آخر العلاج ... «الخُمس»

نشر في 06-06-2007
آخر تحديث 06-06-2007 | 00:00
 سعد العجمي كثيرون يقولون: إن حكومات العهد الجديد تفتقد الى التجانس والتضامن بين وزرائها ... وآخرون يقولون: إنها لا تملك الخبث السياسي المطلوب للمرور من حواجز ومتاريس الكتل النيابية المتربصة بها، على اعتبار أن الحكومات السابقة نجحت في تجاوز عقبة استجوابات من الوزن الثقيل.

المؤشرات تقول: إن الاسبوع المقبل سيشهد حسم الخيارات الحكومية - إن كانت تملكها أصلاً- فيما يتعلق باستجواب وزير النفط الشيخ علي الجرَّاح، وهي خيارات مفتوحة على كافة الاحتمالات بينها، الاستقالة، وصعود المنصة، وتدوير وزاري محدود، في ظل إصرار المستجوبين على المضي قدما في استجوابهم الذي بدأ عدد مؤيديه يتزايد، مع عجز حكومي على المناورة لتجاوز مطب الاستجواب، مما يعني أن الفترة القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل علاقة السلطتين.

ومن الواضح ان الحكومات الثلاث الأخيرة لديها مشكلة في كيفية التعامل والتعاطي مع الاستجوابات، والدليل على ذلك استجواب الشيخ احمد العبدالله ... فحتى الحكومة الحالية التي قيل إنها شكلت بتركيبة وتفصيل ومحاصصة، تجعلها محصنة ضد (فيروس) الاستجواب، ترنحت تحت وطأة الأداة الدستورية قبل ان تكمل شهرها الثاني.

كثيرون يقولون: إن حكومات العهد الجديد تفتقد التجانس والتضامن بين وزرائها ... وآخرون يقولون:إنها لا تملك الخبث السياسي المطلوب للمرور من حواجز ومتاريس الكتل النيابية المتربصة بها، على اعتبار أن الحكومات السابقة نجحت في تجاوز عقبة استجوابات من الوزن الثقيل، كما هو الحال مع الوزراء: عادل الصبيح ومحمود النوري ومحمد ضيف الله شرار وغيرهم، رغم أن محاور استجواباتهم كانت أقوى بكثير من تلك التي أطاحت بأحمد العبدالله، وتوشك أن تطيح بعلي الجرَّاح .

واذا ما سلمنا بان اختيار الحكومات سابقا وحاليا يتم وفق اسلوب واحد تقريبا، من حيث العناصر والتمثيل السياسي للتيارات والشرائح الاجتماعية، اضف الى ذلك تركيبة نيابية، هامش التغيير فيها ضئيل جدا في آخر ثلاث دورات برلمانية على الأقل، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو:ماذا حدث إذن حتى تكون الحكومات الجديدة بهذا الضعف؟

الإجابة تكمن في أن هناك حالة استقطاب سياسي«شديدة» تعيشها البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة ألقت بظلالها على المشهد السياسي بمكوناته الثلاثة الرئيسية:الحكومة، والمجلس، والشارع. وهي(أي حالة الاستقطاب) نتاج طبيعي لمتغيرات وتطورات سياسية مهمة مرت بها الكويت منذ فترة ليست بالقصيرة، بدءاً من فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء، مروراً بأزمة الحكم، وأخيرا وليس آخرا تعديل الدوائر الانتخابية، مما كان له كبير الأثر في إعادة رسم الخارطة السياسية للبلاد إثر قيام بعض التحالفات السياسية الجديدة، وانفصال أخرى تقليدية لم يعد بقاؤها مناسباً للمرحلة الراهنة، هذا الوضع السياسي الجديد نتج عنه أيضا، عملية فرز وتمحور على صعيد القوى والتيارات السياسية، والكتل النيابية، والمجاميع الاقتصادية، ولم يعد سراً إن قلنا إنه شمل (بعض أفراد الأسرة).

عليه يجب ألا نقسو على حكومات الشيخ ناصر المحمد المتعاقبة، وهو رجل الإصلاح الذي لا يختلف عليه اثنان، عند المقارنة، فالظروف تبدلت والمتغيرات السياسية سارت بشكل متسارع وفق أجندات مختلفة ومتضادة، في الوقت نفسه .

وقد يشكل نظام الدوائر الخمس مخرجاً من حالة الاحتقان والاحتراب السياسي الذي تعيشه البلاد، فمخرجاتها، وإن نكن نجهلها الآن قد تحمل الفرج، فكلنا يتذكر أول انتخابات جرت وفق نظام الخمس والعشرين المقبور عام 1981، يومها انحسر التيار المدني الذي كان يشكل، في ذلك الوقت، شوكة في خاصرة الحكومات، وصعد حينها نجم النواب اللامنتمين سياسيا، وبعض القوى الدينية الأخرى التي استطاعت الحكومة أن تحتويها لحين. لذا علينا ألا نجزع أو نخاف إذا ما مارس سمو الأمير صلاحياته الدستورية، وحلَّ المجلس، وأجريت انتخابات وفق النظام الجديد للدوائر، فقد يكون آخر العلاج هو (الخمس) وليس الكي.

back to top