قانون التجمعات الحكومي غير دستوري ولم يأتِ بجديد عما ألغته الدستورية هل قرأت الحكومة حكم المحكمة الدستورية الصادر 2006؟

نشر في 09-04-2008 | 00:00
آخر تحديث 09-04-2008 | 00:00

لم يأتِ قانون التجمعات الذي أقرته الحكومة عبر مرسوم ضرورة أمس الأول بجديد على القانون الذي ألغته المحكمة الدستورية عام 2006، وانتهت إلى عدم دستورية المواد لمخالفتها نصوص الدستور، وبعدما ألغت المحكمة فكرة الترخيص التي رأت المحكمة الدستورية مخالفتها لنصوص الدستور الداعمة لحرية الاجتماعات العامة.

بعدما قضت المحكمة الدستورية في مايو 2006 بعدم دستورية قانون التجمعات الصادر في عام 1979 لمخالفته نصوص الدستور وتحديداً المادة 44 من الدستور، فضلا على اعتبار أن القانون صدر في غياب مجلس الأمة وتعطيل الحياة النيابية.

وعلى الرغم من وضوح حكم المحكمة الدستورية عام 2006 بمخالفة النصوص الموضوعة من الحكومة لقانون التجمعات العامة ومخالفتها لإدارة المشرع الدستوري على اعتبار أن الدستور يحظر تقييد حق تنظيم التجمعات العامة من كل قيد، تسعى السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة إلى وضعه، وخير دليل حكم المحكمة الدستورية عندما ألغى نص المادة الرابعة من القانون لأنها تلزم الأفراد بالحصول على ترخيص مسبق من المحافظ لكي يتم إجراء التجمع العام، وهو النص الذي حظر المشرع الدستوري صراحة على السلطة التنفيذية أو حتى القانون على نهجه، إذ تنص المادة 44 من الدستور الكويتي على أن «للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن او اخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الامن حضور اجتماعاتهم الخاصة. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة، وفقا للشروط والاوضاع التي يبينها القانون، على ان تكون اغراض الاجتماع ووسائله سليمة ولا تنافي الآداب».

وتقول المذكرة التفسيرية في شرحها للمادة 44 التي يعتبرها أغلب الخبراء الدستوريين ملزمة: «إن تحفظ هذه المادة لاجتماعات الناس الخاصة حريتها، فلا يجوز للقانون -ولا للحكومة من باب أولى- أن توجب الحصول على إذن بهذه الاجتماعات أو إخطار أي جهة عنها مقدما، كما لا يجوز لقوات الأمن إقحام نفسها على تلك الاجتماعات، ولكن هذا لا يمنع الأفراد أنفسهم من الاستعانة برجال الشرطة، وفقا للإجراءات المقررة، لكفالة النظام أو ما إلى ذلك من أسباب. أما الاجتماعات العامة سواء كانت في صورتها المعتادة في مكان معين لذلك، أو أخذت صورة مواكب تسير في الطريق العام، أو تجمعات يتلاقى فيها الناس في ميدان عام مثلا، فهذه على اختلاف صورها السابقة لا تكون إلا «وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون» وبشرط «أن تكون أغراض الاجتماع (أو الموكب أو التجمع) ووسائله سليمة ولا تنافي الآداب. وتحديد المعنى الدقيق للاجتماع العام والمعيار الذي يفرق بينه وبين الاجتماع الخاص، أمر يبينه بالتفصيل اللازم القانون الذي يصدر بهذا الخصوص».

ويتضح من خلال النص الدستوري والمذكرة التفسيرية تأكيدهما على عدم ربط حرية عقد الاجتماعات العامة بأي ترخيص وهو ما رفضته المحكمة الدستورية في حكمها الصادر عام 2006، أو حتى ما جاء به القانون الجديد الذي أصدرته الحكومة في جلستها الماضية عبر مرسوم ضرورة بتمكين راغبي عقد الاجتماعات العامة من اللجوء إلى السلطة العامة عن طريق الإخطار على الرغم من وضوح النص الدستوري برفض ما يسمى الإذن من السلطة أو حتى الإخطار.

