زرقاء اليمامة: هرولة نحو المطالب!

نشر في 14-12-2007
آخر تحديث 14-12-2007 | 00:00
رغم أن الله نظّم لنا كل شيء ولكننا لا نعي... شعب أهلكته المطالب لذلك يطالب، والدائرة تدور على أزمة القطب الأوحد والمحيط الكبير، ولا خلاص إلا بمعرفة الخواص.
 الجوهرة القويضي العالم أصبح قرية صغيرة بالتكنولوجيات والتقتنيات المعلوماتية، ومحيطاً كبيراً عميقاً يبتلع الكبير الصغير، ومهما اختلفت المسميّات، من البيت إلى المدرسة إلى العمل إلى مفهوم الدولة السياسية إلى الشوائب الاجتماعية إلى الفساد الإداري والاقتصادي، إلى زهو المصالح، وترقية الكذب والنفاق، وإحباط الحق والجهود، وإفشاء الأسرار، والوشايات والإشاعات، ومصادرة الضمير واستيراد الخطط للإطاحة بالضحية، والقلم يقطر نفطاً شحيحاً ويا قلب احزن!!

قد لا يكون قريةً صغيرةً ولا محيطاً أحياناً بغموض قاطني هذا العالم وهذا المحيط، بل شيء آخر مختلف قد يتم اختراعه محلياً! فلو قسمنا العالم إلى قرية ومحيط؛ القرية بقوانينها ونظمها وسباقها إلى التقدم والبناء، والمحيط يأكل الكبير فيه الصغير بنظام الطبيعة كما ذكرنا، وبالمفهوم الشعبي «الحق أو ما تلحق»، ولتوسعة الفهم والاستيعاب أكثر، السباق الماراثوني بدرجاته الممتازة أو الجيّدة أو الرديئة، كل ما سبق مسجّل في القرية والمحيط، فما الذي يجعل سباقنا إلى التقدم دون المستوى أو بالأحرى رديئاً؟ أليس هو عدم معرفتنا بمحتوى ذلك السباق أو التقدّم؟!

فكلٌّ من موقعه ينبئ بمستواه، كيف؟ عندما تعيق التحديّات التقدم، وكيفيّة مواجهته لهذه التحديات، وعلى رأسها الاستلاب لثقافة الهيمنة الرأسية ذات القطب الواحد على التقدّم الحضاري، فلا تُقدِّم إلا منهجية قديمة متداولة، وعندما تدخل البيروقراطية في الخدمات الحكومية لأدائها إلى الجمهور تكون عرقلة في الإنجاز، وعندما تكثر السرقات تقل إمكانات التنمية، وعندما ترتفع الأسعار مع ارتفاع نسبة الدخل يحصل التضخّم، ولا يبقى على الانفجار إلا قاب قوسين أو أدنى، الكل يهرول من موقعه، هرولة أرجل... وهرولة ألسن... وهرولة عقول، كلها إلى الطوابق المرتفعة بلا مصاعد، فما الأجدر من كل تلك الهرولة؟

الواقع أنها كلها مُجتمِعةً حاصلة في بلدنا، الأقلام تكتب والعقول تقرأ... والسلطة في حيرة من تلك الضجّة والمعمعة، هل تسجّل وتدرس الوضع أم لا يسع الوقت؟! فالنّاس بكل مجهوداتها تهرول ولا وقت للتريّث، وعند أي حدّ سقف تلك المطالب التي يهرول إليها الجميع، فلابد للمطالب من سعة كي تحتضنها وتشبع، لكن دعونا نسأل: لماذا السعي نحو جبهة الخلاص بجهود شخصية مسترسلة بجماعات للهرولة إلى مطالب ساخنة؟ الكل يُشعل من جانبه ويصعد من أمامه وخلفه، ليصبح وسطنا مشحوناً مرّات موجبة وأخرى سالبة، وليحصل التكهرب المتواصل.

إننا ولله الحمد والمنّة لفي تكهرب دائم، وبمسلسل ليس له مؤلف ولا «سيناريست» ولا حتى مُخرِج، ولكن له منتج فقط لديه المال وليس لديه الأدوات لتشغيل هذا المسلسل المكسيكي الذي أخذ يعمل ليل نهار على طمي المرحوم كالببغاء، فهل من مجيب لمطالب باتت معنونة بـ«أرباح الجبل الأسود» أو كالإرث الذي تخاصموا على تقسيمه.

ورغم أن الله نظّم لنا كل شيء ولكننا لا نعي... شعب أهلكته المطالب لذلك يطالب، والدائرة تدور على أزمة القطب الأوحد والمحيط الكبير، ولا خلاص إلا بمعرفة الخواص، قد يكون القادم أجمل.

وقفة شفافة:

هالة من آفاق البشر يحملون الكلمات بودّ يزينون المعنى واللحظات بعبق مغاير عنّا، لتكن أماكن الحياة أزهى، إنهم يشبهوننا. أنعم بتهافتها على قاع روحي أفيق. الغياب قرب والقرب غياب تراجعت لأنعم بالغياب القريب.

back to top