كنت باتون لـ الجريدة: سورية وإيران قطبا الإرهاب في المنطقة ومسؤولتان عن معاناة اللبنانيين والفلسطينيين المسؤول في الخارجية الأميركية يؤكد أن الدول العربية تجني ثمار الإصلاح الديموقراطي اليوم
أكد نائب السكرتير المساعد لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية كنت باتون أن لبنان اليوم يعاني وتتدهور أوضاعه، بسبب تدخل قوى خارجية في شؤونه، واصفا سورية وإيران بأنهما «قطبا الإرهاب»، داعيا إلى ضرورة أن تتغير رؤيتهما السلبية تجاه أوضاع المنطقة.
ثمن باتون في لقاء أجرته معه «الجريدة» خلال زيارته الأخيرة للكويت جهود بعض دول المنطقة لدعم الإصلاح السياسي والتربوي، وفتح المجال أمام المرأة لمشاركة الرجل المعترك السياسي، مشيرا الى تجربة الكويت الناجحة في هذا المجال عندما منحت المرأة حقها السياسي في الترشيح والانتخاب.وقال باتون - وهو مسؤول عن تعزيز سبل الإصلاح الديموقراطي في دول المنطقة، ويدير مشروع مبادرة الشراكة الشرق أوسطية MEPI، والتنسيق في ما يتعلق بمبادرة قمة الثماني للسلام- إن فئة الشباب مهمة بالنسبة الى الولايات المتحدة التي تحرص على حث هؤلاء على الدراسة في جامعاتها، مؤكدا وجود منافسة في هذا الشأن مع المملكة المتحدة وغيرها من الدول.كما وصف الكويت بأنها «الحليف الأول للولايات المتحدة»، مؤكدا تميزها في العديد من المجالات، وأن ديموقراطيتها هي نموذج فريد في العالم العربي لا يتكرر في دول مماثلة.وعلى الرغم من تأكيده وجود تذبذب في العملية الإصلاحية في المنطقة قال باتون إن الإصلاح التربوي والتعليمي والاقتصادي ومشاريع دعم المرأة تتطور في الكثير من الدول، قائلا إن الوضع يختلف عما كان عليه في السابق، والفضل في ذلك يرجع لجهود المنظمات غير الربحية وجهود الحكومات والأفراد والشراكة مع الولايات المتحدة في هذا المجال.وفي ما يلي نص الحوار:* كيف تلخصون زيارتكم للمنطقة، وما أهم ما تضمنته أجندة الزيارة؟- لقد عدت للتو من مملكة البحرين وقبلها قمنا بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث إنني أبحث مع المسؤولين في المنطقة أهم ما ركزت عليه زيارة الرئيس بوش السابقة للمنطقة، كما بحثنا مع المسؤولين في الإمارات أهم محاور منتدى المستقبل المزمع انعقاده نهاية العام الجاري هناك، وزيارتي للكويت لبحث كل القضايا المتعلقة بالإصلاح السياسي، كما يسعدني لقاء عدد من الفعاليات النسائية والطلبة الكويتيين. وعلى المستوى الشخصي أحمل على عاتقي مسؤولية متابعة قضايا الإصلاح الديموقراطي في 18 دولة في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بدءا من المغرب وسورية إلى إيران، وكما تعلمين فإن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن حرص على تغيير السياسة الأميركية بشكل عام، ففي الخمسين سنة الماضية كان للولايات المتحدة اهتمام استراتيجي فقط بالمنطقة، وتركز ذلك الاهتمام على توفير مصادر الطاقة أو التنسيق مع قوات التحالف إبان الحرب الباردة، لكن الرئيس قرر أن يتم توسيع نطاق الاهتمام ليتضمن تعزيز العلاقات مع حكومات البلدان في المنطقة، علاوة على التنسيق مع المنظمات غير الحكومية وكذلك الأفراد، ودعم المسيرة الإصلاحية والديموقراطية في الدول المعنية... إن أهدافنا تتمحور في إيجاد شراكة مع الشعوب في المنطقة على مختلف الصعد، علاوة على دعم تقوية المجتمع المدني ومؤسسات التنمية الخاصة.* ما هي مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، وهل حققت حتى هذا الوقت إنجازات على صعيد الحريات وتعزيز الديموقراطية في المنطقة؟