في اللحظة الحرجة!

نشر في 14-07-2007
آخر تحديث 14-07-2007 | 00:00
 صالح القلاب

سيشدد الملك عبد الله في زيارته لواشنطن على أن الأولوية يجب أن تكون للقضية الفلسطينية، وأن الأميركيين يخطئون خطأً فادحاً، وأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً لخطئهم هذا، إن هم بقوا يصرون على أن هذه القضية غدت قضية ثانوية.

خلال أيام سيلتقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الرئيس الأميركي جورج بوش مجدداً ومن جديد، بعد زيارته الخاطفة إلى كندا التي بدأها الخميس الماضي، وسيكون التركيز كما في كل مرة على القضية الفلسطينية وعلى أساس أنه إذا لم يتخلَ الأميركيون عن سياساتهم المائعة وغير المنصفة تجاه الشرق الأوسط وعقدته المعقدة، فإن الإرهاب سيتعاظم وأن مصالحهم في هذه المنطقة، وهي مصالح حيوية، ستغرق أكثر مما هي غارقة الآن.

منذ بداية عهده والملك عبدالله الثاني يركز على أن الأولوية يجب أن تكون لحل القضية الفلسطينية، وهو ينطلق من أن هذه القضية تشكل لب الصراع في المنطقة وأنها كـ «البرْد» الذي هو سبب كل عِلَّة وأنه لا انتصار على الإرهاب، الذي بات يخبط خبطاً عشوائياً، إلا بحل هذه العقدة وعلى أساس حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة.

وكانت خشية الملك عبدالله، منذ كارثة الحادي عشر من سبتمبر العام 2001 وحتى الآن، هي أن تصبح للأميركيين أولويات أخرى غير هذه الأولوية، لذلك فإنه دأب على التحذير، وبخاصة في الآونة الأخيرة، من أن الوقت يمضي بسرعة وأنه إذا لم يُجترَحْ الحل المتوازن المعقول للقضية الفلسطينية فإن تعقيدات هذه القضية ستصبح عصيَّة على الحل وأن تهدئة الأوضاع المتفجرة في العراق ستغدو مستحيلة وأن الإرهاب سيدخل كل شارع وكل بيت في هذه المنطقة وفي العالم كله.

والآن وعندما يلتقي الملك عبدالله الثاني الرئيس بوش مجـدداً فإنه سيشدد، كما في كل مرة، على أن الأولوية يجب أن تكون للقضية الفلسطينية وأن الأميركيين يخطئون خطأً فادحاً وأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً لخطئهم هذا إن هم بقوا يصرون على أن هذه القضية غدت قضية ثانوية، وأن الاهتمام يجب أن يكون للوضع العراقي المتفاقم وللملف النووي الإيراني ولكل ما يتعلق بهاتين الأزمتين الضاغطتين.

سيكون هذا اللقاء بين العاهل الأردني والرئيس الأميركي من أهم اللقاءات، فالوضع في هذه المنطقة بلغ ذروة المأساوية والأيام المقبلة ستكون أكثر سواداً ودموية من الأيام الماضية والمأزق الفلسطيني، إن هو لم تجر معالجته المعالجة الجادة الصحيحة، فإن شرر نيرانه لن يبق مقتصراً على الضفة الغربية وغزة، وأن «القاعدة» التي أوجدت لها موطىء قدم في الأراضي الفلسطينية ستحول هذه الأراضي الى أفغانستان ثانية وإلى عراق آخر، وهذه كارثة ستحل ليس بالفلسطينيين والعرب وحدهم، وإنما بالعالم كله.

سيحث العاهل الأردني الرئيس الأميركي جورج بوش على التخلي عن التردد السابق والإسراع في إسناد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وسيؤكد على أن أكبر إسناد لهذا الرجل، الذي يقف الآن في الممر الضيق، هو بالضغط على الإسرائيليين لكي يقدموا له شيئاً يواجه به شعبه، فالمواقف الإسرائيلية العدمية والتسويفية هي التي أوصلت الوضع الفلسطيني إلى ما وصل إليه، وهي التي مكَّنت حركة «حماس» مــن أن تنتصر على السلطة الوطنية وتقيم دويلة على غرار دويلة «طالبان» في غزة.

سيحاول الملك عبدالله الثاني، الذي يتسلح بمواقف «المعتدلين العرب» الواقعية وبسياسات الاتحاد الأوروبي المتفهمة والداعمة، إقناع الرئيس بوش بأن الوقت يمضي بسرعة وأنه إذا لم يجر تدارك الوضع الفلسطيني، فإن أوضاع العراق السيئة ستزداد سوءاً، وأن القبضة الإيرانية الحديدية ستطرق كل أبواب دول الشرق الأوسط، وأن تحوُّل إيران إلى دولة نووية تفرض نفسها على هذه المنطقة المهمة والحيوية بالنسبة للمصالح الأميركية والمصالح الغربية عموماً، سيصبح بمنزلة تحصيل حاصل... إنها زيارة في اللحظة الحرجة!

 

كاتب وسياسي أردني

back to top