ليبقى لبنان بلد التميز

نشر في 25-03-2008
آخر تحديث 25-03-2008 | 00:00
 نايف الأزيمع

لبنان وأهل لبنان، لا يستحقون أبداً أن يُتركوا يعانون الأمرّين من ظلم ذوي القربى بالداخل والخارج. ولا يُعقل أن تبقى بيروت تعيش الفراغ فى مؤسساتها الدستورية، فلا رئيس ينتخب، ولا برلمان يفتح، ولا أمن ولا أمان.

بكل ما يعيشه لبنان الحبيب من تداعيات مؤسفة، وما يواجهه من مخاضات

مؤلمة، سيبقى قادراً على مواجهة التحديات، ومقارعة الخطوب، وإعطاء

المثل مراراً وتكراراً على أن أهل لبنان سينهضون ببلدهم من جديد كما فعلوا

ويفعلون وسيفعلون.

وكما هو طائر الفينيق سينهض من الرماد، سينفض اللبنانيون غبار المعاناة، ومعه رماد الفتنة.

هكذا، عودنا اللبنانيون، يصحون بعد كل كبوة أكثر قوة وأشد عزيمة، أمتن

وحدة وأكثر عطاء. وهم البانون لأوطان غيرهم، فليس كثيراً، ولا مستغرباً أن يبنوا وطنهم، ويعيدوا في كل مرة تشييد لبنانهم.

ونحن، العرب، كنا ومازلنا نفتخر بهذا اللبنان المثل والمثال، لبنان الحرية، ولبنان التنوع، ولبنان الثقافة، ولبنان الديموقراطية، ولبنان التآخي.

وككويتيين لم نشعر طيلة عقود من الزمن، ولم نكترث هل جارنا في المدينة

أو الضيعة مسيحي أم مسلم؟ سني شيعي أم درزي؟! كانوا جميعهم إخواننا

وأهلنا وأحبتنا. مصايف الكويتيين فى لبنان كان معظمها في مناطق الموارنة

والدروز، وأكثر ما يستطعمون أكل الأرمن، وأكثر ما يقرأون –كما العرب- الكتّاب والصحافيين المسيحيين والشيعة، من سعد عقل إلى محمد شمس الدين، ومن غسان تويني إلى طلال سلمان. بيروت، كانت وستظل، عاصمة الثقافة والعلم والتعليم، وواحة الشعراء والأدباء، وملجأ السياسيين والأحرار، وبلد الفن والفنانين، وهي بيروت على الدوام مربط خيل العرب.

ولبنان وأهل لبنان، لا يستحقون أبداً أن يُتركوا يعانون الأمرّين من ظلم ذوي القربى بالداخل والخارج. ولا يُعقل أن تبقى بيروت تعيش الفراغ فى مؤسساتها الدستورية، فلا رئيس ينتخب، ولا برلمان يفتح، ولا أمن ولا أمان.

لقد أصبح لبنان، وللمفارقة، يستحق أن يسجل في كتاب «غينيس» كأول بلد يقفل فيه البرلمان رغم وجود النواب ودستوريتهم! ويستحق دولة الرئيس نبيه بري أن يسجل أيضاً، كأول رئيس برلمان يغلق أبواب المجلس أمام أعضائه -نواب الأمة- ويضع المفاتيح في جيبه!

لبنان من هذه الناحية –التفرد- يستطيع هذه الأيام أن يسجل له أيضاً، أنه البلد الوحيد الذي لا رئيس له، ولا ملك، ولا أمير ولا سلطان!! لكنه لبنان، وكما هو دائماً، سيبقى بلد التميز والتفرد والمبادرات، حتى لو بالتناقضات والأعاجيب!

وبمناسبة فراغ الرئاسة، وتعذر انتخاب رئيس جديد، ونحن على أبواب مؤتمر القمة العربية المزمع عقدها في دمشق، يعنّ لي اقتراحٌ قد يلقى قبولاً عند جميع الأطراف اللبنانية المتصارعة... لماذا لا يكلف مجلس الوزراء –وهو القائم بأعمال رئيس الجمهورية– غبطة البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، بتمثيل لبنان في هذه القمة وإلقاء كلمته؟! فإذا كان لبنان يتميز برئيسه المسيحي «الماروني» الوحيد في القمم العربية، فإن رأس الموارنة وشيخهم سيكون -بلا شك- الأكثر تأهيلاً لتمثيل لبنان واحتلال كرسي رئيسه الماروني! ولو حدث هذا فستكون سابقة في تاريخ العرب، وربما العالم، وستكون بلا جدال، رسالة قوية مدوية للذين يريدون تغييب لبنان، وربما يهدفون إلى تغييب تميزه!

اللهم احفظ لبنان، واحفظ أهل لبنان، واحفظ فيه وفيهم الديموقراطية والحرية والتميز.

back to top