إخلاء السفارة الكويتية في بيروت بعد تهديد مجهول باستهدافها استنكار واسع من الموالاة والمعارضة وتأكيد التضامن مع الكويت
بينما لا تزال الساحة اللبنانية مفتوحة على شتى الاحتمالات، وفي ظل عجز فرقاء الداخل عن التوصل إلى حل للازمة الرئاسية المستمرة، لم تعد حملات الترهيب والتهديد تمسّ المسؤولين اللبنانيين فحسب، بل تعدتهم إلى السفارات والبعثات الدبلوماسية العربية.بعد أيام من تحذير الخارجية السعودية رعاياها من القدوم الى لبنان لاسباب امنية، تلقت السفارة الكويتية في بيروت تهديداً عبر اتصال هاتفي من مجهول، أثار قلق اركان السفارة وموظفيها، ولقي استنكارا واسعاً في صفوف اركان الاكثرية والمعارضة على حد سواء.وتزامن التهديد مع ترددات زلزال التأبين في الكويت الأمر الذي يعطي مجالاً إضافياً للصائدين بالماء العكر ومروجي أجواء التوتير.وفي التفاصيل، أن مجهولا أقدم، في العاشرة من صباح امس، على الاتصال بمقر السفارة المؤقت في الحمرا قرب حديقة الصنائع (تم الانتقال اليه منذ فترة بسبب خضوع المقر الرئيسي للسفارة في بئر حسن، عند مدخل الضاحية الجنوبية، لأعمال صيانة). وهدد المتصل بإطلاق صاروخين على السفارة من دون ان يذكر اي معلومات اضافية، وأقفل الخط. وفي اجراءات احترازية، أقدمت السفارة على اخلاء موظفيها وأجرت اتصالاً بالقوى الامنية اللبنانية، التي حضرت على الفور، مشددة من تدابيرها الأمنية امام المبنى، تحسباً لأي طارئ.القائم بالاعمال الكويتي في السفارة طارق الحمد، رأى في حديث لـ«الجريدة»، ان «التهديد يجب ان يؤخذ على محمل الجد، مهما كانت أسبابه ودوافعه، ومن هنا اتخذ القرار فوراً بتعطيل أعمال السفارة»، موضحاً ان «هذه التهديدات لن تؤثر في عمل السفارة التي ستعاود نشاطها اليوم، مع مزيد من الاجراءات الامنية الاحترازية».ووضع القائم بالاعمال هذه الحادثة في اطار «الاحداث الكثيرة التي تشهدها الساحة اللبنانية، ومن ضمنها المشاكل السياسية الداخلية»، معتبراً ان «هناك من يحاول ان يُفسد العلاقة المتميزة بين الشعبين اللبناني والكويتي، وأن يشوه العلاقات العربية-العربية».وعما اذا كان يعتقد ان للتهديد بإطلاق صاروخين على السفارة علاقة بالجدل القائم في الكويت على خلفية تنظيم احتفال تأبيني لمسؤول حزب الله العسكري عماد مغنية، اجاب الحمد «ارفض ربطها بموضوع التأبين، واعتقد اننا امام شأنين منفصلين».وعما اذا تمكن المجيب على الاتصال الهاتفي من تحديد هوية او لكنة المتصل، قال الحمد «لا نعرف جنسية المتصل او مصدره او هويته، والاجهزة الامنية وعدتنا خيراً». واشار الى انه «تحدث بلغة عربية، واللهجة اللبنانية ليست صعبة، بحيث يمكن لاي شخص يعيش في لبنان ان يجيدها»، موضحاً ان «المكالمة لم تدم طويلاً ولم يتخللها أخذ وردٌّ».وصرح مصدر مسؤول بوزارة الخارجية بأنه نظرا للظروف السياسية الراهنة التي يمر بها لبنان الشقيق فإن وزارة الخارجية -وحرصا منها على سلامة المواطنين- ترى التريث في السفر الى لبنان في هذه الظروف.الى ذلك، وفور شيوع خبر تلقي السفارة الكويتية اتصال التهديد هذا، استنكرت مختلف القوى السياسية هذا التهديد، وأكدت التضامن مع الكويت، داعية الاجهزة الامنية الى كشف هوية الفاعلين.وعلى الفور، أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً بالقائم بالأعمال الكويتي، وشدد على «ضرورة ديمومة عمل السفارة واستمرارها»، مؤكدا الاستعداد «لتقديم كل ما يلزم بخصوص حماية السفارة حتى لو اقتضى ذلك الاستعانة بشرطة مجلس النواب». واوضح بري ان «هذا الموقف هو موقف اللبنانيين وكل اطراف المعارضة».