من يفك لغز عدم قدرة وزارة العليم على توفير الكهرباء؟ حملة ترشيد تحتاج إلى ترشيد كي تؤثر في سلوك المجتمع
في عام 1913 وفي عهد الشيخ مبارك الصباح، قام المهندس البريطاني غريغ جيشما، الذي يتحدر من أصول هندية، بإدخال الكهرباء الى قصر السيف بقيمة 7000 روبية لتشغيل 400 لمبة مع الماكينة التي تعمل على الكيروسين، ليسجل بداية عصر الطاقة الكهربائية في الكويت. لو كان المهندس جيشما موجودا في يومنا هذا، لأصابه الهلع لما آلت إليه الأوضاع وتفاقم أزمة الكهرباء والماء في البلاد، وهو الذي عمل سنوات في الكويت ضمن فريق متخصص، وعرف عنه تفاؤله بمستقبل الكويت، حتى ما انفك يردد قائلا «هذه الأرض كالجنة، لكن علينا أن نبحث في أرضها عن الخيرات».
يناضل وزير الكهرباء والماء وزير النفط بالوكالة المهندس محمد العليم اليوم، والمسؤولون في وزارته، من خلال الحملة المسماة «ترشيد» لتنبيه المواطنين والمقيمين الى ضرورة اتباع اسلوب التقنين في استخدام الكهرباء والماء على حد سواء. الوزير العليم متهم من قبل بعض الرموز السياسية بأنه يحاول البحث عن إنجاز يجعله «بطلا» في نظر الشعب الكويتي، وفي الواقع يراه عدد من المسؤولين متخبطا وسط تصريحاته العشوائية بنجاح الحملة، مطالبين اياه بأن يفك «اللغز» الذي استعصى على الشعب الكويتي بشأن عدم قدرة الوزارة على توفير الطاقة الكهربائية هذا الصيف والصيف المقبل، وتنبيهات وزارته، سواء عن طريق وسائل الإعلام أو رسائل الهاتف، لتطبيق سياسة القطع المبرمج للتيار بين الفينة والأخرى.ورغم مغادرة ما يقارب من الـ 800 ألف مسافر ما بين مواطن ومقيم مطار الكويت الدولي، حسب احصائيات الإدارة العامة للطيران المدني، إلا أن مؤشر «ترشيد» مازال يقارب اللون الأحمر الذي ينذر بالتشغيل غير الآمن، وهو ما يخلق تناقضا واضحا في معدلات المسافرين ونسبة الاستهلاك. وتتلقى حملة «ترشيد» انتقادات من نوع آخر، في الصيغة الدعائية التي خاطبت بها الوزارة جمهور المستهلكين من المواطنين والمقيمين بعبارة «نبيها أخضر»، التي استخدمت خلال عامين متتالين في عدة حملات دعائية لأحد البنوك وحملة تعديل الدوائر الانتخابية «نبيها خمس»، مما اثار نوعا من الاستغراب والشعور بالملل والاحساس بالنمط التقليدي الاستهلاكي المتبع في الإعلان. مصادر حكومية أكدت أن أرقام المؤشر الخاص الذي خصص لحملة «ترشيد» نظام متشابك ومتداخل ومتعدد الجوانب، بدءاً بالتوعية وانتهاءً بتوفير الأجهزة والتكنولوجيا والتعرفة، وجميع هذه الجوانب ينبغي أن ينظر لها من حيث علاقتها بسياقها الاقتصادي والاجتماعي ، كعناصر أساسية من عناصر الإدارة المتكاملة لموارد الكهرباء.ولربما غفل القائمون على حملة «ترشيد» نقطة مهمة وهي أن سلوك المستهلك ليس نتيجة لعامل أو متغير واحد، بل هو سلوك يتغير مع الزمن وتطور الفكر والمجتمع، وهو عملية معقدة تشمل متغيرات نفسية واجتماعية وحضارية واقتصادية، ويحتاج تفسير سلوك المستهلك والتأثير عليه إلى مشاركة مجموعة من المتخصصين في فروع العلوم الاجتماعية في تصميم حملات الترشيد، حتى تؤثر على سلوك جميع أنماط وشخصيات المجتمع.