بعد الحل... الرهان على الشعب في اختيار نواب الأمة آمال بشكل جديد للمجلس والحكومة ترسمه الدوائر الخمس

نشر في 20-03-2008 | 00:00
آخر تحديث 20-03-2008 | 00:00

أجمعت شخصيات سياسية وأكاديمية واجتماعية على أن «الكرة في ملعب الشعب الكويتي»، لتصحيح الخلل الذي أفضى إلى حل مجلس الأمة واستقالة الحكومة، وأن على المواطنين تحري «الدقة» في اختيار النواب المناسبين للمرحلة المقبلة «المفصلية» في تاريخ الكويت، للنهوض بالوطن والتنمية.

وحمَّلوا بعض أعضاء مجلس الأمة السابق مسؤولية التردي في الحياة السياسية والأداء البرلماني، عبر ترسيخ فكرة مخالفة القوانين، والشخصانية في التعامل، بينما لاحظ البعض أن الحكومة لم يكن أداؤها جيداً، وتتحمل قدراً من المسؤولية، لإخفاقها في تقديم برنامج واضح، وعدم تطبيق عدد من مشاريعها، مع «آمال» في وصول فريق برلماني يواكب تطلعات الشعب، ومصلحة الكويت العليا.

اعتبر عضو مجلس الأمة الاسبق عبدالله النيباري أن قرار حل مجلس الامة بمنزلة «نهاية متوقعة بعد سيناريو استقالة الحكومة، نظراً إلى تزايد الاحتقان وعدم التعاون بين الحكومة والمجلس، وعدم وصولهما الى نقطة تلاق، فكان لابد أن ترحل الحكومة أو يحل المجلس، فاختار سمو الأمير حل المجلس وهذا حقه كاملاً».

ونادي النيبارى «قوى الإصلاح بضرورة خوض الانتخابات لتغيير المشهد الحالي»، وتمني انتخابات «تصب في مصلحة المواطنين أولا»، مشيرا إلى أن «الجانب المقلق هو نظرة المواطنين وما قد يصيبهم من الضجر من جراء هذا الحل غير الصالح لترسيخ قواعد الديموقراطية»، لافتا الى أن «أهم الأشياء التي يجب أن نركز عليها حالياً العمل في اطار الدستور وتعليق الآمال على مجلس يحقق الطموحات ولا يلغيها».

وأعرب عن أمله مع وجود قانون الدوائر الخمس «أن تتجاوز الانتخابات المقبلة سلبيات الماضي، والتي تمثلت في وسائل النفوذ الحكومي والواسطة والرشاوى الانتخابية من القوى المعادية للديموقراطية، واخترقت النطاق الى حد شراء الأصوات، وألا يتم اختراق نظام الدوائر الخمس مبكراً بمثل هذه الأمور القديمة»، مشدداً على أن «الواجب الوطني أمر ضروري لا نستطيع التخلي عنه».

فرصة أخرى

أكد الأستاذ في جامعة الكويت الدكتور علي الزعبي أن حل مجلس الأمة «جاء متأخرا جدا»، مؤكدا أنه «استحقاق كان يجب أن يتخذ بعد اقرار القانون الجديد للدوائر الانتخابية الخمس». ورأى أن استمرار مجلس الأمة «سبب ضغطا وارهاقا كبيرين على ميزانية الدولة، لتبني النواب في المجلس قرارات شعبية وغير مدروسة تتعارض مع المصلحة العامة للبلاد، بهدف كسب ود ناخبين، كانوا يزايدون على المصلحة العامة من أجل الوصول مرة اخرى إلى البرلمان، ويحاولون للمرة الأولى ترسيخ مخالفة القوانين، كما شهدنا في قضية إزالة التعديات على أملاك الدولة».

ويعتقد الدكتور الزعبي أن حل مجلس الأمة «لا يعتبر مخرجا حقيقيا للأزمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بأي حال، لكنه يعتبر فرصة جيدة للحكومة لاتخاذ المزيد من القرارات الاصلاحية، والمضي قدما في ازالة الديوانيات المخالفة، واقرار الزيادة الـ120 دينارا للمواطنين». وأعرب عن أسفه

«أن ينحدر الخطاب السياسي في أحيان كثيرة الى التراشق بكلمات ومفردات متدنية ولا ترقى إلى مستوى الخطاب السياسي الحضاري». وقال ان «رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد لديه أجندة اصلاح سياسي ولديه النية الصادقة للعمل، ويجب أن يمنح فرصة أخرى بعد وصول مجلس منتخب وفق نظام الدوائر الخمس».

