العناد... سلاح المرأة في وجه الزوج المستبد

نشر في 18-06-2007 | 00:00
آخر تحديث 18-06-2007 | 00:00
العناد حالة شائعة بين الأزواج في عدد لا بأس به من البيوت العربية.

لا يقبل الزوج برأي زوجته، وهي ترفض دائماً ما يقوله. الإثنان يعاندان حتى اللحظة الأخيرة!

العناد صفة سلبية يتصف بها كلّ من الرجل والمرأة على حد سواء تعبيراً عن التمرد والرفض والجموح وأحياناً الشعور بالنقص. تحمل المرأة عنادها سلاحاً تشهره في وجه زوجها المستبد برأيه. أمّا هو فيجد العناد عصا سحرية تمكنه من نيل مآربه وتحقيق سطوته على الزوجة.

يلازم العناد الشخصية بدرجات وأنواع متفاوتة أكثرها شيوعاً «العناد للعناد» وأقلها ذلك النوع من الدلال المشروع بين الزوج والزوجة.

سلاح ضغط

لبعض الأزواج والزوجات تجارب مع العناد محزنة ومؤلمة في آن. تقول حورية: «تزوجت بعد حبّ دام سبع سنوات. عشت حياة سعيدة للغاية. بعد مرور ثلاثة أعوام على زواجي دخلت امرأة أخرى في حياة زوجي. بداية حاولت معالجة الأمر بحكمة لكنني مع الوقت فقدت أعصابي خاصة بعدما علمت أن زوجي قرّر الزواج منها. قصدت أسرة الفتاة فتسبّب الموضوع بأزمة لم تكن في الحسبان وكانت النتيجة أن عاندني زوجي وتزوجها على الفور، واحتفل بعرس فخم للغاية وقدم لها مهراً كبيراً. تركني وأبناءه ضائعين بسبب عناده».

العناد نفسه أدى إلى طلاق آخر. ترى مروة أن العناد سمة قد تتواجد عامة في شخصية الإنسان نتيجة عوامل وظروف متباينة، غير أنه حين يكون في حدوده الطبيعية لن يترك خلفه آثاراً سلبية، وفي حال التمادي تكون الفرصة مؤاتية لبدء المشاكل بين الزوجين: «هذه تجربتي، فزوجي رجل صعب المراس، عنيد جداً. بدأت المشاكل تندلع بيننا. في بادئ الأمر كنت استجيب، أغض الطرف عن كثير من الأمور ولا سيما حقوقي في سبيل إكمال مسيرة الحياة. وصل الأمر إلى حد لا يطاق خاصة مع تصاعد عناد زوجي حيال مسألة خروجي إلى العمل. في البداية رفضت. لجأت إلى العناد لأنني حقاً مرتبطة بعملي ولا أقصّر في بيتي ومع طفلي. وجدت أنه يستخدم العناد سلاح ضغط لتجريدي من كل شيء كي أبقى خاضعة له ولرأيه كما يقول. ثم تخطّى الأمر مداه فطلبت الطلاق لكنه رفض وهو يعيش الآن منفصلاً في بيت وأنا وطفلي في بيت آخر بسبب عناده غير المبرر».

في السياق ذاته ثمة نوع من الرجال يلجأ إلى العناد لمجرد إثبات الرجولة. هذا ما عبرت عنه نوران أحمد وهي تغالب دموعها قائلة: «تزوجت رجلاً عنيداً ذقت منه الأمرّين. لم يكن عناده طبيعياً ربما لأنني رفضت الارتباط به قبل الزواج وثمّ وافقت إثر إلحاحه. أراد الانتقام مني. حوّل حياتي إلى جحيم، كان يتمسك برأيه في كل شيء كأنما يطبق مثل «خالف تعرف»، بداية ظننت أنه اختلاف في وجهات النظر وسيكون كل شيء على ما يرام بالتفاهم والحوار. مرت الأيام وساءت الأمور. تمادى زوجي في عناده ظناً منه أنني ضعيفة وأنه بعناده وفرض رأيه سيثبت رجولته. ضقت ذرعاً ورغم هذا لا أستطيع التعبير عمّا أصابني من عذاب وألم بسبب إنسان يتلذذ في تعذيبي».

عانِدْ تُعرف

يرى عمرو حاتم أن العناد غير محبّب على الإطلاق سواء لدى الرجل أو المرأة: «العناد سمة قد توجد لدى الإثنين إلا أنها تظهر في وضوح عند المرأة، إن تمنت شيئاً تعمل على الحصول عليه بشتى السبل حتى وإن كان ذلك عبر معاندة زوجها، رغم أن المرأة الذكية يمكن أن تحصل على ما تريد في الوقت الملائم وبالأسلوب المناسب، في معنى أدق بدبلوماسية ولباقة لأن تكرار العناد واستمراره أمر لا يقبله الرجل من المرأة بل على العكس يمكن أن ينقلب ضد الزوجة بعناد قويّ من الرجل».

