على من انتصرتم؟

نشر في 16-06-2007
آخر تحديث 16-06-2007 | 00:05
No Image Caption
أسوأ من القتل «الأخوي» في غزة إعلان حركة حماس «الانتصار» العظيم و«تحرير» القطاع من «فلول العملاء». وأسوأ من أعمال الخطف والإعدام المتبادل، التي شهدتها الحرب الأهلية المصغرة في تلك البقعة المكتظة بالفلسطينيين الفقراء، أن يعتقد الطرف الذي استباح خصمه أرواحا وممتلكات أنه يخدم القضية الفلسطينية، وأنه يطهّرها من أدرانها بعدما «طهّر الأرض» من قطعان المستوطنين.

أن يعلن ناطق باسم «حماس» بعد صيحات التكبير أن الساحة باتت ملكاً لهذا التنظيم، وأن العدو الفتحاوي في غزة صار في خبر كان، ليس فقط إهانة للعمل السياسي تستدعي الاستنكار، بل طعنة نجلاء في صدر القضية الفلسطينية، التي تحتاج إلى تضامن كل الناس في أقصى أصقاع العالم، في وقت يتناحر فيه إخوة الدم وإخوة السلاح، الذين كان يجب أن يتعاضدوا لمواجهة الاحتلال وتحقيق آمال الشعب الفلسطيني.

ولكان الاستنكار مماثلاً لو أن «فتح» انتصرت وانقلبت الادوار.

أين «اتفاق مكة» يا سادة «حماس»؟!

بل أين حكومة الوحدة الوطنية؟! بل أين الوعد لرعاة الاتفاق والعهد للشعب الفلسطيني بأن دم الفلسطيني على الفلسطيني حرام؟!

إنه كلام يذهب أدراج الرياح مع عصف المطامع الشخصية وثورة الجاهلية وأبواق الحماسة والدعوات الى الالغاء، ووضع المصالح الاقليمية على قدم المساواة مع المصلحة الوطنية ان لم يكن تقديمها واعطاؤها الأولوية.

نفهم الخصومة السياسية والاختلاف في الرأي، ولكن لا يمكن لمواطن عربي فيه ذرة من عقل ان يقبل تحويل أرض فلسطين الى ساحة اقتتال سببها أجندات «ما فوق وطنية» تقفز على ثوابت منظمة التحرير وعلى ثوابت القضية القومية وعلى الاطار الذي يمنح القضية الفلسطينية مشروعيتها التاريخية والأخلاقية.

ما جرى في غزة ليس حرب فصائل فقط، ولا تنافسا بالدم على المقاعد والنفوذ، إنه ظاهرة تكشف ذهنية الإقصاء، والرغبة في الإلغاء ورفض الديموقراطية، وتتساوى في ذلك «فتح» و«حماس» على السواء.

كل اقتتال داخلي في فلسطين مرفوض ومُدان، وأي نصر لطرف على طرف لا يدعو إلا إلى الاستياء من المستوى الذي وصلت اليه العلاقات بين الأشقاء، ونصر «حماس» لا يخرج عن هذا الإطار، فـ«غزوة غزة» هزيمة للإنسان الفلسطيني ولآمال الديموقراطية لديه، وهزيمة لقضية رفعناها إلى مستوى القداسة في الأغنية والوجدان فمرغها الذين ائتمنوا عليها في الأوحال.

الجريدة

back to top