القاعدة الشعبية

اعتبر الناشط السياسي عبدالرحمن العنجري أن قرار حل مجلس الأمة جاء بسبب «تباعد وجهات النظر واختلاف الرؤى والاولويات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية»، مشيرا الى أن الحكومات في كل الدول الديموقراطية «لا تستطيع ممارسة أعمالها إلا بعد تقديم برنامج متكامل يشمل كل جوانب التنمية، والحكومة اخفقت في تقديم برنامجها وتحقيقه زمنيا بسبب عدم وجود وتلاشي الرؤية الاستراتيجية، وتراجعها عن تنفيذ بعض القوانين كقوانين الرياضة وإزالة التعديات على أملاك الدولة، ما أدى إلى تراجع هيبتها واخفاقها».

أضاف العنجري أن البرلمان ونوابه «تعدوا اختصاصاتهم واخترقوا اختصاصات الحكومة، رغم أن المادة 50 من الدستور الكويتي أكدت الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية من ناحية المهام والاختصاصات»، ورحب «بقرار سمو الأمير حل المجلس والرجوع إلى القواعد الشعبية، لتقرر وتختار الجديرين بتمثيلهم داخل المجلس». وأعرب عن أمله مع وجود قانون الدوائر الخمس «أن يأتي برلمان متمسك بوحدته الوطنية والشرعية الدستورية، ويكون عاملا على زيادة عمليات التنمية».

ورأى العنجري أن الانتخابات المقبلة «ستكون انتخابات تيارات وتكتلات سياسية، والكرة في ملعب الشعب الكويتي، الذي عليه أن يدرك مسؤولياته الكبيرة في اختيار من يمثله داخل البرلمان»، لافتا الى أن «بعض النواب من أعضاء البرلمان لا يستحقون أن يكونوا داخل المجلس، وغير مؤهلين وتنقصهم الخبرات السياسية وكيفية الدفاع عن مصالح مرشحيهم»،

مشددا على أن «الكويت لكل الكويتيين وليست لطائفة أو لتكتل سياسي، والدولة يجب أن تسير تحت مظلة الشرعية والدستور والقانون».

مسؤولية مشتركة

«نهاية غير سعيدة» بهذه الكلمات بدأ الناشط السياسي محمد العبدالجادر حديثه معلقا على الاحداث التي تشهدها الساحة السياسية المحلية وما تبعها من حل لمجلس الامة، وقال ان تلك النهاية «تدل على وجود كثير من الصعاب والمشكلات محليا في ظل ظروف اقليمية متدهورة».

وأوضح العبدالجادر أن «المواجهات العديدة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، اضافة الى الاشاعات بحل المجلس جعلت النواب يعيشون في حملة انتخابية استمرت طوال السنتين الماضيتين»، لافتا الى أن «هناك الكثير من الملاحظات، سواء على السلطة التنفيذية وأداء الوزراء أو السلطة التشريعية، والمنحى الذي يتخذه البعض عبر تدخله بسلطات خارج الاطار الدستوري»، معتبرا أن اتهام مجلس الامة بأنه المسؤول عن الازمة الحالية «غير مقبول، لان المسؤولية كانت مشتركة من السلطتين، لأن اداء الحكومة لم يكن مأمولا ومقبولا».

وأعرب العبدالجادر عن أمله في أن «يسهم النظام الجديد للانتخابات وفق الدوائر الخمس في ضخ دماء جديدة تنعش الحياة السياسية الكويتية في مختلف جوانبها»، مشيرا الى أن «المرحلة المقبلة تتطلب مزيدا من العمل الجاد والمسؤول، للخروج من تلك المشكلات التي تحول دون الاستمرار في التنمية والتقدم».

حكومة تكنوقراط

وأكد عضو المجلس البلدي خالد الخالد أن قرار حل مجلس الامة «حق دستوري بيد الامير»، واعتبر أن الحل «كان لابد منه لنزع فتيل الازمة المزمنة بين الحكومة والمجلس»، وشدد على وجوب «التعاطي مع المرحلة الحالية من قبل الشعب، الذي سيكون على المحك، ولابد أن يفكر ملياً في اختياره الذي ينبغي أن يصب في مصلحة البلد ورقيها.

وأعرب الخالد عن امنياته في أن «تفرز الانتخابات المقبلة نوابا أكفاء قادرين على تجاوز المرحلة المقبلة، مقابل حكومة تكنوقراط تتعاطى والظروف الراهنة التي تشهدها البلاد، حكومة ومجلس يكونان قادرين على الارتقاء بالعملية السياسية، ونقل البلاد الى افاق أفضل، نحو رفاه المواطنين ورفعة الوطن».

