الحل والحال: السيف والقلم

نشر في 18-02-2008
آخر تحديث 18-02-2008 | 00:00
 نادية علي الشراح

حين نترك التاريخ جانباً، ونعود إلى عصرنا الحاضر، وننظر إلى أعرق حضارتين شمالنا في العراق وجنوبنا في اليمن، يعتصر قلبنا ألماً على تقدم السيف على القلم. ففي الشمال، يملك العراق كل موارد الأغنياء، لكن سيادة السيف وتقدمه أدخلاه في حروب داخلية، وفي الجنوب أو اليمن السعيد فالأمن فيه مازال في مرحلة الأحلام والآمال.

السيف أصدق أنباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

«أبو تمام»

من المؤكد أن العرب برعوا في نظم الشعر، وشعر المعلقات والثروة التي تركها المتنبي وحتى نزار قباني، مؤشرات على عظمة إبداعه، ومن أحب أم كلثوم العظيمة، لاشك أنه استمع إليها تصدح بأبيات الشاعر الإيراني الفذ عمر الخيام، وإعجاز العرب في الشعر امتد إلى أحمد رامي الذي تعلم الفارسية، ثم ترجم للخيام بمستوى إعجاز الشاعر نفسه.

عيب العرب أنهم لا يميزون بين روعة التشبيه، وكارثية تطبيقه على أرض الواقع، وبيت الشعر في المقدمة على روعته، وضعه العرب موضع التطبيق مند أيام الخلافة الراشدة، وحين نترك التاريخ جانباً، ونعود إلى عصرنا الحاضر، وننظر إلى أعرق حضارتين شمالنا في العراق وجنوبنا في اليمن، يعتصر قلبنا ألماً على تقدم السيف على القلم.

ففي الشمال، يملك العراق كل موارد الأغنياء وأكثر كثافة سكانية مناسبة؛ نفطاً وغازاً وافرين، نهرين، تنوعاً في الطقس والتضاريس، تاريخاً عريقاً وحضارة وآثاراً يكفيان كمورد غير ناضب لاجتداب كل سياحة العالم، ولكن سيادة السيف وتقدمه، أدخلاه في حروب داخلية، وحروب مع الجيران، وحوّل الناس إلى مهاجرين أو مهجرين داخل بلدهم، وعصف بمستوى معيشتهم إلى حدود الاستجداء، وببناهم التحتية إلى مستوى القرن التاسع عشر.

وفي الجنوب أو اليمن السعيد الذي قال فيه الشاعر:

«الحب فيها سكر... والماء شهد ولبن»، نفس مواصفات الشمال مع بعض الفوارق، والحرب مع الحوثي أو حرب الوحدة أو خطف الأجانب أو تفجير السفن ليس آخر مآسيه، ومازال الانتقال المريح بين موقع وآخر في اليمن صعب المنال ومحفوفاً بالمخاطر، أما انتقال السلع والخدمات الذي أصبح ميسراً بين غرب العالم وشرقه، فهو في مرحلة الأحلام والآمال هناك.

وليت أمر تقدم السيف على القلم حكراً على العراق واليمن، إنه مشروع العصر العربي في الصومال والسودان والجزائر والصحراء الغربية، وحتى البلد الجميل المتقدم لبنان أصابته العدوى العربية، وأصبح السيف بديلاً للصوت في انتخاب رئيس الجمهورية.

والأدهى والأمر، أن كل دولة عربية مشروع سيف طائفي أو طبقي أو حتى وسيلة لتداول السلطة، وعندما يتخلف القلم عن السيف، كل العرب يصبحون في الهم --- «يمن» أو «عراق» --- أو «شرق» --- لا فرق.

بدعة وضلالة؟

بيان المصلحين، يشكك ببنوة مخرجات التعليم المشترك، متناسين أن معظم آبائهم وأبنائهم من مخرجاته، أتساءل: هل يقبلون أن يقال عنهم إنهم من أبناء الزنى؟

back to top