إدوارد الخرّاط: المبدع الحقيقي يمتلك رؤية زرقاء اليمامة

نشر في 12-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 12-11-2007 | 00:00
No Image Caption

يُعّد الأديب والناقد إدوارد الخراط أحد أبرز الأسماء الذين دشنوا ما يسمى بالحداثة في العالم العربي عبر أعماله الروائية. جمع بين الأدب والنقد وتناول في كتاباته ومقالاته النقدية الحداثة وما بعدها مدافعاً عنها وباحثاً عن التمايز وعن المناطق غير المأهولة في اللغة. كتابات إدوارد الخراط تشبهه إلى حد كبير. تحمل تجاربه. معه هذا الحوار.

أيّة النزعتين تشدّك أكثر: الإبداع أم النقد؟

أتصور أن النقد هو نوع من أنواع الإبداع. لا نستطيع تضنيفه منعزلاً إذ لا يصحّ أن يكون بمنأى عن الإبداع. إنهما يتكاملان ولا حواجز بينهما. لذلك أرى أن النقد هو نوع من الإبداع ولا بد للإبداع في المقابل أن ينطوي على النقد.

هل تعتبر أن فكرة التخصيص في الأدب مجدية؟

يجب أن لا نفرق هنا بين التخصيص وبين ضيق الوقت. فالتخصيص أو التعمق في مجال من مجالات الإبداع أمر مهم ولعله ضروري، لكن هذا لا ينفي الإلمام بأنواع أخرى عن الإبداع أو تذوقها. لكي أمدح الشمس والقمر في شعري لابد أن أعرف أيهما كوكب وأيهما نجم وهذا علم فلك. كذلك كي أكتب رواية عن أم تخاطب جنينها بعد وفاة والده لابد أن أعلم مراحل تكوين هذا الجنين في بطن أمه.

من يعجبك من الكتاب الغربيين في مجال التوجه الفكري وتعتبره موضوعيّاً؟

أنا معجب بالكثير من الكتاب في أوروبا وأميركا حتى على الصعيد الشخصي. كي أكون منصفاً لا أستطيع ذكر أسمائهم كلهم حتى لا يغيب عن بالي أحد. لكن تعجبني طريقة الفيلسوف الكبير نيتشه وأعتبره حالة فريدة من حيث المعالجة الموضوعية والقياس البديع الذي بنى عليه مواقفه، وقد ساهم في شكل فاعل في تطور الأفكار الفلسفية.

ثمة تغيرات في شكل العمل الأدبي. لم تعد القصة مثلاً تلك التقليدية المعروفة، ممّا يستوجب بالتالي ابتكار أشكال جديدة لها. ما رأيك؟

أنا لا أؤمن بالفكرة التي تقول إن ثمة شيئاً يجب فعله أو أشياء يجب عدم فعلها. تختلف المعايير في الفن ويجب ترك المسألة إلى حرية الفنان أو الأديب، حتى يستطيع أن يبدع ما يتفق مع ميوله الشخصية ومع احتياجات المجتمع. المطلوب من المبدع أن يكون سبّاقاً خطوة واحدة على الأقل عمّا هو مألوف أو موجود وأن يمتلك رؤية زرقاء اليمامة وإلا لن تكون لإبداعاته أي قيمة.

كيف ترى حال الثقافة العربية اليوم؟

دائماً ليس هناك رضا، لكن هناك قناعة أن لكل عصر من العصور فرضيته وحتميته التي تجبرنا في بعض الأحيان على البطء في السير نحو الأمام. رغم كل هذه الفرضيات، أنا أتطلع وأتمنى أن يكون إيقاع الثقافة العربية سريعا وعلى طريق التقدم إلى الأمام. كذلك، لابد للثقافة العربية أن تلتحم بشكل سلميّ مع ثقافات العالم، وأن تخرج من إطارها الإقليمي الضيق المحدد، وعليها أن تنفتح وتتسم بالمرونة وتقبل الثقافات الأخرى.

هل ترى أن الكتاب العربي يمر بأزمة حقيقية؟

من حيث الانتشار نعم. يحتل الكتاب العربي المرتبة الأخيرة في قائمة الكتب العالمية من حيث الانتشار. أعزو هذا الأمر إلى أسباب اقتصادية وفنية وإنسانية. اللافت أنه رغم اتساع حجم الترجمة إلى حد كبير إلا أن الكتاب العربي مازال يحتاج إلى المزيد من الانتشار والاتساع وهو أمر يتطلب تكاتف كل القوى على الساحة الثقافية العربية. هذه الأزمة هي الحافز على الإبداع والتجدد وليست سيئة أبداً.

ما رأيك في الأدباء الشباب؟

التعميم دائماً مضلل. لكن الأدباء الشباب هم كثر اليوم ولكل واحد منهم رونقه الخاص. هم مبدعون لكن تتفاوت درجات إبداعهم بحسب ما يملك كل منهم من أدوات خاصة تساعده على هذا الإبداع. لا تحضرني أسماء بعينها، لكنني راض إلى حد ما عن دور هؤلاء الشباب وعن الطريقة التي يعكسون من خلالها الواقع الأدبي الحالي الذي نراه، على الرغم من إخفاق البعض منهم وسببه أن هؤلاء لا يملكون الأدوات الجيدة التي تساعدهم على إنجاز العمل الأدبي الجيد. بصفة عامة تتّسم أعمال الشباب بالاقتحام والمغامرة.

هل استفاد هؤلاء الأدباء منكم ومن تجاربكم الخاصة؟

لا أعرف على وجه التحديد. لكن أعتقد أن كل جيل يستفيد من خبرات الجيل الذي سبقه. المهمة الأساسية لهذا الجيل السابق هي نقل تجربة حياة ورؤية زمنية معينة إلى الجيل الذي يلحق به، ثم يقوم هذا الجيل الثاني بإعادة النظر في التجربة التي سبقته ويأخذ منها ما يتلاءم ووجهة نظره، ويعرضها بما يتناسب مع ظروف ومقتضيات جيله أو عصره. هل أخذ منا الجيل الحالي ما يفيده أم لم يأخذ؟ لا أعرف على وجه الدقة، لكن ما أعلم أن الراية تسلَّم من جيل إلى جيل.

back to top