يروي عمرو موقفاً في المنحى نفسه: «كانت زوجتي تريد العمل وكنت أرفض خوفاً من انشغالها عن البيت والأبناء. ورغم إلحاحها كنت أمانع بعناد غير أنها تريثت حتى الوقت الملائم لتفتح الموضوع مرة جديدة حينئذ تخليت عن عنادي موافقاً طلبها».

سلاح مضمون

تجد فاطمة محمد عناد الزوجة السبيل الوحيد لحصولها على ما تريد، أو إذا شعرت أن زوجها يجبرها على فعل شيء ما لا تحبّه. رغم ذلك ترى أن العناد: {سمة غير ذكية على الإطلاق، يكتوي المرء بناره سواء كان رجلاً أو امرأة. ترى فاطمة أن أفضل تصرف إزاء العناد هو التزام الصمت والحكمة والروّية، بعد ذلك يمكن مناقشة أي موضوع بهدوء للحصول على نتائج مثلى، فالإنسان لا يستطيع الوصول إلى حل سليم وهو في حال نفسية سيئة».

من جهة أخرى ترفض إيمان عبد المنعم «العناد للعناد» لكنها تقبله ضمن إطار التمسك بالرأي الصحيح: «بشكل عام ما من إنسان يحب العناد بسبب مشاكله الكثيرة، لكن طبيعة الموقف قد تفرض على الإنسان أن يكون عنيداً أحياناً أو متمسكاً برأيه. مهما تكن التنازلات بين الطرفين فالحوار البنّاء والفاعل والمرونة والإقناع كلها كفيلة بحل هذه المشكلات، إذ ما من مشكلة تحل بالعناد».

حلقة وصل

تؤكد غدير الشاطرعلى أن العناد سمة مرفوضة. تلجأ المرأة إليه لإحساسها بالقهر فينعكس عملياً على تصرفاتها: «التفاهم والتعاون والحياة المشتركة بين الطرفين من أسس الحياة الزوجية، فحين نشوب أي خلاف وفي حال عاندت الزوجة، على الرجل أن يصبر متجاهلاً الموضوع حتى تهدأ ثورة الزوجة والعكس صحيح. على الزوجة إن عاند زوجها أن تقدّر ظروفه النفسية، فيبقى الحوار والإقناع الحلقة الدائمة لوصل ما انقطع بين الطرفين. مشيرة إلى أن حدوداً معينة يقف عندها ثم ينتهي وإلاّ فمن الممكن أن يؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها».

ترى إيمان محمد أنّ العناد من الأمور الإيجابية إن كان الطرف المعاند محقاً. لكن إذا كان العناد يؤدّي الى هدم المنازل فهو مرفوض: «لأنّ الحياة لا تستقيم على حال واحدة. لكن الاحترام المتبادل مطلوب أيضاً، وإذا تنازلت المرأة فعلى الرجل التنازل أيضاً. الحياة تبادل مواقف والزواج الناجح يتسم بالمرونة في العلاقة».

رأي علم النفس

عن العناد يحدثنا خبير علم النفس د. إيهاب عبد الغني قائلاً: «العناد هو تصلب الذهن في أمر ما والابتعاد عن الموضوعية. إنه سمة في الشخصية الإنسانية قد تبدو شديدة الوضوح في سلوك البعض. أمّا العوامل البيئية المختلفة فتؤدي دوراً في تنمية سمة العناد أو تقليلها كغيرها من السمات. في الحياة الزوجية ثمّة عوامل تحددها زيادة العناد أو قلّته بين الطرفين مثل درجة الحب والتفاهم والانسجام والحوار».

ويشير د. عبد الغني إلى أن العناد ينبع أحياناً من القوة للتأكيد عليها باستمرار إن من ناحية الرجل أو المرأة. ينبع العناد من مصدر ضعف ويكون عناد المرأة غالباً تجسيداً لمعاناة القهر والكبت الداخلي من ضغوط الزوج عامّة. استمرار عناد الرجل يولّد نوعاً من الكبت لدى المرأة قد ينفجر في أي لحظة مع أي موقف بسيط، لافتاً إلى أن العناد من السمات المدمرة في حال استمرت بين الزوجين تحدث نوعاً من الصدام المستمر وفقدان روح الانسجام، ما يؤدي بالطرفين إلى التباعد وازدياد الفجوة بينهما.

back to top