إنهم يسرقون الأرانب...يا مسلم!!

نشر في 30-12-2007
آخر تحديث 30-12-2007 | 00:00
 سعد العجمي

إنها مشكلة بلد! بلد يوزع الهبات المالية في شتى بقاع الأرض، بينما عدد من أبنائه الطلبة الضباط الذين قتلتهم قذيفة خلال مناورة قبل سنوات في الأديرع لم تصرف لذويهم مستحقاتهم المالية حتى الآن!

الهروب الكبير الذي مارسته الحكومة في جلسة الأربعاء الماضي بعد أن ضمنت إقرار قانون الضريبة على المستثمر الأجنبي، وهو الهروب الذي أدى إلى رفع الجلسه نهائياً قبل استكمال مناقشة قوانين مهمة أخرى، حدا بالنائب «العلم» مسلم البراك، إلى تحذير الحكومة من مغبة النظر إلى مجلس الأمة وكأنه بقالة أو «سوبر ماركت» تغلقه متى ما شاءت... أدرك البواعث الحقيقية ومقدار الألم الذي جعل «ابو حمود» يطلق مثل هذا التصريح، في المقابل فإن تعامل الحكومة مع المجلس وفق نظرية «التطنيش» هذه، ليست مستغربة في ظل المعطيات الحالية للمشهد السياسي بوجه عام التي قلبت الأوضاع رأساً على على عقب.

نعم أيها العزيز مسلم البراك، فعندما يتحول مَن تحوم حولهم شبهة الفساد من النواب إلى مدافعين عن المال العام ومصالح الشعب بين عشية وضحاها، فإن الأوضاع حينها ستكون معكوسة، وعندما يستجوب نوابٌ تضخمت أرصدتهم، وزراءً بتهمة ارتكابهم تجاوزات مالية في وزاراتهم، فإن العقل والمنطق يفقد قيمته هنا.. نعم «يا بو حمود» متى ما أصبح عدد من نواب الأمه أدواتٍ في أيادي أطراف خارج المجلس تحركها كقطع الشطرنج في الزمان والمكان التي تريد، فلا عجب إذا نظرت الحكومة إلى مجلسكم على أنه «بسطه» لإحدى العجائز في سوق الجمعة لأنها إذا اعتبرته بقالة فهي في الواقع تعطيه أكبر من حجمه.

لا تلقِ باللوم على الحكومة أيها الفارس، فهذا ديدنها الذي تعودنا عليه عندما يكون الاستحقاق له علاقة بالمواطن وتحسين وضعه، أو بالقانون وتفعيله، أو بالإصلاح والبحث عن آلياته. بل دعني أكون أكثر صراحة معك وأقول إن المعضلة ليست فقط في بعض زملائك النواب فبريق السلطة والمال كفيل بفض علاقتهم بالقَسَمْ الذي أدوه بمجرد خروجهم من القاعة عند دخولها لأول مرة، استجابةً لطبيعة النفس البشريه الأمّارة بالسوء.. إذن أين المشكلة ياضمير الأمة ويا صوت الشعب؟

إنها مشكلة بلد! بلد يوزع الهبات الماليه في شتى بقاع الأرض، بينما عدد من أبنائه الطلبة الضباط الذين قتلتهم قذيفة خلال مناورة قبل سنوات في الأديرع لم تصرف لذويهم مستحقاتهم المالية حتى الآن! بلد يبني المستشفيات والمدن الطبية المتكاملة في دول وقفت مع الطاغيه المقبور صدام حسين، فيما أحد الأطباء في «خراباتنا» التي تسمى مستشفيات يتسبب في مقتل طفلين في عمر الزهور، كما هو الحال في حادثة الأسرة الكويتية المنكوبة بالتسمم! بلد أصبح الانتماء إليه يمر عبر بوابة التكسب الانتخابي والمتاجرة والرشوه كما يحدث حالياً على صعيد ملف التجنيس! بلد أصبح بعض أبنائه يسرقونه، بل ويتمتعون بسرقته، نعم «يابوحمود» أنت لست أحدهم، لأن هامتك مرفوعة، ونظرك دائماً إلى أعلى كصوتك العالي بالحق، ولكن اخفض هامتك يوماً، وانظر إلى أسفل، انظر تحت مقاعد وطاولات بعض زملائك النواب، حينها سترى كل شيء...

أشقاؤنا المصريون يطلقون على المليون وصف «أرنب»، ولأن استجواب الصبيح على الأبواب، فإن تغيير المواقف والقناعات يحتاج إلى «أرانب» من المال العام... وإذا ما حسبنا فارق الصرف بين الجنيه والدينار فإن ما سيُدفع من أموالنا كمواطنيين يعادل قفص أو حظيرة كاملة من «الأرانب» المصرية... ناهيك عن تلك «الأرانب» التي سُرقت وتوالدت منذ أن بدأت الحقبة الزمنية التي تساوى فيها من يدافع عن الكويت ومن يسرقها ... آه آه يامسلم... لا لا... بل آه آه يابلد!!

back to top