ورود وعشق متبادل
اكتست واجهات المحلات باللون الأحمر وتزينت العلب وقوالب الحلوى باللون ذاته. عشاق هنا وهناك يتسابقون لتغليف هدايا عيد الحب. إنه يوم ورديّ بكل ما تحمل الكلمة من معنى, كرنفال خاص بالمحبين الهائمين بكل ما هو جديد وصرعة وكأن الحب لم يسكن قلوب العاشقين ولن يسكنها إلا في الرابع عشر من شباط (فبراير).
طقوس لا تخلو من الرومانسية اعتادها المواطنون والمقيمون على حد سواء، يترجم من خلالها المحبون مشاعرهم تجاه الطرف الآخر. عادة غريبة نوعاً ما على مجتمعاتنا، لاقت رواجاً في الأعوام القليلة الماضية، كيف بدأت؟ ومن أين أتت؟ ولمَ يقبل عليها الناس؟ هل يقتصر هذا اليوم على النساء دون الرجال أم العكس؟ «الجريدة» رصدت هذه الظاهرة وحاورت مجموعة من المواطنين والمقيمين حول هذا الموضوع... يؤيد محمد حسين (19 عاماً) هذا اليوم لكن بطريقته الخاصة لأنه غير مرتبط عاطفياً، يوضح: من الجميل أن يشارك الأبناء آباءهم في هذا اليوم من باب الترفيه، فالحب له أشكال كثيرة، مثل حب الزوج لزوجته والصديق لصديقه والإخوة بعضهم بعضاً. أعتقد أن جعل هذا اليوم حكراً على العشاق دون غيرهم هو من الأنانية بمكان.تعبير ومودةيتحمس أحمد عوني (20 عاماً) بشدة لعيد الحب فيقول: دفع شعور المرأة المرهف ورومانسيتها الرجل إلى إهدائها ما تحب وتهوى ولم تعد هي المبادرة بتقديم هدايا الـ«فالنتاين». ناهيك عن الإقبال الكبير من قبل الرجال على تقديم الهدايا لزوجاتهم، بعد الانتشار الكبير لمحلات الهدايا وانتعاشها في هذه المناسبات ما سهل مهمتهم في الاختيار.يؤكد حلمي الرمحي (21 عاماً) أن «الـ«فالنتاين» مناسبة جميلة يتم التعبير من خلالها عن مشاعر الحب تجاه الآخرين، أصدقاء كانوا أم زملاء لأن الحب لا يقتصر على العشاق يقول: شخصياً أجد في هذا اليوم فرصة كي أعبر عن تقديري لأشخاص أكن لهم الحب والمودة فأقدم لهم هدية متواضعة تبث في نفوسهم الفرح والبهجة. عادات دخيلة من ناحيتها ترى نهلة الحربي (36 عاماً) أن المبالغة تطغى على الاحتفال بيوم الحب: أؤيد الحب لكن الاعتدال مطلوب بحدود الضوابط والشرع، نرى اليوم أن المبالغة في الاحتفال أخرجت الأمور عن السيطرة. قلوب مهشمة وشعارات حب وشوق ولهيب وكأن الحب في القلوب وجد من أجل هذا اليوم فحسب، للأسف شوهت هذه العادات الدخيلة أفكار أبنائنا وجعلتهم يتخبطون بين ثقافة الغرب وبين قيمهم وعاداتهم.يشارك أبو عبد اللطيف (46 عاماً) نهلة الرأي قائلاً: الاحتفال بهذا العيد مكروه ولا يجوز لنا كمسلمين الاقتداء به والسير على نهجه لأنه يعتبر بدعة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة». من المحزن أن نرى أبناءنا لاهثين يتبعون سلوكيات الغرب من دون وعي.من التاريخذكرت الموسوعة الكاثوليكية ثلاث روايات حول الـ«فالنتاين»، لكن أشهرها رواية مفادها أن القسيس فالنتاين كان يعيش في أواخر القرن الثالث الميلادي تحت حكم الإمبراطور الروماني كلاوديس الثاني. في 14 شباط (فبراير) 270م أعدم الامبراطور القسيس الذي عارض بعض أوامره ودعا إلى المسيحية. تقول رواية أخرى أن الإمبراطور لاحظ أن العُزّاب أشد صبراً في الحرب من المتزوجين الذين يرفضون الذهاب الى جبهة المعركة فأصدر أمراً بمنع عقد أي قران، غير أن القسيس فالنتاين استمر يعقد القران في كنيسته سراً حتى اكتشف أمره وأمر بسجنه. هناك تعرف على ابنة أحد الحراس وكانت مصابة بمرض فطلب منه والدها أن يشفيها فشُفيت ووقع في غرامها وقبل أن يُعدم أرسل لها بطاقة كتب عليها (من المخلص فالنتاين) وذلك بعدما تنصّرت مع 46 من أقاربها. في رواية أخرى، عندما انتشرت المسيحية في أوروبا لفت نظر بعض القساوسة طقس روماني في إحدى القرى الأوروبية يتمثل في أن شباب القرية يجتمعون منتصف شباط (فبراير) من كل عام ويكتبون أسماء بنات القرية ويضعونها في صندوق ثم يسحب كل شاب إسماً والتي يختارها تصبح عشيقته طوال العام ويرسل لها على الفور بطاقة مكتوب عليها: «باسم الآلهة الأم أرسل لك هذه البطاقة». وجد القساوسة أن هذا الأمر يرسخ العقيدة الرومانية وأن من الصعب إلغاء الطقس فقرروا أن يغيروا عبارة «باسم الآلهة الأم» إلى «باسم القسيس فالنتاين» كون هذا الأخير رمزاً نصرانياً ومن خلاله يرتبط هؤلاء الشباب بالنصرانية.