركات الأمنية والاغتيالات التي تقوم بها، وزراعة الفتنة بين العراقيين من حين لآخر، وغيرها من الممارسات المشبوهة، لذلك نقول أن سورية مع العملية السياسية ومواقفها مشهودة ومعترف بها من قبل الإخوة العراقيين في مختلف المواقع - حكومة وبرلمانا وتيارات - فسورية تقدم ما يفوق طاقتها لضبط الحدود ومنع المتسللين وتقديم التعاون في المجال الاقتصادي وكل المجالات الأخرى، وسورية اعادت فتح سفارتها في بغداد بعد انقطاع طويل في عهد صدام حسين، وسورية تحرص على نزع فتيل الفتنة وإقامة حوار عراقي - عراقي يوصل إلى مصالحة حقيقية، لأن العراقيين عندما يلتقون هم الأقدر على حل مشاكلهم، وهذا فيه مصلحة لسورية كما للكويت والسعودية والأردن وتركيا وايران وكل دول الجوار، وفي هذا الأمر سورية ترى ضرورة الحرص على وحدة العراق أرضا وشعبا، واعتقد ان الامور بدأت تنجلي لدى أطياف كثيرة من القوى السياسية العراقية ونأمل أن تكون الخطوات أسرع تجاه مصالحة حقيقية في العراق وجدولة الانسحاب للقوات الأميركية في العراق. لنا رؤيتنا الخاصّةهناك اتهام لدمشق بأنها تميل لإيران أكثر من شقيقاتها العربيات في كثير من القضايا؟ سورية بالنسبة لها هي دولة في أساس مبادئها وسياستها وقيمها التكامل والعمل العربي المشترك، وقلبها وأرضها مفتوحتان للأشقاء العرب، وعلاقتها بايران فيها مصلحة لسورية وايران في الشأن الاقتصادي والسياسي، فكيف نلوم سورية على علاقتها بايران إذا كانت ايران تناصر القضية الفلسطينية، ونحن كعرب وليس كسوريين فقط لنا مصلحة في ذلك. لكن هنالك رؤى أخرى، ويعرف الاشقاء العرب بأن لسورية رؤيتها الخاصة بما يخص اوضاع كثيرة، فعندما يكون هناك مصالح غير مرعية فان سورية لا تجامل في هذا، ولكن بعض الكلام الذي تحاول قوى خارجية خاصة الادارة الاميركية، تحت غطاء المفاعل النووي، تحاول صرف الانظار عن امتلاك اسرائيل للسلاح النووي، والمنظمة الدولية ومحمد البرادعي يقولون ان ايران تتجه الى الطاقة السلمية، ونحن نؤكد مع الاشقاء العرب على ضرورة ان يحل هذا الملف بالطرق السلمية، وكون ايران لم تقل ابدا انها تريد ان تبني مفاعلا نوويا لصنع الاسلحة النووية، ومع ذلك نحن نقدر الهواجس والمخاوف لاشقائنا في الخليج من هذه المفاعلات وانعكاساتها البيئية وقد قالتها سورية بالفم الملآن للاخوة في ايران، وهم جاهزون - كما يقولون - وجادون في تقديم الاجوبة الشافية والضمانات، لذلك التهويل الذي تحاول بعض الاصوات في الادارة الاميركية الشحن من خلاله وقرع طبول الحرب في المنطقة تحت ذريعة الخطر النووي الايراني، أظن ان في الامر خلطا للحقائق او على الاقل مبالغة وصرف انظار عن الاخطار الحقيقية التي تشكل اسرائيل وعدوانها وخطرها رأس حربة بالنسبة للمنطقة كلها، وليس فقط للشعب الفلسطيني، فلا نستطيع ان نقرأ الامن لاي بلد الا في اطار متكامل وكل الامور يمكن ان تحل بالتشاور والتفاهم والمحادثات والمفاوضات وتوحيد الرؤى، لان في ذلك مصلحة عربية مشتركة. استقرار لبنان مصلحة لسوريةكيف تقيمون العلاقات السورية - اللبنانية في خضم الوضع الشائك والأحداث السائدة في لبنان حاليا؟ سورية ولبنان دولتان تتداخل بينهما وشائج النسب والجغرافيا، والخطر الذي يتهددهما واحد، وهو متمثل في اسرائيل، وسورية ترى في لبنان أكثر من بلد شقيق، تراه كبلد توأم تحرص على استقراره، لأن في ذلك مصلحة وتكاملا مع استقرارها وأمنها، فلبنان حدوده البرية سورية وهناك البحر اضافة إلى اسرائيل، وما تشكله من تهديد شبه يومي للأجواء والمياه اللبنانية، وما يعنيه ذلك من تهديد للبلدين معا. من هذا المنطلق ترى سورية في أمن لبنان واستقراره ووفاق الفرقاء فيه، مصلحة عليا لسورية، وهنا لا أريد أن أتوقف عند بعض المواقف والأقاويل التي تجافي المنطق ومصلحة البلدين والأمن العربي ككل، وذلك عندما يقال كلام لا يستند إلا إلى أحقاد احيانا، وأوهام في أحيان أخرى، وقد تكون مستعارة من جهات لها مصلحة في تأجيج الخلاف والانقسام في المنطقة. وسورية يعنيها ويهمها بل ويشكل هاجسا لها استقرار لبنان وأمنه ووفاق الإخوة فيه، للخروج من هذه الأزمة التي تعرفونها جيدا، وسورية كانت ولا تزال وستبقى مع ما يتفق عليه اللبنانيون وهي جاهزة لتقديم كل مساعدة ممكنة لتقريب وجهات النظر بين الإخوة في لبنان، إذا كان هناك من دور لها، لكن سورية لا تسمح لنفسها بأن تقوم بدور الإخوة اللبنانيين، والكلام الذي تسوقه مراكز اعلامية اميركية في المنطقة وخارجها بعيد عن الواقع والمنطق، فأمريكا واسرائيل لا تستطيعان أن تسوقا غيرتهما واهتمامهما بالمنطقة، خصوصا أميركا في ظل انحيازها الكامل للعدو الاسرائيلي وعدوانه المستمر. كيف ترون المبادرة التي يحملها الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى؟ لقد رحبت سورية بالمبادرة، بل إن سورية كانت من الدول الأساسية التي صاغت المبادرة وشاركت في مناقشتها، وأكدت دائما على ضرورة التعامل مع لبنان بمنطق متوازن، أي الفرقاء في لبنان يجب مراعاة مطالب الجميع، لأن لبنان مبني على هذا الموزاييك الصعب في العيش المشترك، وبالتالي أنت لا تستطيع أن تجعل أي مبادرة تنجح إذا لم تتعامل مع مطالب الفرقاء بمنطق متوازن، وهذا ما أكدته المبادرة ونرجو نجاحها برئاسة الأمين العام للجامعة العربية، ونرجو أن يصل الإخوة اللبنانيون فيما بينهم إلى قواسم مشتركة لا يكون فيها غالب أو مغلوب، ويكون الغالب الأساسي استقرار لبنان وأمنه واقتصاده وازدهاره، هذا ما تطمح إليه سورية وتعمل لأجله. قوى 14 آذار في لبنان قالت إن سورية حاولت من خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب، أن تحقق مكاسب لجهة المحكمة الدولية، كيف ترون ذلك؟ هذا الكلام لم يحدث، فنحن قرأنا مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب واستمعنا إلى المؤتمر الصحفي للأمين العام، وسورية فيما يخص استشهاد رفيق الحريري وكل العمليات الاجرامية اللاحقة التي استهدفت شخصيات مدنية وعسكرية ومواطنين عاديين، قالت بالفم الملآن إنها تريد الحقيقة من دون تسييس من قبل جهات خارجية وتجييرها لمصلحة العدوان الاسرائيلي أو أي جهة كانت، أما ما حدث من اعتداء وانتهاكات للسيادة اللبنانية وإزهاق لارواح بريئة في لبنان، فسورية مع كل الخطوات التي توصل إلى ضمان الأمن وكشف الحقائق كاملة، من دون اتهامات مسبقة وغير موثقة، لأن ذلك يؤجج المشكلة ولا يحلها وفيه ظلم للبنان