علم الجينات... ماذا تعرف عنه؟

نشر في 11-10-2007 | 00:00
آخر تحديث 11-10-2007 | 00:00
No Image Caption

صحيح إن الجينات تحدّد الشكل الخارجي، لكن إلى أي مدى يمكنها التأثير على صحة المرء وشخصيته؟

ما إن تم اكتشاف الحمض النووي دي.أن إي (السلم الكيميائي الذي يحمل المعلومات الوراثية الفريدة الخاصة بنا) في الخمسينات حتى انهالت الأبحاث والمناقشات حول السمات التي تؤثر فيها. هل يمكن إذاً أن نحدد مسبقاً وقبل الولادة أموراً شديدة التنوع كالكوابيس التي تنتابك ومتوسط العمر المتوقع وشكل جسمك؟

خريطتك الوراثية

يقول الأستاذ في الصحة العامة وعلم الأوبئة في جامعة بينينسولا الطبية في الولايات المتحدة دايفد مالتزر إن الحمض النووي يعلم جسمك كيفية إنتاج البروتينات التي يحتاج إليها للنمو. فهو موجود في نواة الخلايا الموزعة بشكل محكم على 23 زوجاً من الكروموزوم. يشرف كلّ جزء صغير من الكروموزوم على قسم معين من شخصيتك فتحمل جيناتك مجموعتين من التعليمات: الأولى من الوالدة والثانية من الوالد. هنالك نحو 24000 جين معروف في الخريطة الجينية البشرية. ما يثير الاهتمام والقلق في آن هو أنك مماثل جينياً للشيمبانزي بنسبة 98 % (ما يبرر شغفك بتسلق الأشجار) وتتقاسم نحو 60 % من جيناتك مع ذبابة الفاكهة.

الطبيعة مقابل التنشئة

تبين في السنوات القليلة الماضية وجود ارتباط جيني بين السمات والحالات المتشابهة يشمل مجالات متعددة من البدانة إلى داء الربو والانهيار وداء القلب. لكن هل نستطيع معرفة ما الذي يساهم في جعلنا كما نحن، هل هي الطبيعة (الجينات) أم التنشئة (البيئة ونمط العيش)؟ يعتبر الاختصاصيون أن من المستحيل إصدار حكم في هذا المجال. تعطي جيناتنا المخطط، لكن الأهم هو التفاعل بين الطبيعة والتنشئة. تظهر الأبحاث حول التوائم المتطابقة التي تتقاسم المعلومات الوراثية نفسها أن بعض الحالات القليلة جداً لا تملك مزايا بيئية.

هل يمكنك حقاً إلقاء اللوم على أهلك؟

لا شك في أن بعض السمات موروث كلون الشعر أو ميلك إلى طلب ركوب السيارات السريعة والقائمة طويلة جداً في هذا المجال، فضلاً عن نحو 5000 حالة صحية تبيّن أنها وراثية بما فيها التليّف المراري ومرض هانتنغتون وهي أمراض يعانيها عدد كبير من الناس. لكن ماذا عن الحالات الأكثر رواجاً؟

يسعى العلم إلى كشف النقاب بسرعة عن الجينات المغلوطة لأسباب كثيرة، منها بعض حالات سرطان الثدي والأمعاء ونسبة الكوليسترول المرتفعة في الدم والاضطراب الثنائي القطب (إنهيار المهووس) والنموذج الثاني من داء السكري، إلى أمراض كثيرة أخرى.

إذا كنت تنتمي إلى عائلة تملك تاريخاً محدداً ودقيقاً لحالة مرضية معينة يمكن أن تخضع لاختبار، لكن حتى لو تم اكتشاف ضعف وراثي ما لا يعني ذلك أنك ستعاني تلقائياً المشكلة نفسها. لكن من المفيد أن تكون على بينة من ذلك لتتخذ الخطوات الوقائية في نمط حياتك طالما أن العادات غير الصحية قد تزيد من خطر إصابتك. مثلاً، 5 % من حالات سرطان الثدي تعود إلى أسباب وراثية. استخلصت دراسة حول صحة القلب امتدت على عشر سنين أن 90 % من النوبات القلبية تعود إلى عوامل مرتبطة بنمط الحياة.

في الواقع، الإنسان هو من يتحكم في صحته بالدرجة الاولى وفق الأطباء. فالوراثة الجينية غير واضحة المعالم بعد. يكفي ان نطلع على نتائج الأبحاث المتعلقة بالمهاجرين اليابانيين إلى الولايات المتحدة كي نرى أن في غضون جيل واحد بدا هؤلاء كأنهم فقدوا مزاياهم المتوارثة كالعيش طويلاً مثلاً إذ اعتمدوا نمط العيش الأميركي.

ماذا يخبئ المستقبل؟

تعكس الأبحاث الوراثية صورة قاتمة وتحمل بعض الهموم الأخلاقية. هل يجب أن نسمح للأطباء بإخضاع الأجنّة للاختبار بحجة إيجاد علاج للاضطرابات الوراثية؟

يبقى أنّ الأبحاث الجينية تساهم في فتح بعض الآفاق أمام علاج أمراض كثيرة. يتعلق الأمر، وفق مالتزر، بتطوير الصحة بدلاً من تحسين العرق البشري. تساعد الأبحاث الجينية على فهم تطوّر بعض الحالات الرائجة كالحساسية الجلدية وداء الربو.

back to top