وصية حبش: حتى آخر قطرة... وحتى آخر شبر قاد الجبهة الشعبية على مدى عقود... وأيَّد صدام في غزو الكويت

نشر في 28-01-2008 | 00:00
آخر تحديث 28-01-2008 | 00:00
No Image Caption
بنبرات حزينة يُستشف منها التحدي، و لا يخلو منها التحدي ذاته الذي وسم حياة والدها الزعيم الفلسطيني جورج حبش، الذي توفي في العاصمة الأردنية عمان أمس الأول، قالت الابنة البكر ميساء، لـ«الجريدة»، إن آخر الكلمات التي أطلقها والدها قبل تدهور صحته في الساعات الأخيرة هي، إيصاء زائريه من الساسة الفلسطينيين بـ«ترك شعارات السلام الزائفة ومظاهر الانخداع بها، وإطلاق شرارة المقاومة الشعبية من جديد حتى آخر قطرة، وحتى آخر شبر لاستعادة الأراضي الفلسطينية».

وتقول ميساء إن «أكثر ما صدم قلبه قبل توقفه الأخير هو محاصرة الغزيين، وفرقة الفلسطينيين من أجل لعبة سياسية مكشوفة، ولم تعد تنطلي على أحد، وبخاصة وعود الوهم، تلك التي تُصرف للمتمسكين بالسلام، وهم في داخلهم يعلمون انهم يركضون وراء السراب».

يشار الى أنه بوفاة حبش، مؤسس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، يغيب قائد تاريخي ثانٍ للثورة الفلسطينية بعد ياسر عرفات الذي توفي عام 2004، عرف كيف يمزج بين نشأته المسيحية وماركسيته التقدمية وثقافته الاسلامية.

ولد «حكيم الثورة» كما كان يلقب من قبل الاوساط المقربة منه، في مدينة اللد في فلسطين التاريخية عام 1925، من عائلة مسيحية ميسورة من طائفة الروم الأرثوذكس، وانتقل في منتصف الاربعينيات من القرن الماضي الى بيروت لدراسة الطب في الجامعة الاميركية.

في ربيع عام 1948 عاد الى اللد في خضم المعارك بين العرب واليهود، وتطوع كطبيب لإسعاف الجرحى قبل ان يضطر مثل مئات الالاف من مواطنيه الفلسطينيين الى النزوح خلال حرب 1948 مع قيام دولة اسرائيل.

عاش نكبة عام 1948 عن كثب، ونزح مع الالاف من ابناء اللد والرملة في شهر يوليو، تلاحقهم قوات منظمة الـ«هاغانا» الصهيونية التي عملت على إفراغ هذه المنطقة من سكانها العرب.

وروى حبش لاحقا، كيف ان مشهد النساء والاطفال وهم يتوجهون مشيا على الاقدام تحت الشمس الحارقة الى رام الله، وبعضهم مات فعلا على الطريق، دفعه الى تكريس حياته للدفاع عن القضية الفلسطينية.

في عام 1951، تخرج في الجامعة الاميركية في بيروت متخصصا في طب الأطفال، فعمل في العاصمة الاردنية والمخيمات الفلسطينية، وفي العام 1952 أسس مع هاني الهندي وآخرين «حركة القوميين العرب»، التي ما لبثت ان أنشات فروعا لها في دول عربية عدة، قبل ان تعلن عن حل نفسها على وقع نكسة 1967.

مارس الطب في الاردن حتى عام 1957، فرّ بعدها من عمان إلى العاصمة السورية دمشق، التي انتقل منها إلى بيروت قبل ان يعود مجددا الى عمان.

أسس «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في ديسمبر 1967، بعد نكسة يونيو التي شكلت صدمة كبيرة للفلسطينيين، بعد ان احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، اي ما تبقى من فلسطين التاريخية اضافة الى الجولان وسيناء.

أطلق حبش «المقاومة الشعبية المسلحة» معتبرا أن السلاح وحده قادر على استرداد الاراضي الفلسطينية، وأقام علاقات وثيقة جدا مع الاتحاد السوفييتي، الذي قدم له آلاف المنح الدراسية استفاد منها عدد كبير من كوادر الجبهة.

شارك في المعارك العنيفة مع السلطات الأردنية عام 1970 التي عرفت أحداثها بـ«ايلول الاسود»، وكان وراء سياسة خطف الطائرات حين خطفت الجبهة في العام نفسه خمس طائرات مدنية غربية انزلتها في «مطار الثورة» في الاردن قبل تفجيرها من دون ركابها، لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية،

اضافة الى خطف الطائرات، نفذت الجبهة الشعبية عمليات مختلفة مثل ضرب طائرات تابعة لشركة «العال» الاسرائيلية او مهاجمة سفارات اسرائيلية في العالم.

وأقامت «الجبهة الشعبية» اتصالات وثيقة بحركات ثورية عالمية، مثل بدر ماينهوف في المانيا والجيش الاحمر في اليابان.

من الاردن، خرج حبش الى لبنان إذ أقام الفلسطينيون «فتح لاند» في جنوب لبنان، حتى اطاح الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 بالمقاومة المسلحة الفلسطينية في هذا البلد، وأجبر حبش على اللجوء الى دمشق في حين فضل عرفات المنفى في تونس.

وفي عام 1990، أعلن تأييده غزو الكويت، بل حتى ضمها الى العراق، وسارع الى تحريض أتباعه على تنظيم تظاهرات ضخمة دعما للطاغية العراقي صدام حسين، ورفضاً لحرب تحرير الكويت، لاسيما بعد استقطاب صدام له ولقادة فلسطينيين آخرين ومنحهم حق اللجوء السياسي.

وتولى الأمانة العامة للجنة المركزية لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» من عام 1967 حتى عام 2000.

(عمَّان ـ أ ف ب)

back to top