لغة الإنترنت والمحمول... ملجأ الشباب المصري
يعتبر شباب هذا العصر الرابح الأول من هذه الثورة الالكترونية بعدما استطاعوا توظيف هذه التكنولوجيا في خلق لغة خاصة للتحاور في ما بينهم تختلف عن لغة الشباب في عقود مضت وتتباين من فئة إلى أخرى، ذلك أن الرموز والمصطلحات والاختصارات التي ابتدعها الشباب بشكل دقيق تهدف إلى إخفاء أسرارهم عن المتطفلين والتعبير عن أفكارهم وآرائهم في الجوانب الحياتية المختلفة بطريقتهم الخاصة.
نجد في الإنترنت رموزًا ومصطلحات تستخدم في وسائل البريد الإلكتروني email وأخرى أكثر انتشارًا في مجال الحديث عبر الدردشة الالكترونية (من خلال بعض المواقع البريدية الإلكترونية مثل MSN والذي يعرف بالماسينجر وكذلك من خلال برنامج المحادثة الفورية في ICQ والذي يعني «إنني أبحث عنك»، لسهولة استخدامها ولمواكبتها موضة العصر بالإضافة إلى القبول الواسع من فئة الشباب الباحث عن الإثارة والتجديد. واللافت أن هذه الوسائل قليلة التكلفة المادية إذ تؤدي الرسائل عبر الانترنيت أو المحمول مثلاً وظيفة المكالمات الهاتفية الباهظة نفسها، ناهيك عن أن مستخدمها يمكنه بعث رسالة واحدة إلى كل أصدقائه ومعارفه بأقل تكلفة وجهد.ثورة شبابيةتعتبر رسائل المحمول إحدى إفرازات الثورة التكنولوجية الحديثة والأكثر استخداماً لدى الشباب، إنطلقت من مجال الكمبيوتر والاتصال بنظام الإنترنت.عن الرموز والأشكال والأرقام المستخدمة في هذا المجال يقول خبير الإنترنت هيثم فؤاد إن أول ظهور لهذه الرسائل جاء من خلال استخدام الشباب لبرنامج «chat» على الإنترنت الذي يتيح المحادثة والدردشة بين مجموعة من الأشخاص في مناطق مختلفة من العالم: «عادة ما يستخدم المتحدثون لغة خاصة لا تخضع إلى قواعد أو قوانين لغوية بل تعتمد على السرعة في تبادل الأحاديث في ما بينهم. وترتكز هذه اللغة على ثلاثة محاور رئيسة للتعامل تتمثّل في الاختصارات، الأشكال، التحوير. يبدأ التعارف بين الأشخاص المجهولين في دردشتهم ضمن برنامج الـ»chat» بأن يرسل أحدهم «asl» وهي رسالة مختصرة يقصد بها معرفة العمر والجنس والبلد للطرف الآخر. يعتبر هذا الاختصار الأكثر شيوعًا واستخدامًا في هذا المجال، كما أن ثمة بعض الاختصارات مثل الشكل «(:» الذي يعني التعبير عن السعادة واختصارًا لكلمة «أنا سعيد أو I>m happy» أمّا كلمة «أنا حزين أو I’m sad» فيعبر عنها بالشكل «C» بالإضافة إلى اختصارات كثيرة مثل: How-R-U» تعني كيف حالك باللغة الإنكليزية «How are you» وكذلك كلمة whnوwhr وتعني متى وكيف وغيرها من الرموز التي بدأت في مجال الإنترنت، ثم انتقلت إلى الهواتف الخليوية.يشير فؤاد إلى أن هذه الرسائل وجدت اهتماماً كبيراً لدى الشباب وتم استخدامها في بريد الهاتف المحمول الذي لا يتيح استخدام عبارات أو جمل مكتملة بل بعض الحروف والاختصارات التي تؤدي الغرض نفسه ويمكن إرسالها في رسالة واحدة.دلالات ورموزمن ناحيته يرى المهندس حسين عبد القادر (خبير الحاسب الآلي والاتصال) أن ثمة شكلاً آخر من أشكال الاختصارات وهو «التحوير» الذي يعتمد على استبدال بعض الحروف بأرقام مختلفة مثلما يحصل في الموقع المسمى «6arab» وهو يعني «طرب» أي تم استخدام الرقم (6) بدلاً من الحرف (ط) أو «T»، كذلك استبدال الحرف «ع» بالرقم كما يحصل في الموقع dala3 وهو يعني «دلع» مشيرًا إلى أن هذه الأشكال والتحويرات كانت أكثر انتشارًا بين الشباب على الإنترنت وانتقلت تدريجيًا إلى لغة المحمول وأصبحت أكثر سهولة من الأرقام في المقام الأول. كذلك، ثمة بعض النماذج لهذه الرسائل التي كانت تستخدم في مجال الدردشة مثل «iluv.u» و»ba7ebek»، حيث يمكن ملاحظة أن الشكل الأول يعتمد على الرموز بينما يركز الشكل الثاني على الاختصارات. وعن استخدام هذه النوعية من الرسائل يقول طارق حسين (20 عامًا) إنه خلال دخوله إلى عالم الإنترنت والـ»chat» لاحظ وجود عبارات ورموز غريبة عنه لم يتمكن من فهم مدلولها.يوضح في هذا المجال: «بمساعدة أحد الأصدقاء المتمرسين بهذه الرسائل اتضح لي ما تعنيه هذه الرموز فشعرت بمتعة كبيرة في استخدامها عبر التخاطب مع أصدقائي واكتشفت سهولة استخدامها في مجال رسائل المحمول لأنها تعبر عمّا أريد في رسالة واحدة من خلال رموز مختصرة. أمّا نهى عبدالمنعم (23 عامًا، طالبة جامعية)، فتقول: «استقبلت إحدى الرسائل من صديقتي وكانت عبارة عن رموز وأرقام مبهمة لم أستطع فهمها وعندما عرضتها على إحدى صديقاتي فسّرت لي مضمون الرسالة وما تعبر عنه هذه الرموز والمصطلحات والأشكال، أعجبت بهذه اللغة الجديدة وصرت أستخدمها كثيرًا في رسائل المحمول باعتبارها لغة حديثة ومتطورة، فضلاً عن أنها تميز الشباب وتعبر عن فكرة خاصة وتتيح لمستخدمها السرية بمنأى عن المتطفلين، لذا سجلت أسماء كل أصدقائي وصديقاتي بهذه اللغة كي لا يستطيع أحد قراءتها.