تفاءلوا... الكويت جميلة

نشر في 07-03-2008
آخر تحديث 07-03-2008 | 00:00
 إيمان علي البداح

من أهم منابع «جاذبية» أبو قتيبة تفاؤله الأصيل الذي رغم رومانسيته أحياناً يبقى مزروعاً في أرض الواقع. فقد كرّس خبرته وقراءاته وتجاربه الشخصية ليؤكد للكل أنه كلما اشتدت الأزمة انفرجت، وأنه لا ربيع من دون برد وعواصف الشتاء العاتية، وأن هنالك فجراً بعد كل ليل.

رحل فارس الكلمة.. وصاحب الهرم المقلوب.. والسياسي المشاغب الدكتور أحمد الربعي وعلى وجهه الابتسامة ونظرة التفاؤل نفساهما اللتان عرفه بهما القريب والبعيد... منذ طفولته السياسية وهو يختبر وسائل التغيير والإصلاح كافة. حاول «التغيير الجذري» وعوقب عليه، عمل على التغيير من الخارج وانخرط في العمل البرلماني وهوجم، جرّب العمل من الداخل وتحمل مسؤولية أصعب وزارة ولم يدعم .. ورغم ذلك كله حافظ على ابتسامته وتفاؤله.

لم يقفل باباً للحوار قط ، بل انتُقد على استعداده للنقاش والتفاوض مع الكل وفي الظروف كلها. فلم يسمح للقيود الاجتماعية والأعراف البالية أن تحد من طموحاته وأحلامه. أعطى الصغير قبل الكبير أذناً مصغية وانتباهاً متناهياً ونزل وارتفع بمستوى النقاش حسب مستوى نظيره، فكسب إعجاب أعدائه قبل أصدقائه.

تعامل مع طلبته كأنداد، احترم عقولهم وأجبرهم على تحدي أنفسهم ليبلغوا أقصى إمكاناتهم ويخرجوا بعقولهم خارج القيود التقليدية الجامدة. شجع أعداءه قبل حلفائه على التفكير النقدي والموضوعي ليتمكن معهم للوصول إلى حلول وأرضيات مشتركة لمعرفته بأن المنطق لغة العقلاء ولإيمانه بأن الكل فيه خير وأن الكل يرغب في النجاح ويحلم بما هو أفضل له ولوطنه.

تميز بخلطة نادرة من الدبلوماسية والشجاعة. ففي موقف نراه يتخذ موقفاً علنياً مخالفاً بشكل صارخ لرأي الأغلبية، وكأنه يتحدى المجتمع ككل للتفكير «خارج الصندوق»، وفي أحيان أخرى يختار موقفاً وسطياً ودبلوماسياً انتقدته عليه القوى التقدمية وجماعته السياسية. ومع ذلك حافظ على «شعرة معاوية» مع الكل.

انتقدنا أبو قتيبة واختلفنا معه في الكثير، وعملنا معه وساندناه في أكثر، كان خصماً وحليفاً مشاغباً ومتعباً، ولكنه دوما كان صديقاً ونداً نادراً تحترمه مهما بلغت درجة اختلافك معه.

لعل من أهم منابع «جاذبية» أبو قتيبة هو تفاؤله الأصيل الذي رغم رومانسيته أحياناً يبقى مزروعاً في أرض الواقع. فقد كرّس خبرته وقراءاته وتجاربه الشخصية ليؤكد للكل أنه كلما اشتدت الأزمة انفرجت، وأنه لا ربيع من دون برد وعواصف الشتاء العاتية، وأن هنالك فجراً بعد كل ليل.

رحل أحمد الربعي لمكان أفضل بإذن الله، ولكن تبقى معنا روحه المرحة المشاغبة تدفعنا لمزيد من العطاء والعمل، وسيبقى حياً بيننا طالما حافظنا على جملته الشهيرة «تفاءلوا يا جماعة.. فالكويت جميلة»!

back to top