ماذا تعني سيطرة الإخوان على فلسطين؟ 1 من 2

نشر في 06-02-2008
آخر تحديث 06-02-2008 | 00:00
 د. مأمون فندي

كانت ولاتزال إسرائيل تحتل فلسطين «الأرض»، بينما فلسطين «بمعناها الرمزي» بقيت حكراً على القوميين العرب إلى أن وصلت حركة «حماس» إلى السلطة. بوصول «حماس»، التي لا يغفل أحد عن أنها جماعة الإخوان المسلمين-فرع فلسطين، تغيرت مفردات الحديث عن القضية الرمز من مفردات قومية عروبية إلى مفردات إخوانية دينية. وأصبح الصراع اليوم صراعاً على من يحتل فلسطين الرمز، هل الإخوان ممثلون بـ«حماس» أم القوميون ممثلون بـ«فتح»؟ وأصبح الصراع لأجل تحرير فلسطين «الأرض» في مرتبة ثانية بعد الصراع على تحرير فلسطين «الرمز» من القوميين العرب، ووضع قدس أقداس السياسة العربية في يد الإخوان المسلمين.

ترى ماذا يعني أن يحتل الإخوان المسلمون فلسطين الرمز، بالنسبة للقضية الفلسطينية نفسها، وبالنسبة للمنطقة بأكملها؟

خمسون عاماً مرت، والشعوب العربية تحشد وراء شعار «قومجي» هو «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». شعار يستخدم الخارج لحماية الداخل، أي أن مهمة الخطاب «القومجي» الأساسية كانت تصدير مشاكل الداخل إلى الخارج. خمسون عاماً، والحكومات العربية مبتزة أيضاً من بعض القيادات الفلسطينية التي كانت تصدر إليهم مأساة الفلسطينيين في الاتجاه المعاكس بقصد تهييج شعوبهم. كان التهييج وقتئذ «قومجياً». أما اليوم، وبعد أن احتل الإخوان المسلمون جزءاً كبيراً من فلسطين «الرمز»، أصبح التهييج إسلاموياً، واختلط الداخل بالخارج، ذلك لأن بنية خطاب الإخوان الفكرية لا تقوم على فصل الداخل عن الخارج، فهي إيديولوجية تحلّق فوق الدولة... ألم يقل المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر المحروسة، إنه لا مشكلة لديه في أن يحكم مصر ماليزي مسلم، ولا أن يحكمها مصري قبطي!! كما أن سيطرة الإخوان على فلسطين الرمز يعني تديين القضية، وهنا تكمن الخطورة.

للإخوان المسلمين أدواتهم الإعلامية العابرة للحدود، من صحف وقنوات فضائية تمكّنت من عقول الملايين في العالم العربي بأسره. إعلام موجه ومدروس يكفر ويخون من يختلف معه، إعلام تجرّأ ليكون طرفاً في القضية الفلسطينية نفسها.

«إنها قناة الإخوان المسلمين». هكذا قال محمد دحلان «الفتحاوي» القوي، واصفاً إحدى الفضائيات العربية، الفضائية نفسها تروج منذ الآن لمهدي عاكف وجماعته على حساب الدولة المصرية، وللبيانوني وحزبه على حساب الدولة السورية، ولإخوان الجزائر على حساب الدولة الجزائرية... وإذا ما شاهدت برنامجاً حوارياً يقدّم على شاشتها من قبل إعلامي غير مسلم لأدهشتك استماتته في الدفاع عن الإخوان المسلمين، ولظننت أنه في نهاية البرنامج سينطق بالشهادتين.

تديين القضية الفلسطينية خطير، فهو، أولاً، يجعل للماليزي المسلم حقاً في فلسطين أكبر من حق الفلسطيني المسيحي، كذلك ينقلها من صراع على الأرض قابل للحل، إلى صراع ديني لا يقبل حلاً إلا بعد خراب المنطقة بأكملها. هذا الخراب بدأ في الداخل الفلسطيني من خلال إرهاصات حرب أهلية فلسطينية. أما على المستوى الإقليمي، فسأوضح في مقالي القادم أبعاد خطر تديين القضية الفلسطينية على بلد مهم في العالم العربي هو، مصر.

* مدير برنامج الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية-IISS

back to top