سمير صفير: الفنّ الحالي وكالة من غير بوّاب

نشر في 01-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 01-11-2007 | 00:00
No Image Caption

سمير صفير، من أشهر الملحنين العرب. «سليط اللسان» هكذا يصفه كثر. لا يخاف أحداً وينتقد الأقلام المأجورة. له 700 لحن ويرى أنّ الفنّ العربي الحالي في أتعس حالاته.

إلتقته «الجريدة» وحادثته.

ما سبب نجومية سمير صفير؟

لا بدّ من أنّ «ينجّم» أيّ إنسان يتعب على عمله ويعطيه الكثير من قلبه وضميره. لحّنت وغنّيت وأتقنت عملي محترفاً. أواجه بشراسة كلّ من يحاول تشويه هذا الفنّ. بدأت التلحين مع نجوم استوديو الفنّ وكانوا مبتدئين لكنّهم استطاعوا أن يبرعوا لاحقاً. أعتبر خبرتي ووفائي لعملي طيلة 25 عاماً سبباً في نجاحي، علماً أنّ النجومية لا تُشترى بل تأتي إليك مقابل ما تقدّم من أعمال ناجحة.

هل ترى أنّ المغنّي هو من يساعد على نجوميّة الملحّن أمّ العكس؟

هل عبد الحليم حافظ من شَهر محمد عبد الوهاب؟ وهل أمّ كلثوم شهرت رياض السنباطي؟ بالطبع كلاّ. تختلف الأمور بحسب الملحّن. إن كان الأخير «تجليطا» يلجأ الى المغنّي لتحقيق شهرة معيّنة وهذا ما يحصل على الساحة الفنّية راهناً.

ثمّة من ينفي دور الفنّ راهناً في بناء الشعوب وحضاراتها، هل توافق المنطق هذا؟

طبعاً. كنّا معروفين سابقاً بالرقيّ والأصالة أمّا راهناً فأصبحنا معروفين بغناء التعري. أعتبر أنّ الفنّ العربي اليوم بلغ ذروة «المسخرة» و80% منه فنّ هابط. أجدادنا تعبوا وأهلنا عمّروا ونحن الآن نهدّم. يجب أن ننتفض جميعاً، صحافيين وإعلاميين ومنتجين حيال الواقع المرير إجتماعيّاً وسياسيّاً وفنيّاً كي نستطيع بعد مئة سنة على الأقلّ تخطي مرحلة الصفر. قل لي ماذا تغنّي أو ماذا تقرأ أوّ ماذا تكتب أقل لك من أنت. يهدم الفنّ العربي الحالي الشعوب والأجيال ونحن في أتعس حالاتنا.

وصفت الحالة التي يعيشها الوسط الفنّي راهناً بـ «المسخرة»، هل تلوم الصحافة وشركات الإنتاج أم أن الجمهور يشجّع هذا النوع من الفنّانين؟

أصفّق لكلّ إنسان «نكرة» استطاع أنّ يخترق مكاتب أعظم الصحافيين والمخرجين والملحنين. لا ألوم من يغنّون وهم دون المستوى المطلوب فنيّاً. هؤلاء تصدّروا الشاشات وجالسوا أهمّ الصحافيّين واستهلكوا ما لا يقلّ عن 80% من وقتهم. «برافو عليهم!» تقع المسؤولية الكبرى على المنتج الذي يساهم على نحو مباشر في ترويج الفنّ الهابط. لم يعد الفنّ رسالة وانعدمت القيم. أنا مثلاً وضعت قرطاً في أذني. فلم ترحمني بعد ذلك الأقلام والأبواق الصحافيّة بينما لم يكلّف أحد منهم نفسه يوماً الحديث عن رصيدي الفنّي الذي لا يقلّ عن 700 لحن. أصبح الصحافيون في غالبيتهم ذوي فكر شيطاني يهمّهم القيل والقال فحسب. ليس صحيحاً ما يقال أن «الناس بدها كده»، فالقارىء يتلقف ما تقدّم له. أدعو الناس الى الإنتباه من شبكة أسميتها «على شكلو شكشكلو» تدعم بعضها البعض وتلوّث الأذن والعين.

من هو الفنّان الذي ندمت على التعامل معه؟

أندم على تعاملي مع كثر من الفنانين لكنّني لا أريد الدخول في الأسماء لأنني أتحمّل مسؤولية خطأي بنفسي. الفنّ اليوم «وكالة من غير بوّاب» وأنصح كلّ فنّان إحترام المستمع أوّلاً من خلال ما يقدّم والنظر الى نوع الأغاني التي تعرض عليه لا الى الكميّة.

