كيف نتصرّف مع الذين يستشيطون غضبًا؟

نشر في 26-12-2007 | 00:00
آخر تحديث 26-12-2007 | 00:00

من منا لم يجد نفسه يومًا في حضرة شخص يطلق العنان لغضبه فيشتعل غيظًا وتستعر نار غضبه فتعميه وتصمّه وتجتاحه عاصفة تكاد تجرف معها الأخضر واليابس. ما السلوك الذي ينبغي اتباعه مع هؤلاء الأشخاص الذين يستشيطون غيظاً وهل من طريقة للتخفيف عنهم ومساعدتهم على استعادة هدوئهم؟

الغضب شعلة من النار تنفث لهيبها بين الناس وتتوغل في الحياة العائلية والزوجية والعملية فتفسدها وتكاد تهدمها، لكن الغضب الذي نحن بصدده في هذا المجال ليس الذي يتجلى بنوبات بسيطة لا تدوم طويلاً ولا تترك آثاراً سلبية ولا الغضب الإيجابي الذي يستطيع بواسطته المرء التنفيس عما يقضّ مضجعه ويشغل باله، بل الغضب المرضي الذي يفقد المرء صوابه فيعمي بصره وبصيرته ويحجب عنه النور ويظل يستبد به حتى تثور ثائرته على حين غرة لدرجة أنه يصبح عاجزاً عن السيطرة على أعصابه.

تراكم الأحداث

لا تندلع ثورة الغضب فجأة ومن دون أي إنذار مسبق كما يميل بعض الناس إلى الاعتقاد، بل تأتي نتيجة تراكم بعض الأحداث الأليمة والمشاعر المكبوتة التي تتحين الفرصة المناسبة لتنفجر متى طفح الكيل وأقفلت جميع الأبواب. يؤكد علماء النفس أن نوبات الغضب تمتّ بصلة وثيقة إلى المشاعر التي تنتاب القلب والأفكار وتساور العقل والهرمونات التي تسيّر الدماغ. يمكن الاستشهاد هنا بمثل الموظف الذي نال عدة تأنيبات من رئيسه في الصباح وما كاد يدخل منزله حتى بدأت زوجته تتذمر وتشكو باستمرار فثارت ثائرته وأخذت الحيرة من أفراد أسرته كل مأخذ.

يستسلم الإنسان للغضب عادة بعد فشل المحاولات الآيلة إلى تجنبه بروية وتعقل ويفقد القدرة على التركيز ويشعر أن ليس في اليد حيلة. لكن هل بإمكان الطرف الآخر التخفيف عن الشخص الغاضب وهو في أوج غضبه؟ هل يفضل أن يلوذ بالفرار أو أن يواجهه بالمثل فيكشر عن أنيابه ويخرج مخالبه كحيوان مسعور؟ لا هذا ولا ذاك، ينصح علماء النفس بالابتعاد عن كلا السلوكين والتقيد بالنصائح التالية متخلياً عن أساليب العنف والقوة.

تفاعل

من غير المستحب أن يلتزم الطرف الآخر الصمت التام، فلا يحرك ساكنًا بل يبقى مكتوف اليدين إذ يقضي دوره بالتفاعل مع هذا الشخص الواقف أمامه الذي يكاد يصاب بنوبة قلبية من شدة الغضب، لا شك في أنه يتحمل جزءاً كبيراً من العواقب في حال وصلت الأمور إلى طريق مسدود وتطورت الأحداث سلبيًا. يمكن أن تشكّل فورة الغضب بالتأكيد الفرصة لتخطي المشاكل وإعادة مد الجسور بين الطرفين، إنما لا يعني وجوب التصرف أن من المبرر صب الزيت على النار والتصدي بعنف إلى الشخص الغاضب، لأن من شأن هذا السلوك أن يزيد الطين بلة ويؤدي إلى ما لا تحمد عقباه بدل أن يساهم في اخماد نار الغضب المشتعلة.

