هل يطغى أبوثنتين الديمن... على خال الحكم؟!

نشر في 06-11-2007 | 00:00
آخر تحديث 06-11-2007 | 00:00
 عبدالكريم السيد عبداللطيف الغربللي

نرى أن ما حدث من انفعالات نيابية منطقية لا يمكن مواجهته إلا بتحكيم الدستور والقانون، خصوصاً في عهد رئيس وزراء صرح في أكثر من مناسبة بتطبيق القانون عليه أولاً، وهذا يُسَجل له ويحقق ما يصبو إليه كل من يرفع شعار الإصلاح.

العدل أساس الملك...

بعد أن ضاق ذرعاً وضجراً من أداء النواب في مواجهة الفساد وسلبية الشعب، قام بنشر هذا الإعلان في إحدى أكثر الصحف انتشاراً «أعتقد أن نصف النواب مجانين!!... التوقيع: المواطن المقهور فلان بن فلان». وعلى الرغم من الارتياح الكبير الذي لقاه هذا الإعلان من قبل السواد الأعظم من المواطنين، تعرض المواطن المقهور لضغوط شديدة من القوة «إياها» للتراجع عن إعلانه وبالطريقة نفسها وبذات الصحيفة وإلا «...»، فما كان منه إلا الرضوخ لينشر تصحيح موقفه على النحو التالي «بالإشارة إلى إعلاني السابق أعتقد أن نصف النواب غير مجانين!!... التوقيع: المواطن المقهور فلان بن فلان» ... وهذا ما يُروى أنه حدث في أمة من الأمم.

المتابع للأداء الحكومي خلال العطلة البرلمانية الصيفية، خصوصاً في ما يتعلق بملابسات تأسيس شركة أمانة وظروف الاستعجال في إصدار المرسوم الأميري لإشهارها، ومن ثم تعثر المضي في إجراءات الاكتتاب، وصولاً إلى تلميحات النواب بشبهة الفساد، إلى قرار وقف الاكتتاب، ثم إصدار مرسوم أميري لوقف الاكتتاب وإلغاء مرسوم الإشهار، كل ذلك في ظروف يكتنفها الغموض والاستعجال غير المبرر في عهد وزير المالية ووزير التجارة بالوكالة. ورغم ما جاء في المؤتمرات الصحفية وما كُتب عن تداعيات هذه الفوضى الإدارية، فإن إجراءات الحكومة لمعالجة تداعيات ما حدث لم تكن على مستوى التوقعات، وربما استخفت بردود الفعل المتوقعة من النواب الذين ينطلقون من أجندات لا نشك أن فيهم من ينشد المصلحة!!

ويبدو أن ما حدث في جلسة الافتتاح من طرح شديد وقاس في بعض الأحيان لم يكن مفاجئاً إلا للحكومة. فإذا كانت الحكومة تعتقد بدستورية التدوير «ابوثنتين الديمن»... فلقد أهملت حساب دستورية الاستجواب «خال الحكم»، ومن مركز المواطنة والمراقبة الموضوعية نرى أن ما حدث من انفعالات نيابية منطقية لا يمكن مواجهته إلا بتحكيم الدستور والقانون، خصوصاً في عهد رئيس وزراء صرح في أكثر من مناسبة بتطبيق القانون عليه أولاً، وهذا يُسَجل له ويحقق ما يصبو إليه كل من يرفع شعار الإصلاح.

وبعيداً عن دهاليز السياسة نرى أن من الأمانة إحالة ملف شركة أمانة إلى النيابة العامة مادام الرئيس يرغب في تطبيق القانون حتى على نفسه، وكم كنا نتمنى أن تتاح الفرصة للدكتور عبدالله المعتوق أن يعتلي المنصة لنسمع رأيه ودفاعه عما نُسب إليه من اتهامات. لذلك نأمل في إعطاء فرصة للدكتور وللشعب كي يعرف الحقيقة وذلك بإحالة الموضوع برمته إلى أجهزة القضاء، فبعد كل ما سمعناه من اتهامات صريحة وجريئة من قبل النواب واعترافات ضمنية من الحكومة، «ولكي لا يطغى أبوثنتين الديمن... على خال الحكم»، لا يوجد حل سوى تحكيم الدستور والامتثال إلى القانون... فالعدل أساس الملك، كما أن الموقف السلبي أو الصامت لبعض النواب والكتل غير مفهوم!

قبل الختام فوجئ كثيرون بطرح النائب أحمد باقر بهذه القسوة والحدة على زميله الدكتور عبدالله المعتوق... الغائب عن الجلسة والذي لم يرفض أو يفر أو يجزع من المواجهة. ونتفهم الخصومة السياسية ونحسبها خصومة في إطار أخلاق ومروءة الفرسان، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نهانا عن الفجور بالخصومة، وما شاهدناه لم يكن أحمد باقر الملتحي ذا الخلق الهادئ، بل شخصية أخرى مرعبة أطلت من خلال عيون يتطاير الشرار منها، وفم يرغي ويزبد حتى جف، وطرح متشنج وعبارات لا تليق ولا نتوقعها مطلقاً من السلفي باقر تجاه أخيه المسلم الدكتور المعتوق الغائب والمحروم من حق الدفاع عن نفسه. لقد كان الأسلوب غير مبرر ومحل استهجان كثير من الديوانيات، وليتذكر باقر قوله تعالى حاثاً على التثبت وعدم الاستعجال في الحكم قبل سماع الطرفين بغض النظر عن قوة الادعاء:

«إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرا منْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25)» صدق الله العظيم، فهل يعتذر باقر وينوب أم تأخذه العزة بالإثم؟! والله الهادي إلى سواء السبيل.

back to top