ضحايا التعذيب الأمني بين فزعة القانون وهاجس الأذى! الجزاء يلاحق ممارس التعذيب بالسجن 7 سنوات

نشر في 02-09-2007 | 00:00
آخر تحديث 02-09-2007 | 00:00

حظيت قضية الزميلين بشار الصايغ وجاسم القامس باهتمام إعلامي، بسبب الطريقة المتبعة من قبل بعض العناصر الأمنية التابعة لجهاز أمن الدولة في القبض عليهما، وبعد الممارسات التي كشف عنها القامس عقب الإفراج عنه تثور التساؤلات عن جواز إلقاء القبض في غير الأحوال التي نظمها القانون، والاعتداء بالضرب على الزميل القامس من دون وجه حق، وهو ما يعاقب عليه القانون كذلك.

وبعد مرور يوم على حادثة الزميلين تلقت نيابة العاصمة بلاغا من وافدين من الجنسية المصرية لتعرضهما للتعذيب من قبل أجهزة الأمن، بعد إلقاء القبض عليهما على ذمة مخالفتهما قانون الإقامة، وهو مادفع النيابة إلى إصدار أوامر بالضبط والإحضار بحق المتهمين.

وعلى الرغم من حديث مصادر مسؤولة عن تسجيل النيابة لعشرات القضايا، فان الواقع العملي يشهد تعرض المئات للتعذيب البدني أو القولي، من قبل بعض العناصر التي ليس للقانون محل في مخيلتها، وبثها الرعب في نفوس الضحايا بإيقاع الأذى منها لو تم الإبلاغ.

ويواجه قانون الجزاء الكويتي مظاهر التعذيب، التي يمارسها رجال الأمن، وذلك بالسجن لمدد تصل إلى 10 سنوات، إلى ذلك يقول أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.فيصل الكندري ان المشرع الكويتي جرّم تعذيب المتهمين أو المقبوض عليهم من قبل رجال الضبط، وذلك في المادة 184من قانون الجزاء، والتي تحدثت في فقرتها الأولى عن عدم جواز القبض في غير الأحوال التي نص عليها القانون، وذلك من قبل رجال الأمن بنصها «كل من قبض على شخص وحجزه في غير الأحوال ودون مراعاة للإجراءات يعاقب بالحبس ثلاث سنوات أو بالغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين».

ويضيف الكندري قائلا «ان الفقرة الأولى من نص المادة تحدثت عن مخالفة الإجراءات المنصوص عليها من قبل رجال الضبط سواء بالقبض أو الحجز، ومعاقبة القانون مخالف تلك الإجراءات بالحبس 3 سنوات، كما شدد القانون العقوبة على مأمور الضبط الذي يلقي القبض مع تعذيبه المجني عليه وذلك بالحبس 7 سنوات».

ويبين الكندري قائلا: ان الحبس المنصوص عليه 7 سنوات مع الشغل والنفاذ وجوبي في حين الغرامة المنصوص عليها تطبيقا لهذه الفقرة جوازية، لافتا إلى أن المشرع شدد العقوبة على ملقي القبض إذا اقترن عمله علاوة على القبض دون وجه حق بالتعذيب، كضمانة لحماية الضحية لخطر التعذيب أو الإضرار به.

ويقول الكندري ان المشرع «شدد العقوبة على من يمارس القسوة التي يترتب عليها أضرارا بالغة أو العاهة المستديمة إلى الحبس 10 سنوات، موضحا أن المشرع الكويتي وقع في خطأ بنص المادة 184 بالفقرة الأولى، التي تنص على معاقبة كل من يلقي القبض في غير الأحوال المصرح بها قانونا بالحبس، كما أن تفعيل الفقرة الثانية وهي معاقبة ملقي القبض من دون وجه حق وقام بالتعذيب بالحبس 7 سنوات».

