دعوة إلى إفساح الطريق أمام المرأة الكويتية وإشراكها في صنع القرار ضمن دراسة حديثة أعدها المجلس الأعلى للتخطيط
المجلس الأعلى للتخطيط أعد أخيراً دراسة عن واقع المرأة الكويتية شددت على ضرورة التخلي عن العادات والتقاليد والموروثات التي تحد تقدم المرأة الكويتية، ودعت الى إصدار قرار سياسي بتطبيق نظام «الكوتا» مع النساء، مع تشجيع المبادرات النسائية الخاصة بالحياة العملية (سيدات الأعمال).
ركّزت إحدى الدراسات الحديثة في مجال المرأة، على تمكين المرأة في كافة النواحي السياسية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب تعزيز مشاركتها في تنمية بلادها. ونادت الدراسة، التي أعدها المجلس الأعلى للتخطيط، بتوفير الحماية التشريعية القانونية للمرأة في حالات العنف الأسري والعنف المجتمعي بكل أشكاله. في وقت دعت الى العمل على إحداث تطور تشريعي قانوني مستمر في ما يحقق الدعم للمرأة وتمكينها، مع ضرورة إفساح المجال للمرأة في المشاركة في صياغة القوانين والتشريعات، خصوصا تلك التي تتصل بقضاياها الإنسانية والاجتماعية ومسائلها الشخصية.نظام الكوتاوفيما شددت الدراسة، التي حصلت «الجريدة» على نسخة منها، على ضرورة دعم أوضاع النساء في الحياة السياسية وزيادة نسبة مشاركتهن في هيئات ومواقع صنع القرار، حثت في المقابل على تطبيق نظام الكوتا (الحصص) مع النساء، وذلك في مواقع القرار السياسي مثل مجلس الأمة، مع أهمية وجود آلية تنظيم لنظام الحصص (الكوتا) وإصدار القرار السياسي بهذا الشأن.وطبقا لتوصيات الدراسة، فإن هناك حاجة للعمل على إزالة التناقضات في القوانين والتشريعات في حالة وجودها (في ما يتصل بمسائل المرأة)، لا سيما في قوانين العمل والخدمة المدنية والأحوال الشخصية، مع ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات التي تدعم مشاركة المرأة في الحياة السياسية.كسر الفجوةويرى معدو الدراسة ضرورة العمل على زيادة نسبة النساء في مواقع السلطة الإدارية وكسر الفجوة النوعية في هذه المواقع، في وقت ربطوا فيه هذا الأمر، بأهمية العمل على تغيير أو تعديل الاتجاهات والمواقف المجتمعية السلبية من مشاركة المرأة في الحياة السياسية والشأن العام، وذلك بتكثيف برامج التوعية والتثقيف عبر وسائط إعلامية وتجمعات محلية ومن خلال المحاضرات التوعوية.ودعت الدراسة، في سياق آخر، الأسر الكويتية الى التخلي عن العادات والتقاليد والموروثات التي تحد من تقدم المرأة، أو مناولتها حقوقها. ووصفت تلك العادات والتقاليد بأنها «ليست على علاقة بالقيم الإسلامية السمحاء والثقافة العربية». في وقت أكدت على ضرورة «تبديد الخلط غير الصحيح والسليم، بين مبادئ الدين الإسلامي في المرأة، ومبادئ الأعراف والتقاليد».وحضت الدراسة الجهات المعنية على ضرورة تفعيل القوانين والتشريعات المتصلة بقضايا المرأة وتمكينها، والبحث في آليات ممكنة تلزم الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية على منح المرأة حقوقها والتعامل معها وفقا لحقوقها الدستورية والقانونية، من دون تعسف أو إجحاف.وطالبت الدراسة بإجراء دراسة مشتركة، على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، في مجال القوانين والتشريعات (بخصوص المرأة)، بهدف تبادل الخبرات وتحديد القواسم المشتركة في مجال تمكين المرأة، في وقت حفزت فيه للعمل على إيجاد مكاتب استشارية ذات صفة اجتماعية قانونية، تقدم للمرأة والرجل الاستشارة والعون في المجال الحقوقي ومجال التعاطي مع الأزمات الأسرية من أجل تحقيق علاقات أسرية قويمة.وعي مجتمعيوتسعى الدراسة، التي تقع في 300 صفحة، إلى خلق وعي مجتمعي حول حقوق المرأة ومناصرتها للحصول على حقوقها، ومساواتها بالرجل، وعدم التمييز ضدها، خصوصا في حقوق التعليم والعمل والمشاركة السياسية، وهي الحقوق المكفولة في الدساتير والأنظمة والقوانين الوطنية. ورأت بأن ضمان فاعلية تمكين المرأة ودعمها في عمليات التنمية، ينبغي «أن يتحقق ويتكرس من خلال الأطر التشريعية والقانونية التي تتطلب إقرار الحماية الدستورية والقانونية لحقوق المرأة وتمكينها اجتماعيا واقتصاديا وتربويا». وأكدت توصيات الدراسة مناسبة تنفيذ برامج تعليمية في مجال حقوق الإنسان عامة، وحقوق المرأة خاصة في المدارس والجامعات والمعاهد وغيرها، وصولا إلى توعية النساء وتبصيرهن بحقوقهن التي كفلها لها الدستور، والقوانين والتشريعات الأخرى، وتحفيزهن على متابعة حقوقهن والتعاطي مع الحقوق والواجبات بكثير من الوعي والاهتمام والإدراك.