وقبل مناقشة النصوص التي انتهت المحكمة الدستورية إلى القضاء بعدم دستوريتها، ومقارنتها مع النصوص التي أقرها مجلس الوزراء عبر مرسوم ضرورة يتبادر إلى الذهن سؤال في غاية الأهمية وهو: هل قرأت الحكومة أو حتى محاموها بالفعل حكم المحكمة الدستورية الذي انتهى إلى عدم دستورية قانون التجمعات لمخالفته النصوص الدستورية؟ فالنصوص الجديدة لا توحي بوجود تغيير في المضمون، وكل ما حدث هو استحداث شكل جديد لتقييد حرية الأفراد بعقد الاجتماعات العامة، بل ان الحكومة بمرسوم الضرورة الذي أقدمت عليه أفقدت الحكم الدستوري الذي لام الحكومة على تعديها على الدستور عام 1979 بإصدار قانون التجمعات معناه، لكن على ما يبدو ان الحكومة لم تعِ جيدا المبادئ التي كرستها المحكمة الدستورية في حكمها من الحفاظ على الدستور وضرورة تفعيل نصوصه، وهو ما كان يتعين على الحكومة السعي إليه بدلا من الالتفاف على حكم المحكمة الدستورية ومن قبله الدستور.

ومع طرح النصوص التي أقرتها الحكومة بلباس جديد يتضمن جوهر النصوص التي قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها تتعين الإشارة بدايةً إلى طرح النصوص المقضي بعدم دستوريتها ومقارنتها مع النصوص التي جاءت بها الحكومة.

المادة الأولى

تضمنت المادة الأولى من قانون التجمعات المقضي بعدم دستوريته تعريفا للاجتماعات العامة على النحو التالي «يعتبر اجتماعا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون كل اجتماع يحضره أو يستطيع حضوره عشرون شخصا على الأقل للكلام أو لمناقشة موضوع او موضوعات عامة او أمور أو مطالبات تتعلق بفئات معينة» بينما جاءت المادة الأولى من القانون الجديد على النحو التالي «يعتبر اجتماعا عاما في تطبيق احكام هذا القانون، كل تجمع لعدد من الافراد لا يقل عن ثلاثين شخصا يعقد في مكان ما فترة من الوقت للتعبير عن آرائهم في ما يعن لهم من مسائل سياسية او اجتماعية او اقتصادية تهم المجتمع ويجوز لهم حضوره من دون دعوة». ويتضح من خلال النصين أن المشرع الكويتي في قانونه الأخير وضع معيارين لاعتبار الاجتماع عاما، الأول أن يزيد عدد الحاضرين على ثلاثين، والأمر الآخر ان تكون المواضيع محل الاجتماع المنعقد هي مواضيع ذات مسائل سياسية او اجتماعية أو اقتصادية، وهو الأمر الذي يدعونا للتساؤل هل الاجتماعات التي تقل عن هذا العدد لا تعد عامة، والأمر الآخر إذا ما كان العدد يفوق الثلاثين ولكن الاجتماع يناقش قضية رياضية أو عسكرية أو طبية او غيرها من المواضيع لا تعد في هذه الحالة ووفقا للنص هنا لا تعد اجتماعات عامة، وهو ما يعطي انطباعا عن مدى القصور الذي يعانيه المشرع في تفهم وضع الاجتماعات العامة واعتماد مبدأ التقييد على الاجتماعات ذات القضايا السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، كما يتبادر سؤال أيضا للذهن: ما هي القضايا السياسيية التي يحظرها المشرع في قانونه الجديد أم أن كل شيء يطلق عليه سياسي هو محظور.