واوضح الكندري «إذا ما تم القبض على نحو قانوني سليم لكن رجل الضبط مارس التعذيب فهنا أغفل المشرع عقاب رجل الضبط في هذه الحالة، فالنص الموجود قصد منه معاقبة رجل الضبط ملقي القبض في غير الأحوال التي نص عليها القانون ومارس التعذيب، ولم يقصد به معاقبة رجل الضبط الذي ألقى القبض في الأحوال التي نص عليها القانون ومارس التعذيب، وهو الأمر الذي يدعونا إلى المطالبة بتعديل الفقرة الثانية من نص المادة 184 من قانون الجزاء».

ويقول الكندري انه بشأن هذه الفرضية بالإمكان تطبيق القواعد العامة الواردة في قانون الجزاء، والتي تعاقب على الضرب الذي يرتب الأذى ولايمكن الحديث بالتأكيد عن عدم إمكان مساءلة المتهم عن هذه الواقعة، ولكن يتم ذلك وفق القواعد العامة.

في حين يقول رئيس جمعية المحامين الكويتية عبداللطيف صادق « إن اتباع إسلوب التعذيب أثناء التحقيق مخالف للقواعد الدستورية والقانونية، وأن من يمارس التعذيب هو الضعيف فهناك وسائل أخرى وفقا للقانون يمكن للمحقق اتباعها في الوصول للكشف عن الحقائق الواقعة وفق التحريات والأساليب العلمية القانونية دون أن تشتمل على وسائل التعذيب».

ويبين صادق قائلا ان «ممارسة التعذيب والإكراه لحمل المتهم على الاعتراف يؤدي إلى بطلان التحقيقات، لافتا إلى أن القانون حدد الإجراءات لكيفية الحصول على الاعتراف وأساليب التحقيق، دون التطرق إلى التعذيب، أو حمل المتهم على الإكراه أو الخديعة وممارستها تؤدي إلى بطلان التحقيقات المجراه».

في حين تقول مصادر مطلعة في النيابة العامة ان «النيابة تتعامل بجدية مع كل شكوى تقدم إليها، وأن شكوى التعذيب المقدمة من الضحية أو المجني عليه ضد مأمور الضبط تكون بإحالة المجني عليه مباشرة إلى إدارة الطب الشرعي لإجراء الفحوصات عليه، والمطالبة بتقديم التحريات الأمنية عن الواقعة، والحصول على تلك التحريات يكون من جهة محايدة تختلف عن الجهة التي تعرض فيها المتهم للتعذيب».

وتضيف المصادر القضائية «إذا ما تعرض الضحية إلى تعذيب من قبل ضابط يعمل في إدارة معينة فيتم تكليف إدارة أخرى تماما لتقديم التحريات، لافتة إلى أنه في حالة كان المتهم برتبة عقيد في الإدارة الرئيسية يكلف مسؤول برتبة أعلى منه لإجراء التحريات، وأن الهدف من ذلك توفير الحيادية».

وعن كيفية إثبات التعذيب قالت المصادر ان «التعامل مع قضايا التعذيب هو تعامل مع قضايا الضرب، ويتم إثباتها عن طريق تقديم الضحية لتقرير طبي وتقرير للتحريات وشهادة الشهود والاعتراف المنسوب للمتهم».

وحول عدد القضايا التي تسجلها النيابة العامة قالت المصادر «ان قضايا التعذيب التي تسجل قليلة جدا، وتكاد تكون بالعشرات خلال سنة على مستوى جميع النيابات، لافتة إلى أن النيابة تتعامل مع جميع الإدعاءات بالتعذيب على أنها تتمتع بالجدية».

وحول تعامل النيابة العامة مع حادثة تعذيب المصريين قالت المصادر «ان النيابة العامة أمرت بضبط وإحضار المتهمين قبل أن تقدم إليها التحريات، وهو ما يعني اهتمام النيابة العامة بالقضية على نحو كبير، موضحة أنه تم حجز المتهمين في مبنى الإدارة العامة للمباحث الجنائية ليوم كامل، وتم إخلاء سبيلهم بضمانات مالية عالية».

back to top