عقدة نقص..!

نشر في 18-07-2007
آخر تحديث 18-07-2007 | 00:00
 نايف الأزيمع في منتصف الستينيات، كنا أول بعثة طلابية كويتية تصل إلى باريس... وكوننا أول من يبتعث إلى فرنسا، فيحق لنا أن ندعي بأننا كنا الرواد... وكانت رفقة جميلة في ذلك الزمن الجميل...

أذكر، في أواخر الستينيات من القرن الماضي، كنا ثلة من الطلبة المبتعثين للدراسة الجامعية، ومعنا باقة من طلاب الدراسات العليا الذين لحقوا بنا... كانت مجموعة رائعة من مختلف التخصصات، والأعمار، والتوجهات... توزعت على امتداد الخارطة الفرنسية...

وذات يوم، وفي سفارتنا في باريس، كان بعض من هذا الخليط الطلابي متواجدا كالعادة بعد ظهر كل يوم... يومها كان سفير دولة الكويت الأستاذ سعيد شماس، وكان القائم بالأعمال، الفنان الشاعر قاسم الياقوت، وكان المستشار الثقافي المرحوم محمد الشابي...

يومها، كنا خمسة في مكتب المستشار نتجاذب أطراف الحديث، وإذا بمواطن كويتي يدخل علينا فجأة، وهو ممتعض، وحانق، وثائر... تلقفته أولاً كون سمته البدوية ظاهرة، ولهجته القبلية صارخة... قلت له: هون عليك يا أخي، فأنت الآن في بيتك وبين أهلك وإخوانك... قل لنا ما خطبك؟! وما مشكلتك؟!

فزمجر محتداً... لا... لا... ليس هذا بيتي، وليس هؤلاء إخواني، ولا أولئك بأهلي! وحينها، دلف إلى المكتب قاسم الياقوت ليقول لنا إن الاخ قد أضاع جواز سفره، وبطاقة رحلته، ونقوده، ليلة البارحة... والأدهى أنه دخل فرنسا من دون تأشيرة سفر ولاختم دخول...! وقد تم إبلاغ وزارة الخارجية بالكويت وننتظر التعليمات والتي وصلت لاحقاً...

سألناه عن اسمه فأجاب بأنه يدعى «جليعيد... العتيبي» وأنه عبر القارة الأوروبية بالقطار من دون أن يسأله أحد، «كان ذلك قبل 11 سبتمبر، ومسلسل الإرهاب!».

ولماذا أنت زعلان ياعزيزنا؟! قال، طبعاً زعلان ونص... هذه ليست سفارة الكويت... السفير اسمه سعيد، والقائم بالأعمال اسمه قاسم...! حنا عندنا بالكويت نسمي جاسم، بس «هذولا تمدنوا» هذاك صار سعيد، وهذا صار قاسم... «علي الطلاق ذي ماهي بسفارة الكويت!!».

تذكرت هذه الحكاية، يوم قرأت «ردحة» النائب سعدون العتيبي في مجلس الأمة الأسبوع الماضي... ولسعدون حكايات وطرائف كثيرة يعرفها أهل الكويت، ويتندرون بها... ولن أتحدث عن استجوابه المزمع للنائب الأول وزير الداخلية والدفاع، فذاك حق دستوري لكل نائب... وإن كانت دوافع مثل هذا الاستجواب ظاهرة للعيان، وتكاد تفضح - بل هي فضحت - من هو المتحكم بأزرار الريموت كونترول؟! النائب سعدون، وصل حداً من عدم اللياقة لينعت رجلاً فاضلاً، وقامة كويتية شامخة مثل العم المرحوم جاسم الصقر بأنه غير اسمه من قاسم الى جاسم..! ويتخذ من هذا الادعاء السخيف سبيلاً للنيل من تاريخ الرجل الكبير، وأسرته العريقة، والكويت.

يحدث هذا في قاعة مجلس الأمة عام 2007... وجليعيد العتيبي يتبرم من اسم قاسم ويتهم الشاعر الفنان السفير قاسم الياقوت بأنه قد بدل اسمه من جاسم إلى قاسم!

وهو بذلك أراد النيل من السفير، والسفارة، والوطن... وحدث ذلك في سفارة دولة الكويت في باريس في سنة 1969... هل هي مصادفة؟! أم تراه مجرد توارد خواطر؟! ويبقى السؤال الأهم، هل النيل من رجالات الكويت، وعائلاتها مجرد هذيان للبعض المتهور؟! أم أنه نتيجة عقدة نقص، وتعبير عن الشعور بالدونية؟! أم، وهذا هو الأخطر، هل هو حصيلة تعليم جاهلي، ونتاج تربية خاطئة؟!

back to top