طفلي يغار من مولودي الجديد... ماذا أفعل؟
يحظى الطفل الأول بكل الاهتمام والرعاية في الأسرة ويكون محط أنظار الجميع، فيعتاد على هذه الرعاية وهذا الاهتمام ويتولد لديه إحساس قوي بأن هذا هو حقه الطبيعي. وعندما تلد الأم طفلها الثاني يشارك اخيه الاهتمام، بل ويحظى بدرجة أكبر من الرعاية، فيشعر الطفل الأكبر أن هذا المولود هو منافس له جاء ليسرق منه الحب والحنان.
كيف يجب أن تتعامل الأم مع هذه المشكلة؟ «الجريدة» استطلعت آراء بعض الأمهات ورأي علم النفس حول هذا الموضوع.تتباين مشاعر الغيرة بين طفل وآخر وكذلك تختلف تصرفات الأمهات وكيفية تداركهن مشكلة الغيرة بين المولود الجديد والطفل الأكبر.في هذا السياق تقول أمل عباس: «يغار ابني الأكبر (5 أعوام) من أخيه الأصغر بشدة ووصل به الأمر إلى حد محاولة أذيته بالضرب أو العض. حاولت كثيراً ثنيه عن هذا السلوك، إلا أن محاولاتي باءت بالفشل». كذلك تشير سعيدة حسان أنه حين تراها ابنتها الكبرى (3 أعوام) تحمل شقيقها المولود تبدأ فورًا بالصراخ الهستيري من دون سبب، وتحطم ما يصادفها من الأثاث أو اللعب خصوصًا تلك التي تعود إلى أخيها. من ناحيتها تشكو إكرام لوقا من أن ابنها الأكبر (4 أعوام) بات يتبول لا إرادياً بعد ولادة شقيقه وعاد إلى ممارسة العادات التي يمارسها الأطفال في سن الرضاعة مثل مص الأصابع والحبو على الأرض. ظاهرة طبيعية«يعتبر علم النفس الغيرة ظاهرة طبيعية» هكذا يفسر الدكتور عادل هريدي (أستاذ علم النفس في كلية الآداب في جامعة المنوفية) هذه المعضلة التي تعاني منها معظم الأسر، إلا أن التعامل معها بشكل خاطئ قد يحولها في رأيه إلى مرض يولد كثيرًا من المشاكل النفسية، كعدم الثقة بالنفس والانطوائية والانعزال. يشير د. هريدي في هذا المجال إلى أن التفاهم مع الطفل هو أنجح وسيلة لعلاج غيرته من أخيه المولود من خلال التوضيح له ببساطة أن أخاه ليس منافساً له وأنه يحظي بالاهتمام لضعفه وصغر سنه وإشراكه في رعاية المولود الجديد مع مراعاة التوازن في توزيع الرعاية بينهما وتحاشي إهمال الطفل الأكبر تماماً. تشاركه الرأي د. نانيس ناجي (أستاذة الطب النفسي في كلية الطب في جامعة عين شمس) وتحمّل الأم المسؤولية الأولى عن نشأة الغيرة بين أبنائها بسبب مبالغتها في الاهتمام بمولودها الجديد، مؤكدة أنّه بالإمكان القضاء على هذه الغيرة تماماً إذا التزمت الأم ببعض الخطوات، منها على سبيل المثال محاولة توزيع الاهتمام بين إبنها الأكبر والمولود والسماح له بملامسة الطفل الصغير ومداعبته، مع تعليمه كيفية التعامل معه ومراقبته عن بعد كي لا يؤذيه ومدحه أمام الأقارب والأصدقاء لاهتمامه بأخيه وحنانه تجاهه. كذلك تنصح د. نانيس بعدم إشعار الأخ الأكبر بأنّ أخيه الصغير يمثل عائقاً له في لعبه وحركته، على سبيل المثال لا يجب أن تقول الأم لابنها «لا تلعب أو تُحدث صوتاً، لأن أخاك نائم» فمن شأن هذا القول أن ينمي مشاعر الغيرة والحقد لديه. تشدد في هذا المجال على ضرورة أن تتجنب الأم بعض العبارات القاسية مثل «أنت أناني» أو «أنت تكره أخاك، لأنها قد تولد مشاعر الكراهية وتؤثر على علاقة الأبناء في الحاضر والمستقبل.الإستعداد لمولود جديديشدد د. محمد رفعت (استشاري طب الأطفال) على ضرورة الاستعداد لقدوم الطفل الجديد قبل ولادته وتهيئة الطفل الأكبر لاستقباله، تجنباً لإشعال نار الغيرة في قلب هذا الأخير. يقترح مثلاً شراء الألعاب واعتبارها هدية من أخيه القادم والتحدث معه باستمرار وجعله يتحسس حركات الجنين. ويضيف: «يمكن كذلك أن تشتري الأم لطفلها الأكبر دمية يرعاها حتى يستعد نفسياً لاستقبال المولود الجديد، مع تعليمه كيفية التعامل معها برفق وحنان والعناية بها، كأن تعلمه تغيير ملابسها وتغذيتها، كي يعتاد على اهتمام الأم بغيره ولا يكون اهتمامها بالمولود صدمة بالنسبة إليه». يؤكد د. رفعت انه بعد الولادة يمكن للأم أن تضع صورة للطفل الأكبر إلى جوار سريرها كي يشعر أنه ما زال قريباً منها والأهم من ذلك عدم المبالغة في الاهتمام برعاية المولود الجديد على حساب الاهتمام به ورعايته ومحاولة توزيع الأدوار بين الأبوين حتى يشعر الطفل بالتوازن.يضيف: «من المفيد أيضاً أن يشاهد الطفل الأكبر ألبوم صوره وهو في عمر المولود الجديد ليدرك أنه كان يحظى باهتمام كبير في هذه المرحلة، فيشعر بأن الاهتمام بالمولود الجديد ليس نتيجة للحب الزائد بل تحتمه ظروفه وضعفه». ويحذر د. رفعت الأم من عقاب طفلها الأكبر إذا ضايق المولود أو أساء إليه، بل عليها في هذه الحالة أن تقوم بشغله بأغنية أو لعبة يحبها ثم توجيهه برفق بعد ذلك. لا بدّ للأم أن تشجع طفلها على التحدث عن مشاعره المتضاربة تجاه المولود الجديد، كي لا يصاب بالكبت الذي يترك آثاراً سلبية يصعب معالجتها بعد ذلك. عموماً يجب الإشارة إلى أن وعي الأبوين إلى هذه المشكلة وأسبابها ومحاولة تداركها بشكل صحيح من خلال توزيع الاهتمام بين الأبناء يمكن أن يقضي على غيرة الطفل الأكبر تماماً وتحويل مشاعره إلى الحب والاهتمام بالمولود الجديد.