خطايانا بلا ثمن!

نشر في 12-09-2007
آخر تحديث 12-09-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

محتوى العمل لا يزيد سوءاً على أعمال كويتية دأبت شاشاتنا العربية على تقديمها منذ فترة، ومنها ما يظهر الأسرة كمجموعة منحرفين ومدمنين، وتشجع على سلوكيات غريبة أكثر من محاربتها، وتنتهي عادة بمسرحيات هابطة تقدم في موسم العيد بعد ذلك.

سحب مركز تلفزيون الشرق الأوسط مسلسل «للخطايا ثمن» من خريطة برامجه لهذا العام بعد أن أقام الدنيا ولم يقعدها طوال الأسبوع، ودفع النواب إلى استدعاء وزير الإعلام اليوم باجتماع للجنة التعليمية ليقفوا على مسؤوليته السياسية، ودور وزارته في معالجة الأزمة، رغم أن المنتج هو من ألغى العمل من دون أن يكون للوزير وطاقمه أي دور.

الموضوع-الأزمة يكمن في تطرق العمل إلى قضية زواج المتعة وكيف يساء استخدامه، ولأننا نعيش في مجتمع لا يقبل بالحوار العقلاني وله عاطفة مذهبية أكثر منها دينية، وكذلك حساسية مفرطة تجاه الجنس، جاءت نتيجة هذه الخلطة أن نُبش العمل من زاوية فقهية خلافية بين مؤيد ومعارض، وراحوا يناقشون القضية محل الخلاف وليس العمل ذاته، فأدلى رجال دين وساسة وشخصيات عامة برأيهم وقيّموا عملاً لم يُعرض، لاحظوا جيداً أنهم رجال دين وساسة وليسوا نقاداً، لكنهم مع ذلك قرروا أن العمل يجب أن يمنع قبل مشاهدته.

خطورة أزمة «الخطايا» ليست متعلقة بباحث عن شهرة وجد ضالته في قضية خلافية، وليست بشأن جدل حول الرقابة، لكنها مرتبطة برجل دين ترك مسجده ودروس وعظه وسياسي ترك عمله ليلاحقا معاً ممثلاً مبتذلاً وكاتب قصة ساذجة ومنتجاً يحاول أن يرشنا يومياً بما لديه من أمراض نفسية وعقد اجتماعية، بداعي رغبته بعلاج «مشاكلنا الواقعية».

مجتمعنا ليس هشاً، لكن «الخطايا» نتاج لتداخل أجندات مذهبية وسياسية وصراع تقليدي بين أكثر من فريق ومعسكر، كما جاءت بوقت تتصارع فيه القنوات الفضائية على استقطاب أعلى نسبة مشاهدة مهما كلفها ذلك، فمحتوى العمل لا يزيد سوءاً عن أعمال كويتية دأبت شاشاتنا العربية على تقديمها منذ فترة، ومنها ما يظهر الأسرة كمجموعة منحرفين ومدمنين، تشجع على سلوكيات غريبة أكثر من محاربتها، وتنتهي عادة بمسرحيات هابطة تقدم في موسم العيد بعد ذلك.

أختم بأن «الخطايا» التي ارتكبناها ونحن نتعاطى مع أزمة المسلسل الرمضاني أكبر من جرم العاملين فيه، فنحن تناسينا أن محتوى الحلقات محل التحفظ «سُرِّب» إلى مواقع إلكترونية محددة، ومنها انطلقت الشرارة، ولم نتساءل عمن سرب قدر تساؤلنا عن مشروعية زواج المتعة والمسيار، وتغافلنا عن حق المتضرر في اللجوء إلى القضاء إذا تعرض للمساس.

back to top