15% زيادة في أسعار الأدوية في الخليج مطلع 2008

نشر في 28-12-2007 | 00:00
آخر تحديث 28-12-2007 | 00:00
No Image Caption

أسعار الأدوية في عموم الخليج مقبلة على قفزة سعرية جديدة تتجاوز 15% مع مطلع العام الجديد، وذلك بعد اتفاق وزارات الصحة في دول مجلس التعاون مع موردي ومستوردي هذه الأدوية من أوروبا، وهذه الأدوية الأوروبية هي الأكثر استخداما وحيوية للمرضى، خصوصا لأصحاب الأمراض المزمنة.

الارتفاعات المتواصلة لأسعار الأدوية في منطقة الخليج هي نتيجة مباشرة لربط عملات الدول الخليجية بالدولار، ومع تراجع الدولار وارتفاع اليورو، الذي يتم به استيراد معظم الأدوية الحيوية من أوروبا، تتضاعف فاتورة العلاج للمرضى، ويصبح عليهم أن يتابعوا حركة أسواق الصرف التي تحدد لهم توجهات أسعار الدواء.

الاتفاق الجديد بين الوزارات وموردي الأدوية، الذي يزيد معاناة المرضى وأسرهم في عموم المنطقة، جاء بعد ضغوط متصاعدة من الصيادلة الذين شكوا من تقلص هوامشهم الربحية، بل وتلاشيها في بعض الأحيان، نتيجة ارتفاع أسعار اليورو مقابل العملات الخليجية المرتبطة بالدولار، وقد بلغ ارتفاع اليورو، مقابل العملات الخليجية بين 45-40% على مدى 4 سنوات، وهذا يعني ارتفاع أسعار الأدوية بنفس النسبة، بل ربما أكثر من ذلك.

الإمارات ترجئ التسعيرة الجديدة

وزارة الصحة الإماراتية أرجأت تطبيق اللائحة السعرية الجديدة للأدوية، والتي كان مقررا إعلانها في نوفمبر الماضي، وقال الوكيل المساعد لشؤون الصيدلة والتموين في وزارة الصحة الإماراتية حميد الشامسي لموقعنا، إن اللائحة الجديدة تم تحديدها وإرسالها إلى مكتب الوزير، ومن أهم ملامحها تعديل سعر صرف الدواء المسجل في الوزارة من 4.3 دراهم لليورو إلى 5.5 دراهم لليورو، مع خفض هامش الربح من 44% إلى 40%، وخفض أسعار الدواء تسليم موانئ الدولة.

وقال الشامسي إن تعديل سعر الصرف فقط سيعني ارتفاع سعر الدواء 18%، ولكن مع إدخال عناصر أخرى مثل خفض هامش الربحية، وخفض سعر الاستيراد، يصبح الارتفاع 9% فقط، كما ستنخفض الأدوية الأميركية ما بين 7-6%.

ضغوط الصيادلة في البحرين

الصيادلة يرون أن احتساب صرف العملات الخليجية مقابل اليورو بسعر أقل كثيرا من السوق الحرة، انعكس سلبا على هوامشهم الربحية، ما دفعهم الى الضغط على وزارات الصحة لتعديل سعر الصرف ليكون قريبا من الواقع، وقد تصاعدت الضغوط حتى وصلت إلى حد التهديد بالإضراب، واللجوء إلى القضاء، قبل أن يتم حلها مؤقتا، كما حدث في البحرين اخيرا، وحسب ما يقول المتحدث باسم صيادلة البحرين الدكتور خالد برهان فإن احتساب سعر صرف اليورو مقابل الدينار البحريني مثلا بـ435 فلسا، بينما سعره في السوق 550 فلسا يعني أن هناك فارقا بنسبة 26-28%، موضحا أن وزارة الصحة البحرينية وافقت على رفع سعر الصرف 15% بدءا من يوم 10 يناير المقبل؛ ما يعني تخفيض الخسائر إلى 13% فقط، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا خليجيا عاما على رفع سعر صرف العملات الخليجية مقابل اليورو بنسبة 15% لعمليات استيراد الأدوية، ومشيرا أيضا إلى أن السعودية رفعت السعر للوكلاء 15% فعلا.

وأكد برهان أن الصيادلة وافقوا على التهدئة لمدة عام يتم بعده مراجعة السعر مرة أخرى على ضوء تطورات الوضع في سوق الصرف.

وقال إن 50% من الأدوية يتم استيرادها بعملة اليورو، كما أن بعض الأدوية الأخرى يتم استيرادها بالجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، وكلها عملات ارتفعت كثيرا مقابل الدولار، وبالتالي أمام العملات الخليجية، كما أن تراجع الدولار انعكس إيجابا على أسعار الأدوية في المنطقة؛ بسبب ارتفاع أسعار الأدوية في الدول التي تتعامل بالدولار، إضافة إلى زيادة تكاليف الشحن من تلك الأماكن البعيدة، داعيا إلى ضرورة ربط العملات الخليجية بسلة عملات بدلا من قصر الربط على الدولار فقط.

