خذ وخل: حليمة بولندت الفوازير

نشر في 10-10-2007
آخر تحديث 10-10-2007 | 00:00
 سليمان الفهد

«حليمة بولند»، تتسم بحضور تلفزيوني بهّي ينفذ إلى وجدان الأطفال والصبيان والشباب، فضلا عن الشيّاب أمثالي، أما اختلاف بنات جنسها بشأن أدائها المميز، وأناقتها المبهرة، فمردّه مشاعر الغيرة والحسد التي تكتنف وجدان أعضاء نادي أعداء النجاح!

* بادئ ذي بدء فالعبدلله لا يعرف النجمة الإعلامية «حليمة بولند» لسوء حظي، وحسن حظها، الأمر الذي سيجعل شهادتي فيها غير مجروحة سلباً أو إيجاباً! والحق أنه يحيرني أمر مشاهدي فوازيرها، فتراهم حالما يلحسون أخر نتفة من طعام الفطور، هرعوا لأداء الصلاة، ومن ثم يتحلقون حول التلفزيون لمتابعة الفزورة إلى حين نهايتها. وإثر ذلك يمتد سماط «النقد» والنميمة والتعليقات المتنوعة حول أدائها وحركاتها وسكنتاها ... إلخ، بحيث لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة تتصل بظهورها إلا وسلخوه «حشا» وما إلى ذلك من تجليات «النقد» على الطريقة الكويتية!

وقد يكون كل ما نوهت به بأت مألوفاً «لحليمة» ذاتها، وللمشاهدين أنفسهم! والطريف أن منتقديها يتشبثون بمشاهدتها كل ليلة، على الرغم من ملاحظاتهم وتحفظاتهم على أدائها المتواضع في التمثيل والحركة! فصارت «حليمة» كما السمكة «العومة» مأكولة ومذمومة!.

ولا أبرئ نفسي! فحين شاهدت الحلقة الأولى من فوازيرها، وجدتني أسبح من التيار المضاد! ربما لأن الإطار المرجعي للفوازير الناجحة، يتبدى في الصيغة الدرامية الاستعراضية التي قدمتها «نيللي وشريهان»الساكنة في ذاكرة المشاهدين المخضرمين والكهول!

* في الحلقة الأولى للفوازير: خيل إليّ أن حل وإجابة الفزورة يكمن في معرفة عدد الفساتين والأزياء التي استخدتمتها في الحلقة، لأنها كانت تغير فستانها بين كل مشهد وآخر، إن لم أقل بين كل لقطة وأخرى! الأمر الذي أربكني ولم أتوصل إلى معرفة عدد الفساتين إياها ... اللهم زد وبارك!

وحين أتيح لي مشاهدة عدة حلقات، في وقت مناسب، بمنأى عن لمة الأسرة، وجدت أنها قدمت الفوازير بهويتها المألوفة كمقدمة برامج مميزة! أي أنها لم تحاول أن تمثل ولا تقلد البتة! فقد تكون الشخصية التي تقدمها هي «كليوبترا» تتشح بالزي الذي يرمز إليها، ولكن «الحشوة» هي «حليمة» مقدمة البرامج التي يخبرها المتلقي بصفاتها، ومزاياها ومثالبها التي صارت - بحكم الألفة - علامة فارقة تميزها عن غيرها اللواتي صار بعضهن يقلدنّها، ويتماهيّن مع شخصيتها التلفزيونية! الأمر الذي يحرضنا على القول بأنها «حلمنت» الشخصيات التاريخية والعصرية التي قدمتها في الفوازير و «بولندتها» أي أنها أحالت الشخصية المحورية في الفزورة إلى مقدمة برامج! قكان الأجدر- والأمر كذلك- أن يكون السؤال موجه للشخصيات المقلدة عن رأيهّن عما إذا كنَّ عرفنَّ هوياتهنَّ من خلال تقديم «حليمة»! لكن الشخصيات راحلات.