الخيار للشعب

وأكد الاستاذ في جامعة الكويت بدر الديحاني انه «بعد قرار الحل لابد أن يقول الشعب الكويت كلمته من خلال الانتخابات المقبلة»، مشددا على أن «المسؤولية باتت كبيرة على الشعب، خصوصا ان أمامه فرصة تاريخية في ظل النظام الجديد للانتخابات وفق الدوائر الخمس».

أضاف الديحاني «الحكومة هي المسؤول الأول عن الازمة التي حدثت، ووفقا للمادتين 123 و130 من الدستور هي المؤتمنة على مصالح الدولة ومن يرسم السياسة العامة لها»، لكنها كانت من دون رؤية وخطة تنموية، اضافة الى فقدانها زمام الامور، مقابل عدم المسؤولية من قبل بعض أعضاء مجلس الامة، الذين خرجت ممارساتهم عن روح الديموقراطية الى قضايا شخصانية لا تنتمي إلى الديموقراطية بصلة».

واعتبر الديحاني انه «لا بد من التفريق بين الديموقراطية ومجلس الامة، لأن المجلس مجرد أداة ولا يعني في حال فشله أن الديموقراطية فاشلة، وما نملكه مجلس الامة فحسب وليس الديموقراطية بمعناها الشامل»، داعيا الشعب الكويتي الى «التعاطي مع هذا الاستحقاق، بعد ان عادت الكرة في ملعبه مجددا، وهو من يجب أن يتحمل خياراته في المرحلة المقبلة».

دقة الاختيار

أكدت رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية شيخة النصف أن حل مجلس الأمة «أمر مؤلم ومحزن»، وأوضحت أن «مجلس الامة كهيئة تشريعية يجب أن يكون لديه وضوح بالأهداف المرسومة له، وبالواجبات المفروض أن يعمل على انجازها، وأن يكون هو الحارس الامين للدولة، ومعينها في التطور والتقدم الذي نطمح إليه جميعا، لكن الحاصل أن كثيرا من اعضاء الامة يهتمون بالقضايا الجانبية على حساب القضايا الحيوية، وكثير منهم انحرف عن الأهداف والواجبات التي يجب عليه القيام بها».

وأشارت النصف إلى أن كثيرا من القضايا التي كان أعضاء الامة يدافعون عنها باستماتة وحماس منقطعي النظير تعتبر تعديا على المال العام، كقضيتي الدواوين واسقاط القروض، وكان المفروض منهم الاخلاص في مهمتهم لحماية المال العام، لكن للاسف كثير منهم لا يقومون بهذا الدور، نحن مع الإقرار بأن الدواوين مركز اجتماعي للنقاش والتلاقي وبحث الامور العامة، لكننا ضد أن تكون هذه الديوانيات تمثل تعديا على الملكية العامة».

ودعت النصف «الجماعات» التي تعمل على إيصال مثل هؤلاء النواب الى مجلس الامة إلى وضع مصلحة الكويت في المقدمة، وأن يأتوا بأعضاء ونواب يكونون على قدر المسؤولية للقيام بدورهم الرقابي والتشريعي». وتمنت على الشعب الكويتي رجالا ونساء «أن يكونوا دقيقين في اختياراتهم، ويضعوا نصب أعينهم مصلحة الكويت اولا وقبل كل شيء».

اعوجاج برلماني

وأشارت الناشطة السياسية الكاتبة نادية الشراح الى أن «المجلس المنحل كان غير متعاونا على الإطلاق، على الرغم من وجود بعض من أعضائه كان لهم دور بارز وعملوا من أجل خدمة المواطنين، لكن في المقابل حاول آخرون التصعيد وساهموا في تأزم الوضع السياسي بشكل عام، وافتقروا إلى فهم أساليب التعامل مع السلطة التنفيذية وعمق العلاقة معها».

وأوضحت أن «هنالك من النواب من يجب وصفهم بـصناعة حكومية، لكن الحكومة أثبتت فشلها في اختياراتها من هؤلاء ومعظمهم لم يرقوا إلى الأداء البرلماني المطلوب، كان على الحكومة توفير فرصة كافية لاختيار من ينوب عنها في الانتخابات السابقة حتى يكونوا على مستوى كاف من النضج لإصلاح الاعوجاج البرلماني الذي يعانيه مجلس الأمة حاليا».

