وقفة مع العقل

نشر في 20-02-2008
آخر تحديث 20-02-2008 | 00:00
 نايف الأزيمع

أعبث هو؟! أمؤامرة هي؟! ربما هو ذاك أو تلك، ولكن الأكيد أنها في الحقيقة كارثة.. نرى العراق الجريح ونعاني معه وله.. ونشاهد لبنان الذبيح ونتألم معه وله.. ونرقب فلسطين السليبة ونبكي معها ولها.. فهل حان الوقت لكويتنا أن تنضم- لا سمح الله- إلى القافلة؟!

من دون مقدمات، ومن غير لجوء إلى الرمزية، وبشكل مباشر وصريح وبمنتهى الشفافية، يجب أن نقول، و «بالفم الملآن»: إننا ككويتيين وكعرب، وكمسلمين لا نقبل بإراقة دم الأبرياء أياً كانوا، وأينما وجدوا .. هذا بالمطلق.

لكن، لابد وبالصدق نفسه، ومن حيث المنطلق، أن نقول إن المقاومة في سبيل الأرض، والعرض، والوطن فرض واجب، وإن مقاتلة المحتل وقتله أمر مشروع ومباح.

ومن هنا.. فلابد من إدانة قتل العرب والمسلمين، ولو بأيد عربية أو مسلمة. وفي المقابل، لا بد من تأييد ودعم النضال ضد العدو المحتل، وقتاله.

وعليه... فنحن، ككويتيين وطنيين، من باب أولى، وبالطبيعة، ندين كل من تعدى على مواطنينا، ونجرِّم كل من أراق دم أبنائنا.. ومن ثم، فلا صفح ولا حصانة ولا قدسية لأي كائن مَن كان تطاول على بلادنا، أو حاول المس بكويتنا... فما بالك بمَن قتل وأزهق أرواح مواطنينا؟

هل من وطني عاقل وشريف وغيور يقبل بعكس بذلك؟! كلا وألف كلا...

وعلى الجانب الآخر... فنحن، ككويتيين عرب، نناصر وندعم ونعظم كل من تصدى، ويتصدى للعدو المحتل في كل أرض عربية..

لذا، فنحن ضد قتلة أبنائنا في طائرة «الجابرية»، ونحن ضد المتآمرين على حياة أميرنا، ومقاهي مواطنينا في أسواقنا الشعبية.. فما بالك إذا تجسد كل ذلك في شخص واحد؟! نحن بالقطع ضده، وندينه، ونمقته ونزدريه..

وفي الوقت نفسه، وبالقوة واليقين نفسيهما، نحن مع كل من حارب ويحارب العدو الصهيوني المحتل لأرضنا العربية، بل نحن وبالقطع، نقف معه ونؤازره ونقتفيه...

من كل ماتقدم، يتبين لنا في الكويت أمران واضحان لا لبس فيهما ولا غموض، أولاً: نحن جميعاً ضد المساس بوطننا ومواطنينا، ومن أي كائن مَن كان. وثانياً: نحن جميعاً مع مقاومة الاحتلال، ومقاتلة المحتل..

ولنا من غزو صدام، ومجابهتنا له دروس تبقى عبر التاريخ صورة لرفض العدوان ومقاومة المحتل، حتى لو كان عربياً أو بلباس عربي..

من هذا المنطلق، ومن تلك الحقائق، نصل إلى وضعنا الداخلي وما اعتراه خلال الأيام القليلة الماضية.

فمع طوفان غبار الجو القاتم، كان ثمة طوفان أكثر غباراً وقتامة.. بل هو أشد وأحلك وأخطر!

فها هي المرة الأولى منذ نشوء هذا الوطن الآمن الأمين، وعبر اختلاط دماء مواطنيه في حروبهم في البر، ومن خلال صراعهم مع البحر. والذين امتزج عرقهم وبكاؤهم في سنة الطاعون، وفي عام الطبعه (الغرقة).. وتناغمت ألحانهم وأهازيجهم من العرضة والسامري إلى الهيوة واليامال.. هاهم، ولأول مرة، يُراد لهم أن يقفوا طوابير للفرز حسب الهوية الطائفية..

والأخطر هوية الانتماء!

أعبث هو؟! أمؤامرة هي؟! ربما هو ذاك أو تلك، ولكن الأكيد أنها في الحقيقة كارثة..

نرى العراق الجريح ونعاني معه وله.. ونشاهد لبنان الذبيح ونتألم معه وله..

ونرقب فلسطين السليبة ونبكي معها ولها..

فهل حان الوقت لكويتنا أن تنضم- لا سمح الله- إلى القافلة؟! هل يمكن أن تكون الجريحة، أو الذبيحة، بعد أن عادت من السلب؟!

هل يأتي اليوم الذي نعاني ونتألم ونبكي مع الكويت ولها؟! أكيد أننا لا نريد، ولا نتمنى، ولا حتى نتخيل مثل ذلك اليوم المشؤوم.. ولكن صدقوني، إن أنتم أطلقتم عقال الطائفية، فلن يكون ذاك اليوم ببعيد..

الشيعة في الكويت جزءٌ أساسي ومهم وفاعل في نسيجنا الوطني..

وهم إخواننا وأهلنا وأنسباؤنا وجيراننا ومواطنونا..

هم قاوموا الغزو بكل شجاعة ووطنية وفداء.. وهم ساهموا في البناء بكل قدرة وأريحية وعطاء.. وهم منا وفينا، ونحن منهم وفيهم إلى أبد الآبدين..

فلنقفل أبوابنا، وشبابيكنا، وقبلها أعيننا وآذاننا، وقبل ذلك كله ألسنتنا، عن رياح وأحاديث الفتنة...

فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

back to top