درس من فرنسا في المواطنة الدستورية

يعني انه في المجتمعات الديموقراطية الحقة لا فرق بين مواطن ومواطن الا بالعمل والكفاءة واحترام القانون، فكل المواطنين أحرار متساوون في الحقوق والواجبات. وحتى لو كانت لدى أحدهم نزعة عنصرية، فالقانون يجرم أن تكون أساساً للسلوك أو التصرف. وفي أحسن الاحوال بالنسبة للعنصريين فإن أفكارهم تبقى حبيسة قلوبهم. وهو درس لنا في الكويت لو تعلمون عظيم.فالكويت كما هو معروف بلد حديث النشأة نسبيا تكوّن في الغالب من هجرات قادمة بشكل أساسي من دول الجوار الكبرى، السعودية وإيران والعراق، لعدة أسباب، قليل منها سياسي، وأغلبها اقتصادي، خصوصاً بعد اكتشاف النفط منذ خمسينيات القرن الماضي. ولم يصدر قانون للتجنيس الا في عام 1959، وصدر بعد ذلك الدستور الكويتي عام 1962، الذي وضع أساساً للمواطنة الدستورية في مادته السابعة والعشرين.وقد مرت على الكويت أحداث جسام من المفروض انها قد ألغت هذا التمايز في (أقدمية) وصول اجدادنا كمهاجرين، كان ابلغها الغزو الصدامي الذي ألغى الدولة، فتضامن الكويتيون كلهم موحدين رغم اصولهم وطوائفهم المختلفة ومتفقين على اعادة دولة القانون والمواطنة الدستورية وتأسست في اعتقادي بعد مؤتمر جدة وبعد تحرير الدولة الكويتية الجديدة، التي ألغي بناء عليها التمايز في اولوية وصول الاجداد مهاجرين، وحل محلها، او من المفروض ان يكون قد حل محلها، التمايز حسب الجهد والعمل والكفاءة.ولكن الممارسة العملية وسلوك البعض في الكويت يتنافى مع ذلك، فعلى الرغم من قلة عددنا ككويتيين وحاجتنا إلى التكاتف في ظل الأوضاع الاقليمية المضطربة، فإن البعض يتعامل مع المواطنين الاحرار المتساوين دستوريا على حسب أصولهم وطوائفهم على الرغم من تهافت هذا القياس وسخافة حججه. فضلاً عن النظرة العنصرية المتعالية واللمز اللفظي العنصري، الذي يهذر به البعض، فان بعض القرارات الادارية في بعض اجهزة الدولة المختلفة تستند للأسف إلى المعايير العنصرية ... وهي معايير لا ينتج عنها إلا الدمار المجتمعي والتفرقة بين الكويتيين المتساوين دستورياً في الحقوق والواجبات.