بمَ تردّ على من انتقد حديثك باللهجة المصريّة في برنامج «ضدّ التيّار» الذي تقدّمه الإعلاميّة وفاء الكيلاني على شاشة «روتانا»؟

وفاء إعلاميّة مصريّة وهذا من أهمّ الأسباب التي دفعتني إلى التحدّث بلهجتها. أكره أنّ يكون الجدال بيزنطياً، فلا تفهم المحاورة ما أقول، علماً أنّ ثمة بعض المصطلحات اللبنانيّة التي يصعب على إخواننا في مصر والخليج فهمها، على عكس اللبناني المعتاد على اللهجة المصريّة. لا أنتظر من أهل الصحافة ولا من أهل الفنّ ردّ فعلهم على هذه الحلقة. أهتمّ بما يقول الناس وأخبرك أنني تلقيّت إتصالات تهنئة على هذه الحلقة من قضاة ومحامين ومهندسين ومثقفّين وسيدات مجتمع وأتشرّف بهذه الآراء. أنا لا أهين أحداً لكنّني أحترم النقد الصحافيّ البنّاء الذي يمسّني والمدعّم بإثباتات وأكره تسجيل المواقف.

لِمَ اتهمت المخرج سيمون أسمر بالنكرة والديكتاتور وبأنّه ليس صانع النجوم؟

ما زلت عند قولي. هو لا يفهم إلاّ بعدسة الكاميرا. مخرج تصوير لا أكثر ولا أقلّ. لا يصنع النجوم سوى ربّ العالمين. أين سيمون أسمر اليوم؟ أين النجوم الذين صنعهم راهناً؟ (يضحك) إنّه ديكتاتور وإنسان عنيد، لا يفهم في الفنّ ويريد أن يفرض رأيه. أقول له: «من بيته من زجاج لا يرشق الناس بالحجارة».

ما تقول الآن يؤكد أنّك سليط اللسان؟

إني أردّ على الأسئلة التي توجّه إلي. غابت المحاسبة ودفن النقد البنّاء. معظم الصحافيين مرتهن لهذا أو ذاك، لذا أجد نفسي مرغماً على إظهار الحقيقة كما هي ومهما تكن جارحة.

ما تعليقك على قول وائل كفوري في حديث صحافيّ أنّه لا يردّ على تصريحات سمير صفير ولا يكترث لآرائه لا حاضراً ولا مستقبلا؟

بمَ سيردّ وائل؟ يعرف تمام المعرفة أن كلامي صحيح وليس لديه ما يقول. أؤمن بأنّ واثق الخطوة يمشي دائماً ملكاً، الناس جميعاً يعرفون من هو سمير صفير.

كيف تصنّف الملحنين اليوم ومن يُعجبك منهم؟

هناك الجيّد والوسط والسيئ. هناك في مصر أحمد عزّ، شريف تاج، وليد سعيد وحلمي بكر. وفي لبنان زياد بطرس، مروان خوري، وسام الأمير، إحسان المنذر وملحم بركات وغيرهم.

لم تذكر طارق أبو جودة في حين يعتبر نفسه الملحّن رقم 1؟

نعيش في بلد ديمقراطيّ ولأي مرء حرية التعبير عن رأيه. وحدهم الناس يقوّمون الملحّن. طارق «مركباتي» يأتي بجملة موسيقية من هنا وأخرى من هناك ويركبّها بعضها على بعض. ما أقول هو الواقع وليس شتيمة.

هل فعلاً بدأت هيفاء تصدّق نفسها أنّها مطربة كما صرّحت؟

سأردّ على هذا الموضوع في ثلاث ثوانٍ كي لا أعطيها أكثر من حقّها. لا تربطني أي صداقة مع هيفاء وعلاقتي بها سيئة جدّاً. أنتقد من يبجّلها ويعطيها أكثر ممّا هي عليه في الحقيقة. عيب ما يقومون به لأنهم يؤكدون أنّهم يقبضون لقاء ما يكتبون وليس لأنهم معجبون بفنّها.

أين ترى اليوم كلّ من نجوى كرم، عاصي الحلاني، نانسي وإليسا؟

أنصح نجوى بأن تتأنّى أكثر في انتقاء أغانيها أمّا عاصي فيعتمد اليوم على اللون البلدي الـ{moderne» وهو يليق بصوته وكنت نصحته باعتماد هذا الللون منذ زمن لكنّه لم يتقبّل نصيحتي. أرى نانسي عجرم نجمة عربيّة بامتياز لأنّها تملك الصوت الجميل والنفسيّة المتواضعة وأجد إليسا إنسانة ذكيّة تحسن اختيار أغانيها ولديها «prestige» ، أتوقع لها مستقبلاً باهراً لكنني أنصحها بأن تكون أكثر انفتاحاً على الآخرين.

وعدتنا بالعودة الى الغناء، متى؟

ستكون عودتي قريبة إن شاء الله لكن من دون تعيين تاريخ محدّد لأنني لا أفكّر بما سأقوم به.

ما الدرس الذّي تعلمّه سمير صفير بعد مسيرته الطويلة في الفنّ وعلاقاته مع الفنّانين؟

تعلمّت أن أضع دائماً هدفاً أمامي وألا أنظر البتة الى الوراء. النجوميّة والنجاح يطلبان منك السهر والتعب والاجتهاد وأتمنّى أن أظل دائماً على قدر هذه المسؤوليّة. كما أدعو أي صحافيّ الى وقفة ضمير قبل أن يحمل قلمه وألا يكون مأجوراً لأحد فقد اشتقنا إلى الناقد البنّاء والموضوعيّ.

back to top