ومثلما انتقدت المحكمة الدستورية مسلك المشرع الحكومي عند وضعه قانون التجمعات المقضي بعدم دستوريته لعمومية العبارات التي تحتويها المادة الأولى من القانون السابق فإن المادة الجديدة لا تخلو هي الأخرى من العموميات وعدم الوضوح وكأن المشرع في قانونه الجديد أراد أن يرمم القانون القديم ولكن بطريقة لاتتناسب مع تشريع ينظم حرية من أكبر الحريات التي افرد لها الدستور نصا يحميها من تدخل السلطة التنفيذية.

المادة الثانية

بالنظر إلى نص المادة الثانية من القانون القديم التي تنص على أنه «لايعتبر اجتماعا عاما في تطبيق أحكام هذا القانون:

أ-الاجتماعات الدينية المحضة التي تتم في دور العبادة.

ب- الاجتماعات التي تنظمها وتدعو إليها الجهات الحكومية المتخصصة.

ج- الاجتماعات التي تعقدها الهيئات النظامية المعترف بها كالنقابات واتحادات أصحاب الأعمال والجمعيات ذات النفع العام والأندية والجمعيات التعاونية والهيئات الرياضية واتحادات هذه الهيئات والشركات التجارية لمناقشة المسائل التي تدخل في اختصاصها طبقا لنظامها الأساسي. ومع ذلك فإذا خرجت هذه الاجتماعات إلى مناقشة موضوعات خارجة عن النطاق السابق اعتبرت اجتماعات عامة وسرت عليها أحكام هذا القانون.

بينما جاءت المادة الثانية من القانون الجديد على النحو التالي «لا يعتبر اجتماعا عاما في تطبيق احكام هذا القانون:

أ- الاجتماعات الدينية التي تتم في دور العبادة المصرح بها من قبل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية.

ب-الاجتماعات التي تنظمها او تدعو اليها الجهات الحكومية المختصة.

ج- الاجتماعات التي تعقدها الهيئات النظامية المعترف بها كالنقابات واتحادات اصحاب الاعمال والجمعيات ذات النفع العام والاندية والجمعيات التعاونية والهيئات الرياضية واتحادات هذه الهيئات والشركات التجارية لمناقشة المسائل التي تدخل في اختصاصها طبقا لنظامها الاساسي.

د-ما جرى به العرف من اجتماعات في الدواوين الخاصة للكلام في موضوعات متفرقة من دون دعوة عامة لبحث موضوع عام محدد بالذات.

ومع ذلك، فإذا خرجت هذه الاجتماعات الى مناقشة موضوعات خارجة عن النطاق السابق اعتبرت اجتماعات عامة وسرت عليها احكام هذا القانون.

ويتضح من خلال النص السابق أنه لا يتعارض مع النص المقضي بعدم دستوريته وتطابقه معه باستثناء الفقرة الأولى حيث يعتبر القانون الجديد ان الاجتماعات الدينية ليست من قبيل الاجتماعات العامة شريطة أن يتم ممارستها في دور العبادة المصرح بها لذلك من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وبالتالي فإنه حسب النص فإن عقد ما يزيد على ثلاثين مواطنا لاجتماع داخل المسجد أو إحدى الحسينيات أو أي دور عبادة معتمد من قبل وزارة الأوقاف فإن الاجتماع هنا لن يكون اجتماعا عاما، وعلى العكس فإنه يجوز للسلطة مداهمة المساجد أو الحسينيات لفض الاجتماعات التي لا يكون هدفها دينيا، وهذا يتضح من الفقرة الأخيرة للمادة الثانية بقولها «ومع ذلك، فإذا خرجت هذه الاجتماعات الى مناقشة موضوعات خارجة عن النطاق السابق اعتبرت اجتماعات عامة وسرت عليها احكام هذا القانون».

كما أن المشرع في القانون الجديد وضع المادة الثالثة في القانون المقضي بعدم دستوريته بالفقرة «د» من القانون الجديد حيث اعتبر أن الاجتماعات التي تعقد في الدواوين العادية بغرض طرح أي موضوع ليست من قبيل الاجتماعات العامة وهنا لم يأت المشرع بقانون الجديد بجديد.

