زرقاء اليمامة: صراع على شراكة سياسية غائبة!

نشر في 15-11-2007
آخر تحديث 15-11-2007 | 00:00
ما وصلنا إليه ما هو إلا تدريب وصقل مواهب لكل من السلطتين؛ فالحرب بينهما لذيذة وموجعة في الوقت نفسه للوصول إلى الحل! فهل نحتاج إلى زمن طويل كي يتم الصقل، أم سيظهر لنا جدد من الطرفين صقلتهم التجربة والمشاهدة؟! ومتى سيجلبهم الزمن لنا؟ ربما سيكون القادم أجمل.
 الجوهرة القويضي تقاطعت أبجديات الدول بمناطيقها مع الكثير من الجدل في تأسيس نظمها السياسية، ففي مراحل معينة تبلور الجدل على خلفيات ثقافية وفكرية تبحث عن الحداثيات المتطورة لتنمية أفضل ولحياة أكثر إيجابية، فالاستياء الشديد الذي تشعر به الشعوب العربية إزاء حكوماتها، كما نقرأه الآن... أهو لنفي الملاءمة والتعايش؟ أم للبحث عن الحقوق المعاصرة المنفية؟ لا الجمهوريات تقود شعوبها للرضى ولا الملكيات ولا حتى نظم الإمارة الصغيرة، فالسخط يلوذ بالكل، فما الإشكالية لكل الأنظمة؟

التساؤل بما تقدم هل يعكس انتفاء مبدأ الشراكة أم المشاركة؟ أم ان إعادة ترميم التركيبة السياسية برمتها هو الحل؟ أم ان مبدأ الشراكة يمارَس بطريقة خاطئة؟ لنبدأ بما نعنيه من الشراكة السياسية؛ نعني أنها تتكون من نواتها الأولى شراكة المرأة والرجل، فهي أصغر نواة لتشكيل الأسرة والمجتمع وصولاً إلى شراكة الدولة.

ولا أستطيع الإسهاب في شراكة المرأة بالرجل فقد يجتاح مقالي، ولكنني أشير له بخطفة عابرة في التعايش مع بعضهم بعض، فالشراكة الدولية مثلاً تُعرَّف بأنها اتفاق عدد من الدول لتحقيق مصالح مشتركة، ولا أمثل بذلك التعاون الخليجي الذي منذ 1980م نجد نشاطه شبه موقوف! بل أمثل بالاتحاد الأوروبي «المشترك»، إن جاز التعبير، وهو ما يوافق رأييّ وفق المنطق!! ولنعرِّف الشراكة السياسية فهي شكل من أشكال بناء الدولة على أساس ديموقراطي تعددي يضمن حق المكونات جميعها بالمشاركة في صنع القرار وبنية الوصول إلى المصلحة العامة للشعب، ولا يمكن أن نترجم الشراكة إلى مكاسب معينة تصب في مصلحة خاصة، أو الاستحواذ على السلطة، إنما الشراكة هي محاولة إشراك الجميع في صناعة القرار عبر ممرات مختلفة.

ألا يندهش القارئ أننا نعيش الشراكة السياسية باعتبار أننا في بلد ديموقراطي- برلمان منتخب- تنمية موقوفة- سجال دائم- لا وصول، فما مشكلتنا؟

الشراكة السياسية هي شكل من أشكال بناء الدولة على أساس ديموقراطي، وذلك ما هو موجود في الكويت، ولكن المشكلة هنا أن النواب يشاركون في صنع القرار بعد مجادلة وصراع مضنٍ، وعند الوصول يبقى الوصول مبتوراً ومقتصراً على شكليات، وتبقى الأساسيات معلقة.

فمفهوم الشراكة دخل القاموس السياسي متسللاً من دنيا مال وأعمال، فالشراكة صورة من صورة التحالف المختلفة بين أطراف عدة. ولكي تنجح الشراكة السياسية لابد من تحقيق نقاط عدة بعضها، تبادل الثقة، الشفافية، الرقي في التعامل، احترام القوانين، تحمل المسؤولية وعدم التنصل منها مهما كانت الظروف، تنمية الوعي الاجتماعي، التعايش مع التكتلات المجتمعية، استبعاد النظرة الدونية من تكتل إلى آخر بزعم أن الآخر أقوى أو أشد حجة، وفي النهاية، تبقى الديموقراطية الحقيقية المفعَّلة مجسدة في الشعب والدولة ومدى التعايش بينهما من أخذ وعطاء.

تساؤلي الأول: هل الصراع في مجلس الأمة الكويتي ناجم عن نواب يسعون إلى الشراكة المشروعة؟ أم يسعون إلى الشراكة للاستحواذ على سلطات أعلى؟ أم ان هناك ممارسة خاطئة لمبدأ الشراكة السياسية؟

تساؤلي الأخير: هل لدينا شراكة سياسية أصلاً يتصارعون من أجلها؟... لدينا شراكة سياسية اسمها شراكة الكلام!!

توصيتي الأخيرة: لو أن كل منا عرف حدود مسؤولياته وعمل بجد وأمانة لَما وصلنا إلى ما وصلنا إليه!! وللعلم ما وصلنا إليه ما هو إلا تدريب وصقل مواهب لكل من السلطتين؛ فالحرب بينهما لذيذة وموجعة في الوقت نفسه للوصول إلى الحل! فهل نحتاج إلى زمن طويل كي يتم الصقل، أم سيظهر لنا جدد من الطرفين صقلتهم التجربة والمشاهدة؟! ومتى سيجلبهم الزمن لنا؟ ربما سيكون القادم أجمل.

وقفة شفافة:

مَن منا لم يرحل ويغير وجهته إن حان الرحيل؟ مَن منا لم يختلف وتتغير اختلافاته إلى ود؟ مَن منا لم يحن لوداعه الأخير أن يكون لقاءً؟ مَن منا لم يندم على لحظات جحوده؟ مَن منا لم يجث على صمته ويبارز لحظات ضعفه؟ فمتى نتحرر من إنسانيتنا كي لا نتألم؟!!

back to top