ولاحظت الشراح أن «الحكومة تخطئ عادة بإقحام المواطنين في مشاركات سياسية مفاجئة، بدليل إقحام المرأة من دون سابق إنذار في تجربة الانتخابات السابقة، رغم أنها لم تكن مهيأة بشكل كاف، واليوم يقحم الشعب الكويتي برمته ليخوض تجربة جديدة عبر الدوائر الخمس على الرغم من نقص الوعي لدى البعض في فهمها بالشكل المطلوب».

وتوقعت الشراح نسبة تغيير في تشكيلة مجلس الأمة تصل الى 75 في المئة، وهو معدل التغيير في نتائج الانتخابات المقبلة في ظل الدوائر الخمس»، لكنها أكدت أن الانتخابات «تتطلب وعيا كافيا من قبل المواطن لاختيار من ينوب عنه في البرلمان، كما يتطلب تحليلا أدق وأشمل».

حكمة الأمير

أكدت الناشطة السياسية كوثر الجوعان أن قرار حل مجلس الأمة «جاء مسايرا لتوقعات الشعب الكويتي أجمع، نتيجة تأزم العلاقة بين السلطتين، والأداء المتردي لبعض النواب»، لافتة إلى أن «الحل لا يعتبر نهاية المطاف، فالكويت اليوم تعيش مرحلة مفصلية مهمة جدا في تاريخها السياسي والطريقة في معالجة الوضع يجب ألا تكون ترقيعية».

وأضافت الجوعان «كان يفترض من المجلس، وبصرف النظر عن الأداء الضعيف للحكومة، أن يكون أداؤه راقيا ومضاعفا، فهو جهة التشريع والرقابة، وعلى النواب التحصن بهذه الثقافة لا غيرها»، ورأت أنه «يجب إعطاء الأولوية للشؤون التي تحتاج إلى تشريع يخدم المصلحة العامة وإلى الرقابة، وكبح العيون الرقابية على أداء السلطة التنفيذية بالطريقة الصحيحة وليس بالاقتناص».

وزادت الجوعان أن «ما حصل من تجاذبات عطَّل التنمية في البلاد»، وألقت باللوم «على الحكومة بسبب غياب الاستراتيجية الواضحة كما حصل في الحكومات السابقة»، داعية إلى «مراجعة النظام السياسي برمته ابتداء من النظام، والحفاظ على أركانه كما نص الدستور، مع ضرورة ترفع النظام أو بعض أهل النظام من التدخل في الشؤون الداخلية لأطراف المجتمع».

وعن التجربة المقبلة في انتخابات الدوائر الخمس، أكدت الجوعان أنها «تجربة حديثة ستجلب دماء جديدة، في الفترة السابقة ظهرت تسميات وتشكيلات جديدة لم يعهدها المجتمع الكويتي، الثقافة النيابية مهمة جدا ولم يجن الشعب الكويتي أي طائل من المجالس السابقة، وتركت بعض الممارسات أثرا سلبيا على المواطنين، لكننا نثق بحكمة أمير البلاد وبحكمة من تبقى من حكماء الكويت».

تعديل الدستور

اعتبر د. أحمد بشارة أن قرار استقالة الحكومة وقرار حل مجلس الأمة «لن يحلا المشكلة التي تعانيها الكويت، لأنها أعمق من تقريب وتوفيق وجهات النظر بين الحكومة والمجلس» ورأى أن المشكلة «تكمن في الدستور نفسه، وأنها سوف تعود من جديد بمجرد الانتهاء من عمليات الانتخابات، واختيار الاعضاء الجدد وتشكيل المجلس». مؤكداً أن قرار حل المجلس يعني أن «الكويت حكمت على نفسها بخلاف مستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكن الحل يكمن في الدستور وإعطاء سمو الأمير الحق في الاستفتاء المباشر».

وعبر بشارة عن استيائه من «تشكيل أربع حكومات وإجراء انتخابات عامة مرتين خلال سنتين فقط». وقال إنه «أمر مرفوض ووضع ملغوم وقابل للانفجار في أي وقت، وكل ما يحدث عبارة عن مسكنات سينتهي تأثيرها بانتهاء مفعولها، ويعود الالم مرة أخرى»، مشيراً الى أن البلاد «تعيش منذ فترة حالة من التراجع السياسي، وأن الانتخابات المقبلة في ظل الدوائر الخمس ليست الحل، إذ في إمكان عشرة أعضاء فقط فرض تحد آخر للحكومة، وإعادة الازمة مجددا، سواء كانت الدوائر خمساً أوخمساً وعشرين، فالمشكلة قائمة ولن يحلها إلا تعديل الدستور».

back to top