انهيار شامل للأمن في غزة والعنف يتهيّأ للتمدّد إلى الضفة «دم مقابل دم» شعار معارك الخطف والذبح «على الهوية الفصائلية»

نشر في 13-06-2007
آخر تحديث 13-06-2007 | 00:00
بدا وكأن كل شيء انهار في غزة أمس، فحروب «فتح» و«حماس» أباحت لمسلحي الجانبين أن يسقطا كل المحرمات والخطوط الحمر في يوم دام حصد العشرات بين قتيل وجريح.

اتهمت الرئاسة الفلسطينية امس بعض القيادات السياسية والعسكرية في حركة «حماس» بالتخطيط لانقلاب على الشرعية الفلسطينية ودفع الوطن الى آتون حرب اهلية. واتهم المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة جهات إقليمية لم يسمها بتأجيج الأوضاع في قطاع غزة من أجل مصالحها، مطالبا «جميع الأطراف بالالتزام الفوري بتنفيذ اتفاق مكة المكرمة ووقف الاشتباكات وإنهاء المظاهر المسلحة في قطاع غزة»، من جهته اتهم مساعد بارز لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية خصوم «حماس» بمحاولة الإطاحة بحكومة الوحدة الفلسطينية التي شكلها هنية في مارس مع أعضاء من حركة فتح المنافسة، مؤكدا ان «أطرافا معينة تتعاون مع أطراف معادية للشعب الفلسطيني تحاول اسقاط حكومة الوحدة بالقوة».

حرب المقار

كما دارت اشتباكات عنيفة بين عناصر من جهاز الامن الوطني الموالي لحركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعناصر من حركة حماس هاجموا اثنين من مقراته في قطاع غزة، على ما افادت مصادر امنية. وقالت مصادر امنية وشهود ان مسلحين من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، والقوة التنفيذية هاجموا مقرا للامن الوطني والشرطة في مدينة غزة قبل ان ينسحبوا بعد نصف ساعة. كما قام عناصر من «حماس» بمحاصرة قيادة الامن الوطني شرق جباليا في شمال قطاع غزة.

وجرى تبادل اطلاق نار كثيف في الموقعين اللذين يضمان المئات من عناصر الامن الوطني كما تدور اشتباكات عنيفة في احياء عدة من مدينة غزة. وكان الجناح العسكري لحركة حماس هدد في تحذير غير مسبوق باقتحام مقار أمنية تسيطر عليها حركة فتح المنافسة في مدينة غزة في حال لم تغادرها وهي مقار الاستخبارات العسكرية والحرس الرئاسي والأمن الوطني والأمن الوقائي، ونقلت وكالات الأنباء عن شهود عيان القول إن مسلحي «حماس» اعترضوا طريق ثلاث مركبات تقل رجال أمن من «فتح» في مخيم النصيرات وأخذوهم بعيدا وسط مخاوف من تصفيتهم، في يوم دام، إذ قتل عشرة آخرون وأصيب أكثر من مئة فلسطيني، جروح الكثيرين منهم خطرة.

واعلنت حركة حماس الاستنفار في صفوف عناصرها كافة بالضفة الغربية تحسبا لانتقال الصراع الدموي مع «فتح» الى هناك. وجاء هذا الاعلان بعد ساعات على تهديد كتائب الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح بالتعرض لقيادات الحركة في الضفة اذا واصلت المساس بحياة عناصر «فتح» في قطاع غزة.

دم مقابل دم

وقال متحدث باسم كتائب شهداء الأقصى التابعة لـ«فتح» «نحن انتقلنا إلى موقع الهجوم الآن وليس الدفاع» وطالب الجماعة بالبقاء على أهبة الاستعداد. وفي بيان إذاعي اتهمت الكتائب «حماس» بأنها على صلة بإسرائيل - وهو اتهام تطلقه «حماس» أيضا ضد «فتح» - وقالت «سنواجه العدوان الصهيوحمساوي».

وأصدر سميح المدهون وهو شخصية بارزة في كتائب شهداء الأقصى وعيدا شديد اللهجة بالانتقام بعد مهاجمة منزله في غزة قائلا لمحطة إذاعية تابعة لحركة فتح «إذا أحرقوا دارنا فأنا أحرقت 20 دارا الليلة الماضية.

«بيت مقابل بيت ودم مقابل دم .. أقسم بالله العظيم أنني سأقتل كل شخص من «حماس» عسكريا أو مدنيا ... سأقتلهم جميعا.» وتعتبر «حماس» المدهون واحدا من ألد أعدائها في غزة وقد نجا من عدة محاولات اغتيال.

منزل هنية ومكاتب عباس

يأتي ذلك في وقت أطلق فيه مسلحون فلسطينيون يعتقد أنهم من «فتح» قذائف على دفعتين على منزل رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية وقت وجوده وعائلته فيه، كما طالت قذائف أخرى مكاتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في غزة.