* والفزورة صناعة مصرية صرفة، بدأت في الخمسينيات إذاعية، عبر الإذاعة المصرية، وكان أول من أبدعها الشاعر الشعبي العظيم «بيرم التونسي»، ولقد لقيت نجاحاً جماهيرياً طاغياً أفضى بالقيمين على الإذاعة إلى معاودة تقديمها حتى صارت عادة رمضانية تلفزيونية لا فكاك منها! وكأن فوازير حليمة تعيدنا الى فوازير الأيام الخوالي الإذاعية التي كانت تقدمها مذيعة بمنأى عن «الهشك بشك والهز يا وز» الذي اقتحم الفوازير بعد أن «تتلفزت على واحدة ونص»!.

ومن هنا أقول إن مقارنة «حليمة» بنجمات التمثيل والاستعراض اللواتي سبقنها في هذا المجال ظالم لها ولهنَّ! لأنها - ببساطة - لم تزعم أنها ممثلة! ولم تدع بأنها راقصة استعراضية! هب - مثلاً - أنها قدمت فوازيرها متأسية بطريقة من سبقتها، فهل سيتاح للفوازير الخروج من عيون «مكتوبجي» ورقيب وزارة الإعلام، فضلاً عن رقابة المجتمع التي باتت أشد تزمتاً وقمعاً من الرقابة الرسمية!

*إن «حليمة بولند» خريجة كلية الإعلام، تتسم بحضور تلفزيوني بهّي ينفذ إلى وجدان الأطفال والصبيان والشباب، فضلا عن الشيّاب أمثالي، أما اختلاف بنات جنسها بشأن أدائها المميز، وأناقتها المبهرة، فمردّه مشاعر الغيرة والحسد التي تكتنف وجدان أعضاء نادي أعداء النجاح! وهذه بلية تلاحق كل ناجح في شتى مناحي الإعلام والفن.. والإبداع بعامة.

«والنجاح يغطي عورات كثيرة» كما يقول الفيلسوف الأيرلندي الساخر «برناردشو» ومن هنا تجدنا - نحن معشر مريدي «بولند» نتعامى عن هفواتها وكبواتها، وبتنا ننظر إليها: مناقباً ومزايا وعلامات فارقة تميزها عما عداها من مقدمات البرامج! والنجاح - بداهة - لا ينشأ من فراغ، وأحسبها تدرك ذلك جيداً، كما سمعته منها مراراً من خلال أحاديثها التلفزيونية والصحفية.

ذلك أن «النجاح يتوقف دائما على تحضير مسبق، بدونه لا بد أن يحدث الفشل» بحسب قولة فيلسوف الصين «كونفوشيوس». وفي هذا السياق ثمة أحاديث نبوية شريفة، وأشعار، وأقوال مأثورة شتى تتمحور حول أسباب النجاح وعدته وأدواته وقيمه وتقاليده وقوانينه وكل ما يفضي إليه، ولا أحسب أن بنيتنا بحاجة إلى مواعظ فيها، لظني أنها تتأسى بها، وتأخذ بها وتمارسها في حياتها المهنية!

زبدة هذه الهذرة التلفزية الرمضانية هي أنها «حلمنت وبولندت» الفوازير وقدمتها بهويتها وشخصيتها، فحق لها، والامر كذلك، أن تنعت الفوازير باسمها، وتنسب اليها، ولا بأس عليها من اختلاف المتلقين بشأن اخفاقها أو نجاحها في تقديم الفوازير، حسبها أنها قدمت الفوازير بشروطها وشخصيتها، وأسلوبها المألوف في تقديم البرامج التلفزية!ِ «ذلك أن الفن هو الأسلوب، والأسلوب هو الإنسان، كما يقول «شاتوبريان»!

وبهذا المعنى فإنها مولاة أسلوب مميز صار علامة عليها، رغم القيل والقال الذي يلوكه أعضاء نادي أعداء النجاح، في كل مكان وحين.

back to top