المادة الثالثة

وبالنظر إلى المادة الثالثة من القانون الجديد التي تنص «على كل من يرغب في تنظيم اجتماع عام ان يخطر عنه كتابة المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه قبل عقده بعشرة ايام على الاقل، وتخفض هذه المدة الى خمسة ايام اذا كان الاجتماع انتخابيا».

ويقصد بالاجتماع الانتخابي في تطبيق احكام هذه المادة الاجتماع الذي يتم لتأييد مرشح للانتخابات لعضوية مجلس الامة او المجلس البلدي او سماع اقواله بشرط ان يكون موعد الاجتماع واقعا في الفترة من دعوة الناخبين للانتخابات حتى اليوم السابق على اجرائه.

وبالنظر إلى هذه المادة والمادة المقضي بعدم دستوريتها وتحديدا المادة الرابعة منه التي تنص على أنه «لا يجوز عقد اجتماع عام أو تنظيمه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه ويمنع ويفض كل اجتماع عام عقد دون ترخيص»، ويتضح من خلال هذا النص أن القانون الجديد استبدل الآلية المقضي بعدم دستوريتها التي استوجبت الحصول على ترخيص إلى المادة الجديدة التي استوجبت إخطار المحافظ من راغبي عقد الاجتماع على الرغم من نص المادة 44 الواضح برفض المشرع الدستوري تقييد حق الاجتماع العام بآليتي الإذن الخاص والإخطار، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية في حكمها بعدم دستورية قانون التجمعات بمقولة: «إن المادة 4 من المرسوم بقانون، وإذ جاء نصها على عدم جواز عقد اجتماع أو تنظيمه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المحافظ الذي سيعقد الاجتماع في دائرة اختصاصه فضلا عن منع وفض كل اجتماع عقد دون ترخيص، وحظر الدعوة إلى أي اجتماع عام أو الإعلان عنه أو نشر أو إذاعة أنباء بشأنه قبل الحصول على هذا الترخيص وجعل هذا النص الأصل في الاجتماعات العامة هو المنع، وإباحتها استثناء، وأقام هذا الاستثناء على أساس واحد هو سلطة الإدارة المطلقة حيال هذه الاجتماعات دون حد تلتزمه أو قيد تنزل على مقتضاه، او معيار موضوعي منضبط يتعين مراعاته دائما، مخولا لهذا النص اختصاصا غير مقيد لتقدير الموافقة على منح الترخيص به، أو عدم الموافقة عليه، وبغير ضرورة موجبة تقدر بقدرها فتدور معها القيود التابعة لها وجودا وعدما، بحيث تتمخض سلطة الإدارة في نهاية المطاف -سلطة طليقة من كل قيد لا معقب عليها ولا عاصم منها ومما يزيد من تداعيات حكم هذا النص ما تناولته المادة الأولى من تعريف للاجتماع العام».

ويتضح من خلال المبدأ الذي كرسته المحكمة الدستورية انه يتعين أن يكون تنظيم الاجتماعات العامة بعيدا كل البعد عن إطلاق يد سلطة الإدارة ممثلة في السلطة التنفيذية والقانون الجديد يكرس المخالفة مرة أخرى بإلزامه الأفراد بقيود لم يتضمنها حتى القانون المقضي بعدم الدستورية وهذه القيود ووفقا لمنهج المحكمة الدستورية في حكمها سابق الإشارة لو عرضت مجددا امام المحكمة الدستورية فلن تتردد على الحكم بعدم دستورية القانون الجديد لتطاول تلك القيود الموضوعة على رغبة المشرع الدستوري في حماية حق تنظيم الاجتماعات العامة.

ومن جانب آخر اشترط القانون من راغبي عقد الاجتماع التقدم بالطلب قبل عقد الاجتماع بـ10 أيام، وإذا كان الاجتماع انتخابيا يتعين التقدم بالطلب قبل 5 أيام، وهذا النص يأتي بخلاف النص المقضي بعدم دستورية الذي يحدد فترة التقدم بالطلب بـ5 أيام وإذا كان الاجتماع لغرض انتخابي يكون تقديمه قبل يومين.