التمكين السياسي للمرأةوشدد معدو الدراسة على ضرورة الدفع والعمل على تقوية المبادرات والاتجاهات التي تعزز من دعم أوضاع المرأة في الحياة السياسية، والسعي نحو إيجاد خطة عمل مشتركة بين دول المجلس في مجال التمكين السياسي للمرأة، مع ضرورة تبادل الخبرات والتجارب بما يحقق تفعيل أفضل لواقع المرأة.وتم التشديد كذلك على أهمية وضرورة وجود سياسة إعلامية واضحة داعمة ومساندة للمرأة وقضاياها الإنسانية والحقوقية، معززة لأدوارها السياسية وإفساح المجال للمرأة للتعبير عن قضاياها، من خلال البرامج الإذاعية والتلفزيونية.ويدعم هذا الاتجاه، وفقا لتوصيات الدراسة، تصميم برامج توعية وتثقيف للرجال والنساء على حد سواء، وذلك في مجال الحقوق بصفة عامة وحقوق المرأة السياسية والاقتصادية بصفة خاصة، وإنتاج كتيبات ومطويات سهلة التداول تتناول موضوعات عن الحقوق الديموقراطية، مفاهيم المواطنة، المشاركة، المساواة، ونشرها في أوساط الشباب والناشئة، من أجل إعادة إنتاج قيم جديدة تسهم في تحقيق المساواة والعدالة والإنصاف والتمكين للمرأة.ومن الضروري، وفقا لتوصيات الدراسة، «إعادة النظر في أساليب التدريس والنظم التعليمية والتقليدية، وخلق بيئة مدرسية مشجعة وجاذبة للطلاب والطالبات»، مع التأكيد على أهمية ربط احتياجات الإناث بالاحتياجات التنموية، وجعل مخرجات التعليم، تعكس الاحتياجات الآنية. والدفع باتجاه تشجيع الإناث على ارتياد مدارس التعليم الفني والمهني، وتمكينهن من المهارات والمعارف التكنولوجية.وتضمنت توصيات الدراسة الاجتماعية، الدعوة إلى إيجاد علاقات اجتماعية متكافئة للمرأة في الأسرة والمجتمع والسعي نحو تحقيق مكانة اجتماعية لائقة بها، وإيجاد برامج توعية وتثقيف تختص بمسائل التنشئة الاجتماعية، وتوجه للأسرة، بحيث يتم التأكيد في هذه البرامج على أهمية وجود تنشئة اجتماعية سليمة للأبناء، تتسم بعدم التمييز بينهم بحسب الجنس.توظيف النساءوشخصت الدراسة واقع المرأة في المجتمع، وأسفرت عن تحديد أبرز المعوقات التي تقف أمام تقدمها في مجتمعها، ولم تغفل مشاركة المرأة في الحياة العملية والنشاط الاقتصادي، وهو ما عبرت عنه بضرورة إلزام الوزارات والهيئات التابعة للقطاع العام، ومؤسسات القطاع الخاص، على توظيف النساء وتقديم التدريب والتأهيل اللازمين لهن، وعدم الإحجام عن توظيف النساء لأسباب اجتماعية وثقافية.ودعت الدراسة الى تقديم القروض والتسهيلات المادية للنساء الراغبات في إقامة مشاريع استثمارية إنتاجية، وذلك عبر صناديق تنمية اجتماعية، أو عبر البنوك، ورأت ملاءمة إجراء دراسات وبحوث ميدانية للوقوف على مشكلات المرأة العاملة، واحتياجاتها، وحل معضلاتها في الحياة العملية، وتحقيق توازن عادل في مجال التوظيف والترقية والتدريب والتأهيل.وأكدت الدراسة على ضرورة العمل لدعم وتعزيز أوضاع النساء في مجال العمل، وزيادة مشاركتهن الاقتصادية بنسب عادلة، بما يحقق للمرأة وجودا كافيا واعتمادا ذاتيا. ودعمت هذه التوصية بالتأكيد على ضرورة وأهمية توفير الخدمات المساعدة للمرأة العاملة (الزوجة الأم العاملة)، من أهمها توفير الحضانات ورياض الأطفال القريبة من مناطق عملها، وبأسعار مخفضة مع إمكانات توفير المواصلات العامة، وإلزام القطاع الخاص بتأمين الخدمات المساعدة للمرأة، وإن لزم الأمر بأسعار رمزية تقدر عليها المرأة.سيدات الأعمالودعت الدراسة، المنتظر إقرارها من قبل مجلس الوزراء، الى أن تنتقل المرأة الكويتية لمستويات متقدمة، وإلى تشجيع المبادرات النسائية الخاصة بالحياة العملية (سيدات الأعمال)، والعمل على إزالة المعوقات أمامهن، وإفساح المجال لهن في الانخراط والوجود في مجالس غرفة تجارة وصناعة الكويت، والتعامل معهن كشريك فاعل ومتمكن، إضافة إلى إعطائهن أولوية كبيرة في الخطط والبرامج الاقتصادية، كذلك إدماج احتياجاتهن في الميزانيات الحكومية العامة، الى جانب منحهن أولوية متقدمة في المشروعات.