إلى وزير الداخلية... مع التحية

نشر في 18-01-2008
آخر تحديث 18-01-2008 | 00:00
 بسام عبدالرحمن العسعوسي قامت وزارة الداخلية مشكورة منذ سنوات مضت من منطلق التسهيل على المواطنين بافتتاح فروع لها في المحافظات المختلفة، وسميت تلك الفروع بمراكز الخدمة، وقد لاقت تلك الخطوة استحساناً واسعاً لدى جمهور المراجعين والمواطنين على اعتبار أن جميع معاملاتهم من هجرة ومرور وجوازات وإقامات ومخالفات أصبحت كلها في مكان واحد، ولا داعي أن يتحمل المرء عناء ومشقة مراجعة إدارات الوزارات المختلفة... إلا أن ما قامت به الوزارة وما أعطته للمواطن باليمين قد أخذته منه بالشمال كيف؟ ولماذا؟ سأجيب:

منذ أن أنشئت المخافر ومن «عمر الدنيا» ومحققو الإدارة العامة للتحقيقات يباشرون أعمالهم من خلال المخفر التابع للمنطقة، وطوال أيام الأسبوع وعلى فترات مختلفة، «زامات» صباحاً وأخرى مساء والأمور جيدة وتسير على خير ما يرام، إلى أن جاء أحد العباقرة كالعادة وقرر في ليلة وضحاها نقل هؤلاء المحققين إلى خارج المخافر، بحيث يتم استئجار عمارة سكنية يجتمع فيها كل محققي المحافظة... فإذا أردت تقديم شكوى مثلا فإنك ستدوخ وتتعذب وتلعن اليوم الذي قررت فيه تقديم الشكوى... لأن «الشكوى لغير الله مذلة».

عليك أولاً أن تذهب إلى المخفر، وإذا كان حظك «حلوا» وكان الضابط موجوداً فيجب عليك الانتظار من دون سبب ما لا يقل عن ساعة، ليحيلك إلى تلك العمارة السكنية التي يقبع بها السادة المحققون، فتشد الرحال لمعرفة من المحقق؟ ومتى يوجد؟ فيأخذ هذا الأمر منك ما لا يقل عن ثلاثة أيام بلياليها وآلامها وأحزانها وأوجاعها لتكتشف بعدها أنك الغلطان «ليش تشتكي»!!

طيب. كل هذا يا إخوة «كوم» وما يحصل في الشوارع «كوم» آخر، فإذا ما حصل لك حادث لا سمح الله فعليك انتظار الشرطة، وعندما تأتي الدورية بعد جهد جهيد يكون من الواجب عليك انتظار المحقق لعمل «تخطيط حادث»، وبعدها يتوجب عليك الذهاب إلى العمارة إياها لتسجيل قضية وأخذ أقوالك... وطبعا كل ذلك الوقت من لحظة وقوع الحادث حتى وصول الشرطة والمحقق على حساب قائدي المركبات الأخرى لأن المحقق قد تأخر أو أنه غير موجود أو حتى «مزرّق» لتحصل الزحمة وتعم الفوضى في الشارع ويتعطل السير.

نظام عقيم ومتخلف تماماً فتخطيط الحادث يستطيع أن يقوم به أي شرطي مبتدئ، فهو في النهاية تخطيط «حادث» وليس تخطيط «قلب» ولا يحتاج إلى خريج كلية حقوق حتى يقوم بعمل ذلك التخطيط المعجزة... بدليل أن من كان يقوم بذلك العمل قديما هم محدودو التعليم -وهنا أتذكر الوزير السابق جاسم العون الذي كان محققاً وهو لا يحمل شهادة الحقوق، وأصبح وزيراً في الحكومة الكويتية- ما علينا نعود إلى موضوعنا لنتساءل من أين أتوا بهذا النظام؟ ومن الجهبذ الذي وضع الأوامر واللوائح لنظام عمل المحقق؟ علم ذلك عند من في السماء!!

أعلم تماماً أن الإخوة المحققين مستاؤون أيضا من هذا النظام العقيم وأن هناك ظلماً وغبناً قد وقع عليهم منذ زمن طويل بسبب سيطرة «العسكر» وتحكمهم بمقاليد الأمور.

يا معالي الوزير رحمة ورأفة بالمواطن المسكين الذي لا يدري «يلاقيها من وين ولا من وين» أن تعيد النظر وترجع الأمور إلى نصابها الصحيح، تسهيلاً للمواطن وانسجاماً مع الأمانة الملقاة على عاتقك.

back to top