حكاية ولد اسمه براك حسين!!

نشر في 17-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 17-02-2008 | 00:00
 أ.د. غانم النجار

ما يحدث في سياق الانتخابات الأميركية يمثل حراكاً اجتماعيا ربما أكبر من الانتخابات ذاتها. فقد لاحظت من خلال متابعتي الدقيقة للحملة الانتخابية الأميركية، ومنذ بروز نجم براك حسين أوباما، أن قيماً اجتماعية جديدة، مهمة، أكثر انفتاحاً، وأكثر إنسانية قد أخذت تعرض نفسها.

ربما ينسى أو يتناسى الناس كيف كان وضع الملونين أو السود في الولايات المتحد قبل 50 عاماً فقط. وكيف أن العزل الاجتماعي والقانوني اللذين سادا أميركا آنذاك كان يشكل عنصرية بغيضة.

ربما نركز بين الحين والآخر على الانتخابات الأميركية كانتخابات بين مرشحين، كأي انتخابات عادية، وربما يبدأ بعضنا في عملية حساب الأصوات والولايات التي فاز فيها هذا المرشح وسياساته المتوقعة حيال العراق أو فلسطين.

إلا أنه من غمرة احتدام الحملة الانتخابية، واشتدادها، وقرب دخولها مرحلة الحسم لهذا المرشح أو ذاك صار مهماً إدراك عملية التحولات التي حدثت في التكوين الثقافي الأميركي، التي ربما تكون واحدة من أسرع عمليات التغيير الاجتماعي ففي آخر استطلاع رأي تم طرح السؤال التالي «هل الولايات المتحدة مستعدة ومهيأة لقبول رئيس أميركي أسود؟» تجاوز الموافقون على ذلك الـ %74 بينما لم يصل قبولهم لامرأة رئيسة أكثر من %62.

إن الانتخابات الرئاسية الجارية الآن هي أبعد وأكبر من أي انتخابات مرّت على الولايات المتحدة. ولم يعد المهم في السياق التاريخي مَن الذي سيحقق الفوز ويصل البيت الأبيض في نهاية الأمر؟ فالرسالة وصلت من خلال ما يعنيه المرشحون لا من خلال ما يطرحونه فقط.

فقد لاحظت من خلال متابعتي الدقيقة للحملة الانتخابية الأميركية، ومنذ بروز نجم براك حسين أوباما، أن قيماً اجتماعية جديدة، مهمة، أكثر انفتاحاً، وأكثر إنسانية قد أخذت تعرض نفسها، كنت أرى ذلك من خلال زياراتي إلى الولايات المتحدة، أو النقاش مع أكاديميين وسياسيين أميركيين في لقاءات عديدة بمؤتمرات أو منتديات، وربما كان ملفتاً في اللقاءين الأخيرين في الكويت مع وفود طلابية أميركية كانت تزور الكويت، درجة الحماس الذي أبداه عدد كبير منهم لدعم أوباما، وأنهم قد انخرطوا في التطوع في حملته الانتخابية ولم يكن من بينهم شخص واحد أسود.

إن ما يحدث في سياق الانتخابات الأميركية يمثل حراكاً اجتماعيا ربما أكبر من الانتخابات ذاتها. وحتى مع إقرارنا وقبولنا بقدرات وتميز أوباما وإمكاناته الشخصية المتميزة، فلم يكن بإمكانه حتى أن يحصل على التعليم أو التدريس في جامعة كـ«هارفارد» لولا الكم الهائل من التضحيات التي دفع بها مناضلو ومناضلات حركة الحقوق المدنية الذين استطاعوا أن يحولوا الحلم إلى حقيقة من روزا باركس إلى مارتن لوثر كينج فجاء براك حسين أوباما بشخصيته الكارزمية ليضع النقاط على الحروف ويكشف حقيقة التحولات الاجتماعية الإنسانية.

أما كيف انطلقت الشرارة لتحقيق تلك التحولات، وحيث إن الحديث هذه الأيام في الكويت عن الاختلاط، فقد بدأ بحملة لمقاطعة الباصات العنصرية التي كانت ترفض الاختلاط كان ذلك في مدينة مونتمري ولاية ألاباما عام 1955.

back to top