قبل سورية. إن سورية حريصة على كشف الحقائق والإمساك بالمجرمين، لكن نحن نرى ما يحدث في العالم العربي ككل، فهناك جرائم تقع يوميا على سمع العالم وبصره ونجد غض الطرف بل المباركة لذلك، لا سيما ما يحدث في فلسطين المحتلة والعراق، وقد رأينا ما حدث في اجتماع مجلس الأمن في شأن غزة، وكيف وقفت أميركا عائقا امام أي قرار يدين اسرائيل ما أدى إلى فشل الاجتماع، بل إن أميركا اعتبرت ما تقوم به اسرائيل من قتل جماعي وتجويع وحصار، دفاعا عن النفس، إن مثل هذه السياسة كيف تجعلنا نصدق أن أميركا تبحث عن الحقيقة والعدالة والانصاف، والتاريخ علمنا أن العادل تصدقه في كل الامور، فمثلا عندما تأخذ سيرة رجل عظيم مثل عمر بن عبدالعزيز، فإنه إذا نُمي إليك قول له تكون مطمئنا إلى أن هذا القول لا يصدر إلا عن رجل يحترم الحق والعدل، أما رجل أو منظمة أو دولة لا يعرف عنها إلا الانحياز والظلم كيف ستقتنع بأنك إذا سلمت أمرك لها فستصل إلى العدالة أو الحق، لذلك نرجو من إخواننا في لبنان أن يكونوا جادين في موضوع كشف الحقائق من دون ضجيج أو شتائم أو اتهامات بلا أدلة، فالوصول إلى الحقيقة له طرق لذلك من تحقيق متوازن وشفاف وعادل. نصف الكأس المملوءفي خضم هذه الاحداث في المنطقة، كيف ترون حال الامة العربية؟ انا لا اميل الى التشاؤم لكن مقومات التفاؤل ايضا ليست كبيرة بكل اسف، ولكن لا تستطيع الا ان تقول بأن الخطر الذي يرتسم على الارض من انتهاكات وقتل في فلسطين وتهديد بأمور كثيرة، واغتيالات بالجملة في العراق والوضع في لبنان والسودان، كل هذا يستدعي حرصا ولقاءات وتعاونا وتفكيرا مشتركا بين الدول العربية الشقيقة بكل ما نستطيع، واظن ان ما نستطيعه ليس قليلا فاذا اتفق العرب يقوى الفلسطيني والعراقي واللبناني، كلنا نقوى ولدينا عقول ومفكرون وثروات فيجب الا نجلد انفسنا كثيرا والا نستسلم لحال الاحباط. لننظر الى نصف الكأس المملوء الى نقاط التلاقي، ونعمل على زيادتها وترسيخها في المقابل نحاول معالجة نقاط الخلاف بالمودة والاحترام، بذلك يمكن ان نتفاءل اكثر بتحقيق تعاون اكبر ونجاحات اكثر، ان شاء الله. العيد الوطني وعيد التحريرتقدم السفير علي عبدالكريم بالتهنئة للكويت بمناسبة عيدي التحرير والوطني وبمناسبة الذكرى الثانية لتولي سمو الأمير الشيخ صباح مقاليد الحكم، وقال: أنا أشعر انني في بلدي واعتز بعملي سفيرا لسورية، وهنا اعتبر نفسي سوريا وكويتيا ولم أشعر بالغربة أبدا بين إخوتي الكويتيين، ولدي صداقات في هذا البلد، وعندما أعود الى بلدي سأحمل صورا طيبة ومضيئة أعتز بها واحتفظ بها دائما من هذا البلد الشقيق. سورية تتعامل مع مواطنيها بالتساويسورية تتعامل مع جميع مواطنيها بمستوى واحد، لدرجة أظن معها ان نسبة غير قليلة من السوريين يفاجأون بمثل هذه الأسئلة، لأن سورية في كل تاريخها - حتى منصب الرئيس - لم يكن هناك انحياز لفئة دون أخرى أو تمييز، فالذين تسلموا مقاليد السلطة في سورية والذين أصبحوا، وزراء وقادة جيش، لا تصنيف لهم على الاطلاق، كلهم سوريون بامتياز، وكلهم عرب بامتياز، لكن الدخول في هذه الأمور أمر طارئ على المنطقة بكاملها خصوصا سورية، بل أنه في سورية أمر غريب أكثر منه طارئا.