ضعف الدولار

من جهته، قال رئيس ممثلي شركات الأدوية الأوروبية في منطقة الخليج «فارماج»، ومدير عام ميرك في الخليج الدكتور نضال فاخوري، إن ارتفاع أسعار الأدوية في الدول الخليجية يرتبط أساسا بسعر صرف العملات الخليجية المرتبطة أساسا بالدولار، والذي فقد الكثير من قيمته خلال الفترة الماضية، موضحا أن الحل يرتبط بقرار سيادي من قادة الدول الخليجية بفك ارتباط عملاتها أو إعادة تقييم هذه العملات بما تراه مناسبا لشعوبها.

وقدر فاخوري حجم الأدوية المسعرة باليورو الواردة إلى الدول الخليجية بـ60% من السوق، وأنها ارتفعت ما بين 40-45% خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرا إلى أن هذه الأدوية هي الأكثر حيوية واستخداما في السوق.

وقال فاخوري إن معظم الشركات تحجم عن الشراء من الولايات المتحدة؛ رغم تراجع الدولار، والسبب هو ارتفاع أسعار الأدوية نفسها ما بين 200-300%، بالإضافة إلى زيادة مصاريف النقل.

التأمين الصحي

وفي مواجهة الارتفاعات المستمرة لأسعار الأدوية في المنطقة تنوعت اقتراحات الخبراء والمختصين لتخفيف هذه المعاناة على المرضى؛ إذ دعا حميد الشامسي تعميم نظام التأمين الصحي المطبق حاليا في إمارة أبوظبي فقط، مشيرا إلى وجود مشروع قانون اتحادي بهذا الشأن تحت الدراسة حاليا، كما دعا الشامسي إلى التحول إلى الأدوية المحلية والعربية والخليجية الجنيسة (البديلة)، داعيا الأطباء إلى وصف هذه الأدوية الأقل سعرا للمرضى.

وأيد الدكتور خالد برهان التوجه إلى الأدوية الجنيسة، التي تماثل في قوة مفعولها الأدوية التي تصنعها الشركات الأم، ولكنها تباع بأسعار أقل، مشيرا إلى أن هذه الأدوية تمثل 7% من مبيعات الصيدليات الأميركية، واتهم برهان الشركات الموردة للأدوية بالوقوف خلف زيادات الأسعار من ناحيتين؛ فهي من وجهة نظره تفسد الأطباء بالمؤتمرات والسفريات والهدايا حتى يصفوا أدويتها للمرضى، ومن ناحية أخرى تعطي الأدوية للسعودية بسعر يقل 50% عن بقية دول الخليج، وحجتها في ذلك أن السعودية سوق كبير؛ لكن الأهم من ذلك هو قوة المفاوض السعودي بحكم هذه الكميات الكبيرة التي يستوردونها، والتي لا يقتصر بيعها على السعوديين بل تتسرب إلى الدول الأخرى، خصوصا في مواسم الحج والعمرة.

التمييز بين الدول الخليجية

وقال برهان إن صيادلة البحرين قدموا اقتراحا تبنته الحكومة البحرينية بتوريد الأدوية لكل الدول الخليجية بسعر موحد؛ لكن هذا اقتراح رفضته المملكة السعودية، لأنه سيعني زيادة أسعار الأدوية لديهم وخفضه في الدول الأخرى.

أما الدكتور فاخوري فقد رفض اتهام الشركات الموردة بالوقوف خلف زيادة الأسعار، ونفى أن تكون رفضت خفض الأسعار خلال مفاوضاتها مع وزارة الصحة الإماراتية، موضحا أن بعض الشركات بادرت إلى خفض بعض الأنواع فعلا، كما نفى التمييز في المعاملة بين الدول الخليجية، مشيرا إلى أن الاختلاف راجع بالأساس إلى فروق الأسعار والعملات ومواعيد التسجيل، موضحا أن هذه الفروق بحدود 2% فقط.

وعن توريد الأدوية للحكومات بأسعار أقل كثيرا من القطاع الخاص قال، إن هذه الأدوية تذهب إلى ذوي الدخل المحدود، كما أن المناقصات الحكومية تكون كبيرة، وهو ما يخفض تكلفة الإنتاج والنقل.

وقال فاخوري إن الحل العملي إلى جانب النظر في سياسة الصرف يكون بتعميم برامج التأمين الصحي، وهذا الحل سيرفع عبء فاتورة الدواء عن المرضى.

(الأسواق. نت)

back to top