افـتـتـاحـيـة
من كوالالمبور إلى الكويت
عاد أمس الأول إلى البلاد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح، بعد أن ترأس وفداً رسمياً واقتصادياً كبير الحجم والوزن، في جولة استغرقت ثمانية عشر يوماً وشملت سبعة بلدان آسيوية بدأت في هانوي وانتهت في سنغافورة، وهي جولة تقع في إطار «الدبلوماسية الاقتصادية الكويتية» التي قادها بشخصه أو بتوجيهات من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، تعبيراً عن انتقال الكويت من مرحلة الهم الأمني إلى مرحلة التحدي التنموي، وتمهيداً لتحقيق الرؤية الاستراتيجية بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري.لسنا هنا بصدد تقييم نتائج هذه الجولة التي ندرك تماماً أهمية رسالتها وحجم مشقتها، ولكننا نريد أن نقتطف عبارتين من الكلمة العميقة الجامعة التي ألقاها سمو الرئيس يوم 28 مايو 2007 أمام «المنتدى الاقتصادي الاسلامي العالمي الثالث» المنعقد في كوالالمبور عن «التحديات العالمية والقيادة المسلمة في اطار العولمة»، حيث قال في اولى العبارتين «إن فكرة الحكم الصالح والبعد عن الفساد والافساد في أنظمة الحكم أصبحت متطلباً سابقاً لأي تنمية مستدامة ومحققة لآمال الشعوب. والتحدي الذي يواجهنا كيف يمكن أن نطبق الديموقراطية في سبيل مصلحة شعوبنا كي تتمتع بالرفاهية والتنمية ومسايرة العصر الحديث...».وقال في العبارة الأخرى «مهما توافر لنا من امكانات التنمية فإن القصور عن توظيف تلك الامكانات هو قصور قيادي وقصور في الارادة والقيادة...».
كان هذا في كوالالمبور... وها هو سمو رئيس الوزراء يعود الى وطنه ليواجه وحكومته الثالثة الأزمة الكبيرة الثالثة، التي اشعلها وزير النفط بيده، ونفخ فيها بفمه، وصب عليها النفط «أصدقاؤه» السياسيون و«مستشاروه» الناصحون، الذين كانوا وراء اسقاط الحكومتين السابقتين.مخارج الأزمة ثلاثة لا رابع لها، استقالة وزير النفط، أو تدوير حقيبته، أو وقوفه على منصة الاستجواب. وفي ما يتعلق بالوزير الأزمة، نعتقد أن النتائج متشابهة بصرف النظر عن المخرج الذي يتم اختياره، فالجراح لن يخرج إلا جريحاً، والاختلاف الوحيد بين المخارج هو عمق الجرح وأثره.أما المعيار الحقيقي في الاختيار بين المخارج الثلاثة، فهو أثر كل منها في الحكومة والحكم بصورة عامة، وعلى سمو الشيخ ناصر المحمد على وجه الخصوص، هل سيثبت انه رجل الاصلاح كما توسمنا، فيأخذ بفكرة الحكم الصالح الذي ينأى بنفسه عن الفساد والافساد، ويعرف كيف يطبق الديموقراطية في سبيل مصلحة الشعب، منهياً بذلك مرحلة «القصور في الارادة والقيادة» أم انه سيثبت مرة اخرى أن طريقة تشكيل الوزارة تجعل من ضعف ادائها قدَراً لا فرار منه؟!كلام رئيس الوزراء كان في كوالالمبور، والتطبيق الفعلي لهذا الكلام سيكون في الكويت، والمسافة بين البلدين بعيدة، إلا لمن اجتمعت له قوة الارادة وحكمة القيادة.