ما السلوك المناسب الذي ينصح باعتماده في مواجهة مثل هذا الموقف؟ لن تجدي نفعاً محاولة إقناعه بالحجة والمنطق. في الواقع، يقضي التصرف الحكيم بعدم توبيخه أو تكذيبه أو دفعه إلى الإقرار بأخطائه بل التحلي بالحكمة وانتظاره حتى ينفس عن غضبه ويفرغ ما في جعبته ودعوته من ثمّ إلى تناول الغذاء معك واختيار مكان آخر للتحدث في الموضوع. الأهم هو التزام الهدوء التام وعدم التفوه بكلام يمكن أن تندم عليه في المستقبل، كلما أصغيت إلى حديثه وحاولت التودد إليه يزول التوتر بسرعة أكبر. لا يحبذ أن تقف كالصنم أمامه فلا تتفوه بأية كلمة. يمكن ان يزيد الصمت القاتل من حدة غضبه ويعتبره بمثابة تحدّ واضح لسبب بسيط هو أن الشخص الذي يمر بنوبة غضب ينتظر صدور ردة فعل من الطرف الآخر ولن يروق له أن تقابله بصمت جليدي بعد طول انتظار، لا سيما أنه مقتنع تماماً بأنه على حق.

تعبير كلامي

بعد السيطرة على الوضع وعودة الأمور إلى مجراها الطبيعي يمكنك الانتقال إلى الكلام والاستفهام عن سبب استيائه وغضبه. قل له مثلاً: «إني أفهم تماماً طبيعة شعورك واستيائك الكبير». بعدئذ من الضروري أن تسأله عن رغباته وأمنياته فتقترح عليه حلاً للتفاوض يحثه على السعي إلى ايجاد تسوية معك. بهذه الطريقة ستتحول بنظره إلى انسان حكيم يجيد اتخاذ القرارات المناسبة عند نشوء الأزمات وهي قرارات ينبغي أن تكون عقلانية وصائبة وتنم عن لباقة وفطنة أكيدين.

رأي الاختصاصيين

الأشخاص سريعو الغضب مثاليون لا يحتملون الحرمان:

يختلف الغضب المرضي الذي لا تهدأ عوارضه من دون تدخل طرف ثانٍ عن الغضب البسيط والعابر الذي تزول عوارضه بدون أية وساطة خارجية، فيهدأ الشخص الغاضب بسرعة بعد التعبير عن استيائه باطلاق صرخة أو كسر صحن. الانسان الذي يجتاحه الغضب المرضي هو الذي لا يحتمل العيش في الحرمان فيخال أن الأرض توقفت عن الدوران بمجرد عدم تحقيق مبتغاه وهو شخص مثالي لا يقبل تقديم التسويات. النزعة النرجيسية واضحة المعالم في شخصيته وهي أساس ضعفه وتحثه على الاستسلام للغضب في حال عدم تحقيق رغباته وآماله وهو تصرف طفولي بعد كل اعتبار. الحقيقة أن الغضب هو مرض معد لأنه يمس المشاعر والانفعالات المرتبطة بكل شخص منا وغالباً ما ينتقل إلى الآخرين بسهولة أو يقودهم إلى الاستسلام. على سبيل المثال عندما يكون الجو متوتراً في محيط العمل ما إن يسيطر الغضب على أحد الموظفين حتى يتفشى بين الآخرين بلمح البصر.

إختبار

1- الغضب هو:

أ- إنفعال مخيف.

ب- ردة فعل غير مستحبة وتنم عن ضعف واضح.

ج- سلوك طبيعي.

2- بدأت ملامح الغضب ترتسم على وجه فلان:

أ- تحاول أن تقنعه بالمنطق.

ب- من المستحيل السيطرة عليه.

ج- تفكر في طريقة للتخفيف عنه.

3- شتمك أحدهم بدون مبرر:

أ- تفضل الهروب.

ب- تجيب بكلام قاس.

ج- لا تعير الأمر أي اهتمام.