- إن هذه المبادرة أطلقت من قبل الرئيس الأميركي ووزير خارجيته آنذاك كولن باول، وترتكز على أربعة أعمدة رئيسية استخلصت من تقرير الأمم المتحدة المتعلق بالتطوير البشري، والذي يستهدف دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان هنالك اهتمام بهذا الشأن، كما توسع الاهتمام ليشمل استخلاص الأفضل من شعوب المنطقة في مجالات التنمية والتطوير، فكانت صيغة الأعمدة الأربعة كالتالي: 1 - الإصلاح الاقتصادي 2 - الإصلاح التربوي 3 - دعم المرأة4 - الإصلاح الديموقراطيونسعى من خلال هذه الأعمدة ليس فقط إلى وضع البرامج وتقديم الدعم المادي للمنظمات المعنية، لكننا نركز كذلك على الجانب السياسي في كل عمود من تلك الأعمدة، فعلى سبيل المثال عندما قررت دولة الكويت منح المرأة حقها في الترشيح والانتخاب، كان ذلك الأمر بالنسبة الينا وعلى المستوى السياسي مهما جدا، بادرنا بتقديم الدعم وكانت فكرة جيدة، وهي أن هنالك أفرادا جددا في المجتمع باتوا يشكلون قوة ويأخذون حيزا في المشاركة السياسية التي كانت مقتصرة على الرجال فقط، وبمبادرتنا هذه سعينا الى منح الكويت قوة ونظاما ديناميكيا متقدما. ومرة أخرى أقول إن المبادرة ليست عبارة عن تقديم برامج أو صياغتها، بل هي أشبه بخلق ثورة جديدة، وأنا دائما أقول إن الولايات المتحدة لم يكن لديها يوما رئيسة مرشحة مثل هيلاري كلينتون أو رئيس من أصول إفريقية مثل باراك أوباما أو حتى كبير بالسن مثل جون ماكين، إذن الأمر برمته متعلق بخلق ثورة، ثورة تجعل شعوبنا تتقدم وتتطور إلى الأفضل بوجود نظام ديموقراطي سليم ومتطور.وبودي أن أشير هنا إلى أن كارثة إعصار كاترينا أثبتت أن الولايات المتحدة ليس لديها نظام لإعادة بناء الرخاء الاقتصادي على مستوى قاطني الولايات، وما زلنا نعاني ولكننا نعمل بجد ونكافح، وجزء من إيماننا أننا نعمل من أجل الأفضل دوما. * كيف تقيمون الديموقراطية الكويتية؟ وبماذا تختلف عن باقي دول المنطقة؟- ندعم وبشدة القيادة الكويتية في مسيرتها للإصلاح السياسي وتعزيز الديموقراطية، التي جعلتها منهجا مميزا لها، ونحن على يقين أنها نموذج فريد في العالم العربي، كما أن للكويت نظاما نادرا اجتماعيا وسياسيا وحتى على مستوى العادات والتقاليد الأصيلة، ولمسنا اختلافا بينها وبين البحرين والسعودية والإمارات، ولقد تحدثت في زيارتي هذه مع عدد من الفعاليات النسائية والشباب، وزيارتي هذه لتقريب وجهات النظر وتقييم الوضع بشكل عام، وعلى الرغم من أنها زيارة قصيرة جدا لكنها مثمرة، وقد حظيت بشرف لقاء مدير إدارة التنسيق والمتابعة بوزارة الخارجية السفير خالد المقامس. * بالحديث عن فئة الشباب، هناك من يرى أن المنافسة شديدة بين كل من بريطانيا والولايات المتحدة في استقطاب أكبر عدد ممكن من الطلبة للدراسة في البلدين؟ ما الأهداف من وراء ذلك؟- قد تصح تسميتها بالفعل منافسة، لاننا نطمح الى الأفضل، من منطلق مبدأ «اعطونا أكفأ ما لديكم من الطلبة نمنحكم أفضل مخرجات تعليمية»، والكويت تعد أولوية بالنسبة الينا، باعتبارها الحليف الأول لنا، وهنالك الكثير من الكويتيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، ودعمنا للطلبة وحثهم على الدراسة في جامعاتنا يأتي من منطلق الأفضلية، ولا أحبذ أن أقول إننا في معترك المنافسة مع البريطانيين، وأعتقد ان تحفيز الطلبة الكويتيين من قبل السفارة الأميركية هنا هو أولوية أيضا، وزيادة أعدادهم التي تراجعت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والحق يقال بأنه إذا كانت هنالك منافسة فهي ليست مع البريطانيين وحدهم، بل مع البحرين والأردن ومصر وأستراليا وغيرها.* يعد لبنان إحدى الدول التي تشملها المبادرة التي أشرتم إليها، ما نية الإدارة الأميركية في تصحيح الأوضاع الحالية هناك في ظل عدم وجود مؤشرات إيجابية بتحسن الوضع؟- أعتقد أن هنالك نقطتين يجب توضيحهما هنا، أولا أننا نود أن نرى العملية الديموقراطية تأخذ مسارها السليم والصحيح من دون عراقيل، ومن الملحوظ أن العملية مجمدة وتفتقر الى التفعيل في المقام الأول، والسبب عائد الى أهواء أخرى في لبنان، ومن الواضح أن الجميع مصاب بالإحباط، ومنهم الفرنسيون والولايات المتحدة والقوى الأوروبية وحتى الأعضاء الرئيسيون في الجامعة العربية، وهم محبطون بشدة، وذلك لأن الآخرين يتحكمون في لبنان، ونؤمن بضرورة انتخاب رئيس واتباع النظام الدستوري الصحيح، ونبذ العنف على الأراضي اللبنانية، وهو الأسلوب الذي يتبعه البعض والذي يشكل خطورة كبيرة على البلاد، نحن نحث حلفاءنا وأصدقاءنا على العمل من أجل تحسين الوضع في لبنان، حتى يضمن ذلك انتخاب الرئيس واحترام الدستور من قبل كل لبناني على أرضها.