المادة الرابعة

وتنص المادة الرابعة من القانون الجديد على الآتي: «يتم الاخطار عن عقد الاجتماع العام بكتاب يقدم الى المحافظ المختص، موقعا من عدد لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة من المواطنين المقيدين بجداول الانتخاب، وتُبين فيه اسماؤهم ومهنهم وصفاتهم ومحل اقامة كل منهم والمكان والزمان المحددان للاجتماع والغرض منه، ويعطى مقدم الاخطار ايصالا باستلامه، واذا كان مقدم الاخطار ممثلا لشخص اعتباري وجب ان يرفق بالكتاب ما يثبت صفته، وان الهيئة النظامية للشخص الاعتباري قد خولته طبقا لنظامها الاساسي تنظيم الاجتماع.

واذا كان مكان الاجتماع مقرا لشخص اعتباري وجب ان يرفق بالاخطار ما يثبت ان الجهة المختصة بالهيئة النظامية له قد وافقت على عقده في مقرها.

وتحظر الدعوة الى اي اجتماع عام او الاعلان عنه او نشر او اذاعة انباء بشأنه قبل الاخطار المشار اليه وفوات مواعيد الاعتراض عليه.

ويجب ان يذكر في كل دعوة توجه لحضور اجتماع عام او اعلان او نشرة عنه الغرض منه واسماء منظميه، فإذا كان كل او بعض منظميه قد اخطروا عن عقده باعتبارهم ممثلين لاشخاص اعتباريين وجب ان تذكر الاسماء الحقيقية لهؤلاء الاشخاص، حسبما هي مسجلة في الهيئة العامة للمعلومات المدنية.

وهو الأمر الذي يدعونا إلى طرح تساؤلنا مرة أخرى: هل قرأت الحكومة او محاموها جيدا حكم المحكمة الدستورية الصادر في عام 2006 فقد وجد الترخيص الموضوع في القانون السابق ردة فعل عنيفة من المحكمة الدستورية، فما لنا بالقيود الموضوعة في القانون الجديد وهي على النحو التالي حسبما تبينها المادة الرابعة من القانون:

أولا: تلزم المادة الرابعة راغبي التنظيم التقدم بطلب كتابي إلى المحافظ على الرغم من أن المادة الثالثة تتطلب الإخطار فقط وإذا ما سرنا وفق ما نصت عليه المادة الرابعة فإن الأمر بمنزلة تقدم طالبي الاجتماع للترخيص من المحافظ وكل ما فعلته الحكومة في قانونها هو الالتفاف على حكم المحكمة الدستورية الذي ألغى نص المادة الرابعة من قانون التجمعات لاشتراطه الحصول على ترخيص، وهنا تشترط المادة الرابعة من القانون الجديد ذات الترخيص بمقولة التقدم بكتاب موقع إلى المحافظ موقعا من عدد لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة من المواطنين، وهنا النص طلب تسجيل عشرة مواطنين كحد أقصى، بينما يشترط في وصف الاجتماع العام بألا يقل عدد الحاضرين فيه عن ثلاثين وكان يتعين على المشرع أن يوحد المعيار الذي يعتبر من خلاله الحاضرين بانهم في اجتماع عام.

ثانيا: تشترط المادة الرابعة أن يكون الأشخاص طالبو الاجتماع مواطنين ومقيدين بجداول الانتخاب، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلا مهما، وهو أن غير المقيدين لا يمكنهم التقدم بطلب عقد الاجتماع العام، فمثلا العسكريون في الجيش أو الشرطة لا يمكنهم التقدم بطلبات لأنهم ليسوا مقيدين، كما لا يجوز للمواطنين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما التقدم بطلب لكونهم ليسوا مقيدين، وأخيرا فإن المشرع الكويتي حرم كل مواطن من ممارسة حق عقد الاجتماع العام لأنه غير مقيد وهو قيد لم يستوجبه الدستور، فما الرابط بين قيد المواطن في القيد الانتخابي وأحقيته في ممارسة حقه في عقد اجتماع عام، وأخيرا فإن المشرع في قانونه الجديد قصر حق طلب عقد الاجتماعات العامة على المواطنين فقط، وهو ما يعني أن الوافدين لا يمكنهم التقدم بطلب لعقد اجتماع عام.

