تواظب على طرح موضوع المخدرات السينما... بين التصدي للجريمة والتأصيل لها!

نشر في 08-02-2008 | 00:00
آخر تحديث 08-02-2008 | 00:00

كان عالم المخدرات ولا يزال غنيّاً بالأحداث والقصص التي تغري صانعي السينما بمعالجته دائما ومغازلة أبطاله إلى درجة لا تخلو معها الأفلام المصرية كافة من ذكر المخدرات.

يجسد البطل في معظم الأفلام إما شخصية تاجر مخدرات أو المدمن أو الفرد الواقع في صراع مع تجّار المخدرات. لا ينسى صانعو هذه الأفلام التركيز على أضرار المخدرات في رسائل تتكرر حول عالم المخدرات الذي لا يفيد صاحبه سواء كان تاجراً او مدمناً لأن النهاية مأساوية دائماً.

من هذه الأفلام «شاطئ الأسرار» و{سمارة» و{رصيف نمرة 5» و{قطار الليل» و{الباطنية» الذي رصد كواليس هذا العالم و«الكيف» الذي شكل علامة فارقة في سينما المخدرات لاقتحامه مصطلحات ومفردات هذا العالم وهو نفس ما طرحه «العار» مضيفاً قضية الحلال والحرام حول مشروعية التجارة فيه والتعاطي.

مع انتشار الكوميديا في الفترة الأخيرة أصبحت المخدرات وعالمها مادة غنية لكتّاب هذا النوع. يعتبر محمد سعد أكثر من اشتهر في أداء دور {الشاب المسطول» في أفلامه كلها: «اللمبي» و{اللي بالي بالك» و{عوكل» و{بوحة» و{كركر». كذلك، لم تخل أفلام أحمد عيد وأحمد حلمي من الحديث عن عالم المخدرات. في جانب آخر حلقت الظاهرة ذاتها بعيداً عن الكوميديا مثل «دم الغزال» و{أوقات فراغ» و{عجميستا» وغيرها.

تطور

شهدت الأفلام الأخيرة في دور العرض المصرية تحولاً في التعامل مع عالم المخدرات، تحديداً في ما يتعلق بصورة تاجر المخدرات، إذ أظهرته بشكل إنساني يجعل الجمهور يتعاطف معه كما حدث في «خارج على القانون» و«الجزيرة» تحديداً، الأمر الذي أثار اعتراض البعض الى حد دفع أحد المحامين إلى رفع دعوى لوقف عرض هذه الأفلام بحجة أنها تظهر البطل في صورة الـ «سوبر مان» الذي يواجه الحكومة ويتحداها إضافة إلى تعاطف الجمهور معه بوصفه ضحية المجتمع والظروف والمصير الذي ورثه رغماً عنه، ما قد يدفع الشباب إلى تقليده وفقاً للاتهام الذي وجه إلى صانعي هذه الأفلام.

يدافع السينارست بلال فضل مؤلف «خارج على القانون» عن فيلمه قائلا: «اختياري له ما يبرره، من جهة تعتبر تجارة المخدرات هي الأشهر في عالم الجريمة المصرية مقارنة بجرائم أخرى كحيازة السلاح مثلا أو الدعارة المرفوضة اجتماعياً، من جهة أخرى أتاحت لي طرح وجهة نظري والرسالة التي أريد أيصالها وهي أننا نرث مصائر آبائنا وليس فينا من يختار مصيره بإرادته.

يضيف: «يتحدث فيلمي عن وراثة المصير أكثر من تجارة المخدرات، لهذا أختلف مع من رأى أنه يدفع الى التعاطف مع البطل لأن هذا الأخير يؤكد رفض وراثة المصير».

وجهه نظر

من جهتها تؤكد الناقدة الفنية حنان شومان أن عالم المخدرات وما يدور حوله يحتاج الى التعامل معه بجدية، لأن المخدرات في مصر أصبحت «مافيا» تدمر كل البلد ولا بد من التصدي لها في شكل عقلاني، مشيرة إلى أن هذا الأمر لا يقتصر على دور السينما فحسب وإن كان عليها عبء كبير خصوصاً بعد ظهور أفلام كثيرة حببت الشباب والمراهقين في شخصية «المسطول» فاتجه البعض الى تقليده تقليداً أعمى.

توضح شومان أن «الجزيرة» لا يتحدث عن عالم المخدرات بقدر ما يتحدث عن الزواج غير الشرعي بين بعض المجرمين ورجال الأمن وهو الجانب الذي تعاطف معه الجمهور وليس شخصية تاجر المخدرات. بمعنى أدق فكرة الاستغلال الأمني للمجرمين من خلال تصعيدهم ثم التخلص منهم وتصعيد غيرهم، أي الاستغلال الأمني لكل من له قابلية للتحول الى مجرم، هو ما تعاطف معه الجمهور رفضاً لهذا السلوك وكرهاً له.

لا يختلف الناقد السينمائي رفيق الصبان مع ما طرحته شومان، مشيراً الى أن بعض أفلام السينما أصَّلَ الجريمة والأخلاق الفاسدة تحديداً ومنها مجموعة أفلام «اللمبي» التي حببت الناس في شخصية «المسطول» و{ليلة سقوط بغداد» الذي أدى دور البطولة فيه أحمد عيد وهو كارثة أخلاقية لأنه أظهر العالِم الذي تعتمد عليه مصر في إنقاذها في شخصية المدمن على المخدرات، بل يستطيع اكتشاف السلاح الذي ينقذ بلاده وهو ما زال مدمناً. يؤكد في هذا المجال أن صانعي سينما كثراً يفوتهم أن تناول عالم الجريمة هو سلاح ذو حدين. قد يدفع الفيلم الجمهور إلى أن يحبّ المجرم وإلى التعاطف معه وهذا سيئ لأن مهمة السينما هي التصدي للاخلاق السيئة ولمساوئ المجتمع لا التأصيل لها.

back to top