* هل ستسمح واشنطن لكل من سورية وإيران بتحقيق نجاحات متتالية في التدخل في شؤون لبنان؟- كما ترين من وسائل الإعلام كافة، نعمل بكل طاقتنا وبكل السبل المتاحة لئلا يحدث هذا الأمر، ونحاول إبطال أي ضرر محتمل قد تحدثه الدولتان على المنطقة، فهما قطبا الإرهاب والداعمان له، وهما المسؤولتان عن زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وجعل كل من اللبنانيين والفلسطينيين يعانون من جراء أفعالهم، ونحن ننادي مرارا وتكرارا السوريين للكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للبنان، نحن لم نصل إلى شيء حتى الآن، لكننا نقترب، ونحاول فرض عقوبات إضافية على سورية، ومرة أخرى نحاول أن ندعم كل من لديه أطروحات تهدف الى تقدم المنطقة وتحسين أوضاعها، لكن سورية وإيران ليستا من ضمن هؤلاء، فهما يفتقران إلى الرؤية الإيجابية بشكل عام.* هل تجدون تحسنا في تطبيق الديموقراطية في الشرق الأوسط اليوم؟- نعم بالتأكيد، مع وجود تذبذب في مسيرة الإصلاح لكن دولا عدة حققت نجاحات متواصلة في هذا الشأن ولا تزال، فالتعليم تقدم كثيرا وحرية الصحافة ازدادت والإصلاح الاقتصادي يرى النور في شكل مشاريع يومية في كل الأقطار، هنالك اختلاف ملحوظ عن الفترة الماضية، والكويت لديها دليل على ذلك بمنح المرأة حقها السياسي.* المجتمع الدولي يترقب تغييرا في الانتخابات الأميركية على كل الصعد، هل سيشمل التغيير سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة؟- من الصعب التنبؤ بذلك الآن، لكنني أرى أنه مهما تغير الرؤساء وتبدلوا فإن الولايات المتحدة لن تكون بعيدة عن المنطقة، بل ستظل فيها وقريبة منها من خلال مصالحها المشتركة مع دول المنطقة، وهنالك انسجام وتوافق مع المنطقة، لن نبتعد عن المنطقة ابدا، قد تفرض بعض التعديلات هنا وهناك من منطلق الأولويات ليس إلا.لبنان... القصة الناجحةوصف باتون لبنان بأنه «القصة الناجحة سياسيا ودينيا حتى على الرغم من تعرضه لانتكاسات متتالية، فالسيادة ما زالت قائمة فيه، وعلى الرغم من معاناته التدخل في شؤونه من قبل الآخرين، وتقييد حريته في هذا الشأن فإنه حر من الحرب وهذا مهم جدا، وسيكون لبنان في حال أفضل مع وجود رئيس منتخب وبرلمان فعال». نتعلم من الكويتفي معرض حديثه عن تبادل التجارب بين أميركا والدول الأخرى قال باتون «نستطيع أن نتعلم من تجارب الكويت في كل المجالات، ولدينا ما نستطيع أن ندعم به الكويت، وهذا جزء من مبادرة الشراكة التي نقدرها ونوليها اهتماما بالغا، هذه هي زيارتي الأولى للكويت، ولدينا هنا سفارة ممتازة تجعلك على اطلاع دائم بكل الأمور المتعلقة بما يحدث في هذا الجزء من العالم». مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI)يقصد بها دعم وتقوية المجتمع المدني ومؤسسات التنمية الخاصة ومنظمات القطاع الخاص غير الربحية، وتقديم اقتراحات في مجالات المشاركة الشعبية، برامج النساء والشباب وإدارة المنظمات غير الحكومية، التعليم المدني ومهارات القيادة، واقتصاد السوق، كما تعطي الأولوية للبرامج التي تستهدف مجموعات الشباب، والاتحادات النسائية، وتلك التي تركز على القدرة على بناء شخصية الفرد.وتستهدف المبادرة تمويل المنظمات غير الربحية والجامعات والمؤسسات التجارية المعنية، وخلال السنوات الخمس الماضية خصصت MEPI أكثر من 430 مليونا كميزانية تمويلية لأكثر من 350 مشروعا في 17 دولة ومقاطعة، من خلال مكاتبها في واشنطن وتونس وأبوظبي، وتهدف المبادرة إلى تعزيز سبل الإصلاح في مجالات الاقتصاد والسياسة والتربية ودعم المرأة.