راحة لجميع الفرق

نشر في 11-07-2007
آخر تحديث 11-07-2007 | 00:00
 أحمد عيسى

حكومتنا المصونة أحسنت الاستفادة من انشغال الشارع بالصراع، فجلست «مستمتعة» وراحت تطلق المبادرات والرغبات والمشاريع من دون أن تكلف نفسها تقديم دراسة جدوى واحدة لأي منها.

بدءاً من عصر اليوم سيدخل البلد مرحلة «راحة لجميع الفرق» تستمر حتى أكتوبر المقبل، بانتهاء دور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة، ليسدل الستار على موسم حافل بالأحداث، أرهقتنا فيه السياسة على مدى عام ونصف، بدأناها بأزمة الدوائر مروراً بحل مجلس الأمة والانتخابات النيابية، وتشكيل الكتل، وصارت خمساً، فاستجواب السنعوسي، والشيخين العبدالله والجراح، لننتهي بثلاث حكومات في عام ونصف.

وبقدر ما أرهقتنا السياسة، استنزفنا صراع الأقطاب أكثر، بعد أن حمل طابعاً شخصانياً مبنيا على خطة «ما تلعبوني؟... أراويكم» التي يلجأ إليها الصغار بحنق حينما يجدون أنفسهم خارج اللعبة الجماعية، فضاع البلد بين من هم معنيون بالقرار وأولئك المبعدون عنه، على حساب الدولة بكل مؤسساتها ومواردها، والأهم مستقبلها.

حكومتنا المصونة أحسنت الاستفادة من انشغال الشارع بالصراع، فجلست «مستمتعة» وراحت تطلق المبادرات والرغبات والمشاريع دون أن تكلف نفسها تقديم دراسة جدوى واحدة لأي منها، أخص منها مشروعات تطوير حقول الشمال، وإنشاء مدن سكنية جديدة، وتطوير الموانئ والمطار وجزيرتي فيلكا وبوبيان، وإنشاء شركتين عملاقتين بملياري دينار، وأخيرا مشروع مدينة الحرير، الذي نافس سابقيه بتبوء موقع متميز له «داخل الدرج»، ولم يتعد «الكروكي» الذي رسم عليه.

مشكلة الحكومة تتمثل بعدم إدراكها أن إطلاقها هذه المبادرات يؤثر على مصداقيتها، أكثر مما يعزز مكانتها في نفس المواطن المكسورة، الذي يزور بلدانا لم تمنعها قلة دخلها من التحول إلى نماذج رائدة بالاعتماد على حسن التخطيط والإدارة.

الحكومة الآن أمام فرصة ذهبية، فالكل مشغول عنها بالقطع المبرمج وملاحقة أسهم البورصة محلياً، ودولياً وبالبحث عن كرسي على زاوية في أحد مقاهي عواصم السياحة في العالم، وليس هناك أي استجواب يشغلها عن العمل حتى أكتوبر المقبل، فهل تستفيد من كل هذا وتنجز لنا شيئاً؟

أعزائي، لا تفرطوا بالتفاؤل، فالإجابة تبدأ وتنتهي عند «لا» كبيرة، إذ جُبلت حكومتنا على «التبجح» بأن المجلس هو المعطل لخططها التنموية، رغم أنها لم تقدم أيا منها حتى على الورق، فاستهوت تعليق أخطائها على الشماعة، وتناست أن التاريخ يسجل ملاحظاته بصمت!

back to top