ثالثا: استلزم المشرع في قانونه الجديد على المتقدمين برغبة عقد اجتماع للاشخاص الاعتباريين أن يرفق في كتابه للمحافظ موافقة الهيئة النظامية للشخص الاعتباري وهنا المقصود حسبما نفهم موافقة مجلس إدارة الشخص الاعتباري مثلا.

رابعا: اشترطت المادة في طالب الترخيص الذي يسميه القانون إخطارا، يتضمن طلب الغرض من التجمع كما يتعين أن تكون أسماء طالبي الترخيص متطابقة مع أسمائهم الموجودة والمسجلة بهيئة المعلومات المدنية.

المادة الخامسة

تنص المادة الخامسة من القانون الجديد على أن « للمحافظ إبلاغ منظمي الاجتماع العام او احدهم في مقر اقامته او مقر الشخص الاعتباري حسب الاحوال كتابة باعتراضه على عقد الاجتماع، اذا تبين ان اغراض الاجتماع تتضمن اخلالا بالامن او النظام العام او الآداب، ويجب ان يكون الاعتراض مسببا، وذلك قبل الموعد المحدد للاجتماع بخمسة ايام على الاقل وتخفض هذه المدة الى يومين اذا كان الاجتماع انتخابيا.

ويترتب على الاعتراض وقف عقد الاجتماع حتى يتم البت في التظلم على الوجه المبين في المادة التالية.

وهذه المادة تؤكد أن الإخطار ليس بالمفهوم الحقيقي لمعنى الإخطار وإنما ترخيص ولكن قصد تسميته بالإخطار للهروب من حكم المحكمة الدستورية، كما أن القانون القديم منح ذات الحق للمحافظ بالرفض وبالتالي فالنص لايحمل جديدا.

المادة السادسة

تنص المادة السادسة من القانون الجديد على الآتي:

لمنظمي الاجتماع العام حق التظلم من اعتراض المحافظ الى محكمة الاستئناف خلال ثلاثة ايام من تاريخ ابلاغهم به، ويرفع التظلم بعريضة تبين بها اسبابه وتقدم إلى المحكمة. وتفصل فيه الدائرة الادارية بالمحكمة خلال سبعة ايام من تاريخ تقديمه ويكون حكمها نهائيا.

وهذا النص يختلف عن القانون القديم الذي يمنح حق التظلم إلى وزارة الداخلية، لكن الملاحظة التي تثور هنا لماذا لاينظر التظلم امام القضاء العادي وعلى ثلاث درجات تقاضي، بدلا من قيد هذه الحرية في درجة تقاضي واحدة هي محكمة الاستئناف.

وبالنظر إلى العقوبات التي يتضمنها القانون الجديد فهي مبالغ فيها على نحو كبير، حيث تنص المادة الخامسة عشرة من القانون على النحو التالي: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نظم أو عقد اجتماعا عاما أو موكبا أو تظاهرة أو تجمعا بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وكل من دعا الى ذلك. ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعلن أو نشر بأي وسيلة من وسائل الاعلان أو النشر دعوة لاجتماع عام أو موكب أو تظاهرة أو تجمع بالمخالفة لأحكام هذا القانون. ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اشترك في اجتماع عام أو موكب أو تظاهرة أو تجمع تم تنظيمه أو الدعوة اليه بالمخالفة لأحكام هذا القانون مع علمه بذلك، ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من خالف الحظر الوارد في الفقرة الثانية من المادة 12 من هذا القانون. وهو الأمر الذي كان يتعين على المشرع في القانون الجديد عدم التسرع بعقوبات كالتي انتهى إليها بعقوبات تصل إلى السجن 3 سنوات وبغرامات تصل إلى 10 آلاف دينار.

back to top