4- تثور ثائرة زوجتك لمجرد مشاهدتها خطيبتك السابقة في إحدى المناسبات:

أ- تنفرد بها مقترحًا عليها مناقشة ما حصل.

ب- تشعر بالانزعاج، لكن تتصرف وكأن شيئاً لم يكن.

ج- تصارحها بأن غيرتها تثير شفقتك.

5- يقرصك زميلك خلال اجتماع عمل:

أ- تبتسم له رغبة منك في عدم افساد الاجتماع.

ب- تهاجمه وتقرصه في مكان مؤلم.

ج- تشعر بالانزعاج ولكنك تتصرف كأن شيئاً لم يكن.

6- عندما ينتقدك أحدهم بسبب برودة أعصابك:

أ- تشرح له أنها وسيلة دفاع.

ب- وإن يكن؟ فهذه هي طبيعتك.

ج- تعلم أن الأمر يزعج الآخرين ولكنك لا تكترث.

7- إن الشخص السريع الغضب هو بالنسبة إليك:

أ- شخص تعيس.

ب- يعاني من اضطرابات في سلوكه.

ج- شرير بطبيعته.

8- الأشخاص السريعو الغضب:

أ- تتجنبهم لأنك لا تحب النزاعات.

ب- تحاول التفاوض معهم بشكل دائم.

ج- تنتظر الفرصة السانحة لتنهال عليهم.

9- انتابتك فورة غضب للتو:

أ- تستعد لفورة غضب أخرى.

ب- تسيطر على نفسك وتنتقل إلى عمل آخر.

ج- تشعر بالانزعاج.

10- مديرك ظالم

أ- قررت مواجهته في اليوم التالي.

ب- تكرهه وترغب في حصول مكروه له.

ج- تنقاد له كسائر الموظفين.

النتيجة

أكثريّة أ:

لا تحسن إدارة الغضب

تعتقد أنه ينبغي مواجهة الغضب بالغضب والسوء بالسوء والاستفزاز بالاستفزاز. عندما يصاب أحدهم بنوبة غضب لا تتمالك نفسك أو تحاول التخفيف عنه بل تبادر إلى صبّ الزيت على النار إعتقادًا منك أن عزة نفسك لا تسمح لك بالبقاء مكتوف اليدين، إنما يجب ان تعلم أنه أسلوب غير نافع وعقيم إذ عليك البدء بمحاولة الاستفهام عن سبب الغضب قبل التصرف وليس العكس.

أكثريّة ب:

الفرار: وسيلة دفاع عن النفس

يتكررالسيناريو نفسه على الدوام: يأتي أحدهم شاكياً فيلومك على كل ما حصل من دون أي سبب فينتابك الخوف. هذا الشعور أقوى منك لأن بدنك يقشعر لمجرد رؤية شخص غاضب فتقف حائرًا أمامه بدل أن تحاول مواجهته رغم أنك تدرك تمامًا في قرارة نفسك، أمام الهزيمة التي لحقت بك، أن هذا الشخص يتربص بك شرًا وسينتهز الفرصة المناسبة ليصبً جام غضبه عليك. ماذا تنتظر قبل أن تبادر إلى التصرف إذاً؟

أكثريّة ج:

تبحث له عن مبرر

تدرك تمامًا أن الوقوف إلى جانب شخص غاضب هو مضيعة للوقت وأن سلوكه غير موزون والمبررات التي يستند إليها تافهة، ففي قلب الشخص الغاضب كلام يود التعبير عنه ورسالة يريد نقلها. وصحيح أنك مدير بارع وتجيد القراءة بين السطور إنما هذا لا يعني أنه يسهل على الآخرين إخضاعك بل أنت تتقن فن التفاوض واستنباط الحلول وتسمح للطرف الآخر بالتعبير عن غضبه أمامك دونما تنازل عن مطالبك الخاصة وحقوقك. الغضب بالنسبة إليك شعور يمكن السيطرة عليه كسائر المشاعر.

back to top