اشمعنى القبائل؟!

نشر في 01-04-2008
آخر تحديث 01-04-2008 | 00:00
 حمد نايف العنزي

الهدف الرئيسي من فرعيات القبائل هو ضمان الحصول على «كبير» سياسي، عن طريق وصول نائب أو عدة نواب يمثلون القبيلة، فهل للقبيلة توجهات أو برامج سياسية أو نظرة مستقبلية أو أهداف انتخابية «وطنية»؟!

مقالي السابق كان عن الانتخابات الفرعية للقبائل، وقد عارضه بشدة بعض القراء والأصدقاء والمعارف، حتى أن صديقا لي من المتحمسين لهذه الفرعيات، كان قد وعدني بعشاء فاخر مساء الخميس بأحد المطاعم الفاخرة، نرفزه المقال فهون عن العزومة و«طنشني» ولم يرد على اتصالاتي المتكررة، مما جعلني مرغما «أقزرها بسندويشتين شاورما»!

لا بأس، فكله يهون في سبيل الوطن، أما النقطة التي ارتكز عليها معارضو المقال، أو السؤال الذي سألوه هو «اشمعنى القبائل»؟! ولماذا لم يتم الحديث عن باقي التكتلات والتجمعات و«الأحزاب» التي زكت مرشحيها؟! فهذه مثل تلك و«لا شاطرين بس على القبائل وفرعياتها»؟!

يا سادتي الغاضبين والعاتبين، دعونا نستعرض الوضع بحيادية وبصراحة، ودعوني أسألكم بالله أولا، ما وجه الشبه بين الاثنين؟!

ما فعلته التكتلات والتجمعات السياسية أمر طبيعي، يحدث في كل البلاد الديموقراطية، ولعلكم تتابعون حاليا ما يحدث في الولايات المتحدة، من تنافس محموم بين «أوباما» و«هيلاري» وهما مرشحا حزب واحد هو الحزب الديموقراطي، وقد بلغ سيل الاتهامات بينهما حداً كبيرا، رغم أنهما يرفعان نفس الشعار والمبادئ العامة للحزب، لكنهما يختلفان قليلا في البرامج والرؤى السياسية وكيفية تنفيذها وتطبيقها، وفي الكويت تتجمع التكتلات والتجمعات لترى الأصلح بين منتسبيها، كل حسب تاريخه السياسي وأطروحاته وبرامجه التي تتفق مع توجهات هذا التجمع أو ذاك، ولا يجمع بين هؤلاء صلة قرابة أو نسب فهم ليسوا من قبيلة أو عائلة واحدة، بل تجمعهم النظرة المتقاربة والرأي المتشابة والتوجه الواحد، أما فرعيات القبائل أو «تشاورياتها» فمختلفة تماما، وهي تقوم في الأساس على فكرة «اللي مالوش كبير يشتري له كبير»، فالهدف الرئيسي منها هو ضمان الحصول على «كبير» سياسي، عن طريق وصول نائب أو عدة نواب يمثلون القبيلة، فهل للقبيلة توجهات أو برامج سياسية أو نظرة مستقبلية أو أهداف انتخابية «وطنية»؟!

لا طبعا، فكل الغاية من الوصول إلى البرلمان، هو أن يكون نائب القبيلة -رعاه الله- أداة الوصل بين القبيلة والحكومة، وذلك لكي «يبدع» في تخليص معاملات أبناء القبيلة، وتعيينهم في الوظائف المرغوبة جدا، من النوع المفضل عند الجميع وهو (الأكل والمرعى وقلة الصنعة)، حين تمر الشهور تلو الشهور و«الحبيب» نائم في بيته، يستلم راتبه آخر الشهر كاملا غير منقوص بفضل جهود النائب «الهمام» الذي يحرص بالإضافة الى مهماتة المذكورة أعلاه، على وضع أبناء القبيلة في المقدمة دائما في كليات ضباط الجيش والشرطة والعلاج في الخارج والبعثات العلمية، وكل هذا طبعا على حساب المواطن البسيط الذي لا ظهر له ولا «بطن»!

وقد يحتج بعضهم ولهم الحق في احتجاجهم، بأن الدولة هي التي جعلت المواطن يلجأ إلى القبيلة، بعد أن يئس من نيل حقوقه المستحقة بلا واسطة، فبعض المسؤولين الحكوميين، يسوقون على المواطن الذي يأتيهم بلا «توصية»، كل فنون «العبط والاستعباط» ويضعون العراقيل في طريقه، فيما تمرر معاملات بعض النواب بلا تعقيد ومن دون استكمال الشروط، ويبدو أن الحكومة تشجع استمرار الوضع هكذا، بوجود هؤلاء النواب «المخلصجية»، لضمان أكبر عدد من الأصوات عند التصويت على مشاريع القوانين، من خلال تبادل المصالح بينها وبينهم وفق خطة «يا بخت من نفََع واستنفع»!

لكن إصلاح الخطأ أيها السادة لا يكون بزيادته، فكون القبيلة الفلانية أمورها «ماشية» بوساطة نوابها لا يعني أن نعمل عملهم، بل يجب أن نحارب الظاهرة ونقضي عليها، فليس صحيحا أن «حشراً مع الناس عيد» دائما، ومن غير المعقول أن أصبح مهملا لأن باقي الموظفين مهملون، وأن أتحول لصا لأن أكثر الناس لصوص، وأن آخذ رشوة لأن أصدقائي يرتشون، وأن يكون هدفي من الانتخابات الحصول على واسطة لأن الجميع يفعلون»!

أتعلمون ما المشكلة ؟!

إننا نشارك في الفساد من دون أن نشعر، وما لم أتحرك أنا وتتحرك أنت، سيبقى الوضع على ما هو عليه، وسيزيد عدد النواب الفاسدين وستتحول وظيفة النائب من مشرع للقوانين الى «مخلصجي» للمعاملات، ومن ممثل للشعب كل الشعب الى مندوب للقبيلة، ومن جالب للمنفعة العامة الى باحث عن المنفعة الخاصة، وسنخسر جميعا بمرور الأيام، مواطنين ونواباً وحكومة... ووطناً!

back to top