واتهم فوزي برهوم المتحدث باسم «حماس» حركة فتح بإطلاق القذائف في محاولة لاغتيال هنية وتعهدت «حماس» بمعاقبة الجناة، مؤكدا ان القذائف دخلت البيت وانفجرت من دون ان تحدث إصابات تتجاوز الماديات، لافتا الى ان الحركة تعتبر ذلك محاولة اغتيال سيعاقب المسؤولون عنها.

وفي تصعيد جديد في شكل المواجهات بين الفصيلين المتنازعين يعيد للأذهان الاجراءات التي يتخذها الجيش الإسرائيلي لاغلاق المناطق الفلسطينية خلال عمليات ضد النشطاء أعلن الجناح العسكري لـ«حماس» المنطقة الوسطى في قطاع غزة «منطقة أمنية مغلقة».

وجاءت تلك التطورات الأمنية والسياسية المتلاحقة في وقت هددت فيه حركة «فتح» بزعامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالانسحاب من حكومة الوحدة الوطنية التي تقودها «حماس»، بعد موجة العنف الاخيرة بين الحركتين التي شهدهها قطاع غزة،

رغم ان «فتح» كانت قد أعلنت في وقت متأخر الاثنين الهدنة من جانب واحد، فإن الهدنة سرعان ما سقطت، إذ شهدت بعد ساعات الظهيرة أمس تصاعدا لافتا في الاشتباكات الدموية. وأعلن مصدر أمني فلسطيني أن حرس الرئاسة الفلسطيني اقتحم مكاتب محطة تلفزيونية تابعة لحركة «حماس» في مدينة رام الله بالضفة الغربية وصادر معدات، وهو الحادث الأول من نوعه على صعيد القتال بين الحركتين في الضفة الغربية مما ينذر بانتقال الاقتتال الى هناك، إلا ان محطة «حماس» التلفزيونية ظلت تبث من مقرها الرئيسي في غزة على ما يبدو حيث نفوذ أنصار الحركة، قبل ان ترد «حماس» باقتحام محطة الارسال التلفزيوني التابعة لتلفزيون فلسطين الرسمي في مدينة غزة وخطف احد العاملين فيه، ثم احرقت المحطة قبل تفجيرها بالكامل.

خطف وإعدام

وفي أعمال عنف أخرى خطف مسلحون نبهان الرنتيسي العضو في الجناح العسكري لـ«حماس» ثم قتلوه. وقالت كتائب عز الدين القسام إن المخطوف القتيل هو ابن شقيق عبد العزيز الرنتيسي أحد زعماء «حماس» الذي اغتيل في غارة جوية إسرائيلية استهدفت سيارته عام 2004 . واتهمت «حماس» حركة فتح أيضا بخطف طبيب مهددة باغتيال زعماء في «فتح» إذا قتل الطبيب، فيما قتل أحد قادة «فتح» الميدانيين وقال شهود عيان إنه سحب خارج منزله المحاصر ثم أعدم. كما قالت مصادر فلسطينية ان مسلحين اختطفوا وكيل وزارة النقل والمواصلات فيضي شبانه اثناء خروجه من مقر الوزراة في رام الله. واشارت مصادر أخرى إلى ان اختطاف شبانه هو رد، على ما يبدو، على استمرار اعمال القتل والاختطاف التي تنفذها «حماس» بحق عناصر «فتح» والاجهزة الامنية في قطاع غزه. كما اقدم مسلحون على اقتحام منزل النائب عن حركة فتح نبيل شعث وحرقه بعد سرقة محتوياته.

واستمرت حالات الخطف والاعدام بين أفراد الحركتين ما أثار الرعب بين أهالي غزة، في حين أفادت الأنباء بأن عناصر لـ«حماس» قصفت منزل ماهر مقداد القيادي البارز في حركة «فتح» في أبراج «المقِوسي» شمال مدينة غزة، فيما قال شهود عيان إن نحو ثمانية منازل احترقت في ذروة القتال في الجزء الشمالي الشرقي من المدينة.

وفي اشتباكات سابقة في بلدة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة قتل فجر الثلاثاء جمال أبو الجديان أحد مؤسسي كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في هجوم لـ«حماس» على منزله. ووقع هذا الهجوم بعد مقتل مسلح لـ«حماس».

دعوات في الهواء

في غضون ذلك دعا اللواء برهان حماد رئيس الوفد الأمني المصري في قطاع غزة قادة «فتح» و«حماس» إلى عقد لقاء عاجل في مقر الوفد الأمني المصري للاتفاق على وقف نهائي لاطلاق النار ووقف القتال وسحب المسلحين من الشوارع فورا، لكن «حماس» بحسب متحدثين باسمها رفضت تلبية تلك الدعوة.

وتعليقا على تصاعد القتال الأهلي دعت الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين والجبهة الشعبية في بيانات منفصلة، أمس جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى التخلي عن اتفاق مكة المكرمة باعتباره يعضد «المحاصصة» والعودة إلى تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، معتبرتين إياها السبيل الوحيد لإنهاء «الحرب الأهلية» بين حركتي فتح وحماس، ودعتا الحركتين إلى «تشكيل قوة مشتركة من الفصائل الوطنية لحماية أمن الشعب والمؤسسات الأهلية بقيادة مصرية.

back to top