ومن السعودية، اتصل رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري بسفير الكويت عبد العال سليمان القناعي الموجود حالياً في الكويت، وأكد رفضه «لهذه الاساليب التي لا تتلاءم اطلاقا مع العلاقات الاخوية بين لبنان والكويت التي وقفت باستمرار الى جانب الشعب اللبناني». كما أجرى وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ اتصالاً بالقائم بالأعمال الكويتي مستسفرا عن حقيقة التهديد الذي تلقته سفارة بلاده، مؤكداً «ادانته واستنكاره وشجبه» لهذا التهديد و«الوقوف الى جانب الشقيقة الكويت». وتمنى على القوى الأمنية «العمل السريع لكشف المتصل ومعاقبته والعمل على توفير أمن السفارة وموظفيها لأن مثل هذا العمل مدان ومرفوض من جميع اللبنانيين». وفي سياق المواقف المتضامنة، اعلن وزير الاتصالات مروان حمادة تضامنه مع «الكويت، أميرا وحكومة وشعبا»، مستهجناً «التصرفات والتصريحات التي تذكرنا بعهد الثمانينيات، عندما عمل المعطلون الحاليون على الاعتداء على البعثات الدبلوماسية وعلى المواطنين العرب والاجانب، لتفريغ لبنان وحذفه من الخريطة السياسية العربية والدولية». وشدد وزير الاعلام غازي العريضي في اتصال مع القائم بالاعمال الكويتي على ان «مثل هذا العمل مدان من جميع اللبنانيين». واجرى اتصالاً مماثلاً بالسفير القناعي.كذلك، استبعد النائب فريد حبيب ان «يكون من قام بهذا التهديد لبنانيا»، مشدداً على ان «الكويت هي البلد الشقيق الذي وقف الى جانب اخوانه اللبنانيين ايام المحن والصعاب، وان كل بيت لبناني هو سفارة للكويت». ورأى عضو كتلة «تيار المستقبل» النائب مصطفى علوش ان «الحرب المفتوحة التي أعلنها معسكر الممانعة، تعدت مسألة المواجهة مع العدو الاسرائيلي لتنتقل الى تصفية حسابات سياسية مع الاشقاء العرب المعارضين لنهج النظام السوري الكارثي».واستنكر مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي التهديدات، وأكد خلال اتصال هاتفي أجراه بالقائم بالاعمال الكويتي أن «أمن الاخوة في السفارة الكويتية هو من أمن لبنان واللبنانيين»، معتبرا أن «هذه التهديدات هي محاولة للاساءة الى الروابط الوثيقة بين الشعبين الشقيقين».الصقر: تهديد سفارة الكويت في لبنان لا يؤثر في العلاقات المتينة بين الشعبين دان رئيس لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية النائب محمد الصقر التهديد الإرهابي الذي تعرضت له سفارة دولة الكويت في العاصمة اللبنانية بيروت، مؤكدا أن مثل هذه الأفعال الشائنة لا يمكنها أن تؤثر في العلاقات المتينة بين الشعبين الشقيقين، إذ إن سفارة دولة الكويت في بيروت هي موقع لتعزيز العلاقات ودعم الشعب اللبناني.وشدد الصقر على أن الكويت التي تعرضت للعديد من الممارسات الإرهابية قادرة على التمييز بين الفئات الضالة والمتطرفة من جهة والأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني المتسامح وصانع الحضارات والمساهم الفاعل في الحضارة الإنسانية من جهة أخرى، معربا عن تقديره وشكره لكل الشخصيات والفاعليات اللبنانية التي دانت هذه الممارسة الإرهابية وعبرت عن شجبها واستنكارها، تضامنا مع السفارة الكويتية. وطالب الصقر الجهات الحكومية بمراجعة جميع الإجراءات الأمنية والاحترازية لحماية وتأمين البعثات الدبلوماسية والهيئات الحكومية الكويتية في الخارج، وكذلك رعايا الدولة، في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة حاليا. كما طالب السلطات اللبنانية بتوفير كل الضمانات الأمنية للبعثة الدبلوماسية الكويتية في لبنان والهيئات الحكومية الكويتية العاملة هناك والمواطنين الكويتيين كافة. الدقباسي: الحكومة مطالبة بالتحرك سريعاً لاتخاذ إجراءات لسلامة أمن الدولةدعا عضو لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية النائب علي الدقباسي الحكومة الى سرعة التحرك، لاتخاذ إجراءات وقاية لسلامة امن الدولة والمجتمع، وحماية كل المنشآت الكويتية في الداخل والخارج.ودان الدقباسي، في بيان صحافي اصدره امس عقب تهديد السفارة الكويتية في بيروت، التحرشات الارهابية التي تهدد مؤسسات الدولة، وقال ان الكويت تقف كلها صفا واحدا ضد الارهاب بكل اشكاله وصوره وضد التعصب بأنواعه كافة. وأضاف أن الكويت عانت كثيرا من الإرهاب والتحرشات والاستفزازات، مشيرا الى ان هذه المحن عززت الوحدة الوطنية. وأعرب عن أسفه أن يهدد أخوة عرب مصالح عربية، موضحا أن هؤلاء أدوات تخريب في ايدي غيرهم باعوا ضمائرهم للشيطان. وذكر ان هناك اطرافا ارهابية تتكسب وتقتات على الخلافات، وتريد أن تجرنا الى الفتنة، لتحقيق اهداف خاصة بما يضر بالمصلحة الوطنية العليا، مؤكدا رفضه للممارسات الإرهابية الداعمة للفتنة التي يقوم بها البعض تحت مسميات مختلفة.