الغلاء والتضخم... مسؤولية مشتركة

نشر في 29-01-2008 | 00:00
آخر تحديث 29-01-2008 | 00:00
 عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

زيادة الرواتب والأجور هو جزء من الحل إن لم يكن هو الجزء الأخير... فما جدوى الزيادة من دون وضع آلية تحمي المستهلك وتضبط الأسعار؟!!

أعلم أنه من الصعوبة بمكان الدعوة إلى التريث والتمعن قبل أن نقدم على زيادة الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد، وسط أجواء الغلاء والتضخم التي تجتاح البلاد وصرعة المناداة بالكوادر الخاصة التي تفشت في البلاد في الآونة الأخيرة، والتي تصدى لها سمو الأمير بحكمة في الوقت المناسب.

بالطبع هذا التمعن والتريث المطلوب لا يعني عدم الحاجة إلى التصدي ومواجهة موجة الغلاء التي لم تستثن أي سلعة ولم يسلم من أذاها أحد، وحتى يمكن معالجة تضخم الأسعار بطريقة فعالة وحتى لا تضطر الدولة إلى رفع الرواتب كلما زادت الأسعار وحتى لا تذهب زيادة الرواتب إلى جيوب بعض التجار الجشعين لابد من دراسة أبعاد هذه الزيادة وتداعياتها السلبية على تصاعد الأسعار والحد من تفاقم الغلاء على المواطنين والمقيمين في القطاعين العام والخاص.

والسؤال الذي يطرح نفسه؛ هل الحل يتجسد فقط في زيادة الرواتب والأجور لمعالجة الوضع المعيشي في ظل عملة ترتفع قيمتها أمام العملات الأجنبية، لكنها في الوقت نفسه تتدهور وتنخفض قيمتها الشرائية في دوله جُل سلعها من البضائع والخدمات مستوردة من الخارج؟!

إذن ما الحل في مواجهة ظاهرة الغلاء؟ في تصوري أن الحل يجب أن يكون ضمن رؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار العوامل كافة المؤثرة والمتأثرة بارتفاع الأسعار، ضمن إمكانات بلد ذي مصدر دخل أحادي آيل للنضوب، ولتكن الزيادة في الرواتب والأجور هي جزء من الحل إن لم تكن هي الجزء الأخير.

فما جدوى الزيادة من دون وضع آلية تحمي المستهلك وتضبط الأسعار من خلال انفتاح السوق ومراقبة الجودة والحد من الجشع بتوفير البدائل المتعددة لتشجيع المنافسة بين التجار لمصلحة استقرار الأسعار وتوافر السلع والخدمات، كما يجب أن يوجد مؤشر دقيق يعكس ارتفاع الأسعار الحقيقي ليتم رفع الرواتب بناء عليه، مع مراعاة أن آلية الزيادة المرتبطة بالتضخم هي في حد ذاتها قد تدعم وتبقي التضخم بمستويات إن لم يزد فانه لن ينقص، خصوصاً إذا ما أخذنا تضخم الباب الأول في الميزانية.

المتقاعدون هم أكثر الفئات معاناة بسبب التضخم، كما أن افتقار المستهلكين للسلوك الإيجابي يجعل احتواء التضخم والسيطرة عليه أمراً صعباً، ولعل الواقعة التي تروى عن عهد الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما اشتكى له رعيته من زيادة أسعار اللحوم، فأجابهم: «اتركوها لينخفض سعرها»، وهو ما استخدمه الناس في عصور مختلفة لمواجهة ارتفاع أي سلعة، ولكن الذي يحدث من بعض المستهلكين هو سلوك غير مقبول ولا مسؤول عندما يهرع إلى الأسواق المركزية لشراء سلع قاطعتها الجمعيات التعاونية لارتفاع سعرها من دون مبرر مقنع.

لذا فإن مواجهة الغلاء هي مسؤولية توجب مشاركة الجميع؛ الحكومة بالتشريعات والمراقبة وزيادة الرواتب كحل أخير؛ والتجار بتوفير السلع والبدائل بأفضل الأسعار وأجود النوعيات؛ والمستهلك يتعين عليه أيضاً كبح رغباته في الإسراف في الإنفاق ومواجهة مسؤولياته بإيجابية.

ولعله من المفيد الإشارة إلى ضرورة تقييم العمل بأسلوب مكافأة الإنجاز كبديل لزيادة الأجور، ومن ثم يتم ربط قيمة المكافأة بحجم الإنجاز.. فكلّما كان الإنجاز كبيراً كانت المكافأة مجزية... وذلك هو النمط الأفضل من خلال الاستفادة من زيادة الدخل وتوظيفها لرفع جودة الأداء ومستوياته. فمن غير المعقول التوجه بزيادة فلكية للأطباء على سبيل المثال من دون ربطها بالأداء من خلال جدول معروف يخضع لمعايير واضحة ومحددة بعيداً عن الواسطة أو المزاجية.

كما أن الواجب يحتم علينا استغلال الفوائض المالية بضخها في استثمارات رأسمالية تدر الإيرادات بعيداً عن التسليح أو البذخ بالمصروفات غير المبررة.

***

الكويتية مبروك: نهنئ المهندس حمد عبداللطيف الفلاح بمناسبة توليه منصبه الجديد في مكان عمله القديم كرئيس لمؤسسة «الخطوط الجوية الكويتية»... متمنين للكويتية بقيادة رئيسها الجديد كل تقدم ونجاح.

back to top