السيرة الذاتية لطائر الصحراء - 22

نشر في 19-03-2008
آخر تحديث 19-03-2008 | 00:00
No Image Caption
 سليمان الفليح

الديوان

ذات يوم قائظ من أيام «آب اللهّاب»، دخلت إلى مبنى جريدة «السياسة»، وعند الاستعلامات بالضبط صادفت الصديق الرائع عبداللطيف الأشمر، وكان أبو وائل آنذاك «دنجوان» زمنه!! حيث كان يرتدي أحدث الماركات الفرنسية، وينسدل شعره الكستنائي على كتفيه، وكان يشغل حينها منصب سكرتير التحرير في جريدة «السياسة» الغراء، وكان في أوج «زهوائه» يسير كمن يحدث نفسه «يا أرض اتهدّي ما فوقك قدّي»، ولست أدري حينها كيف التفت إليّ عبداللطيف وكان باب المطبعة مشرعا إلى اليسار، وقال لي «لك يا بدوي شو رأيك نطبع لك ديوان»، ثم أشار بيده إلى المطبعة، ولم ينتظر الرد وقال: «يا الله مشي».

***

صراحة، حينها كنت تماماً في موقع المثل العربي «المشتهي المستحي»، وأقول المشتهي؛ لأنني كنت أحلم بهذا العرض، ولكنني أستحي من عرضه على الآخرين؛ لذلك لم أفتح فمي بكلمة واحدة، بل سرت مع عبداللطيف الأشمر وهو يدخل إلى المطبعة صارخاً «يا تاج»، وتاج هذا إن لم تخُني الذاكرة هو زميل هندي كان يدير مطبعة السياسة.

ولما لم يجد عبداللطيف «تاج»، خرج مرة أخرى... «السمره» والسمره هو صديق فلسطيني أعتقد آنذاك أنه نائب تاج في المطبعة، ثم أتى السمره ملوثاً بالأحبار والرصاص، وقال لعبد اللطيف «شو؟!» فقال له أبو وائل «لا شو ولا بطيخ»، سيأتيك هذا «الزلمة» البدوي بديوانه وعليك أن «تصفّه» في المطبعة: فقال السمره: ومن يتحمل المسؤولية؟ قال أبو وائل: أنا، بل أسمع يا السمرة «بلاش يجيك»، سأحول لك كل قصائده المنشورة في ملحق «السياسة»، وسأتولى أنا مسألة إخراج الديوان «وسندبّر» الأمر مع وزارة الإعلام فيما بعد.

***

مضى شهر لا أكثر، إذ بعده ناداني عبداللطيف وقدّم لي نسخة من الديوان، وقال لي: مبروك: حقيقة لقد أصبت بالذهول من شكل الديون الذي أخرجه عبداللطيف، الذي كان بحجمه يشبه كراس الرسم في المدارس الابتدائية، لكنه اعتمد في الداخل على صور فوتوغرافية لمصلحة عباس التقطها لي، وموضوعات القصائد «كما يرى» ومن دون أي استشارة مني.

لكنني في حقيقة الأمر، كنت مزهواً من أن «يتنازل» صالح عباس وهو في قمة مجده، ليصطاد لي صوراً خاصة تُضمّن في ديواني الأول.

بعد صدور الديوان من مطبعة السياسة، تناولت أول نسخة منه. وأهديتها إلى الأستاذ فيصل السعد، الذي كان مشرفاً على الصفحة الثقافية في «السياسة»، والذي كتبت عنه عرضاً رائعاً لم أزل أحتفظ به حتى اليوم، بعدها حمل «أبو سنين السعد» الديوان إلى رابطة الأدباء، ثم هاتفني في اليوم الثاني؛ ليزف لي بشرى رائعة؛ ألا وهي أن الصديقة الروائية والقاصّة والإنسانة ليلى العثمان قررت أن تستضيف ثلاثة أدباء من الرابطة؛ لمناقشة الديوان في برنامجها الثقافي الذي يبث أسبوعياً من تلفزيون الكويت، وكان الأدباء الثلاثة هم الأحب إلى القلب (خالد سعود الزيد، ود. عبدالله العتيبي وفيصل السعد). 

back to top