شرك الشريك الأميركي

نشر في 26-06-2007
آخر تحديث 26-06-2007 | 00:00
 بلال خبيز

لا شك ان توافق اللبنانيين سياسياً وتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية يساهمان كثيراً في تحصين الساحة الداخلية من أي اختراق أمني وإرهابي وسياسي. لكن تشكيل مثل هذه الحكومة لا يمكن أن يكون الدواء الشافي لمنع الإرهابيين من محاولة زعزعة استقرار لبنان. إلا إذا كان هؤلاء يأتمرون بأمر طرف من الاطراف اللبنانية.

قد تنجح المعارضة اللبنانية في تسويق نفيها مسؤولية إفشال مهمة أمين عام الجامعة العربية أمام جمهورها المحلي. ففي لبنان لم تعد الوقائع العارية تؤثر في الجماهير المتعصبة إلى حد الهوس. لكن نجاح المعارضة في هذا النفي لا يغير في واقع أن مهمة موسى كانت من دون أفق حقيقي يمكن الاعتماد عليه. ذلك أن تقريب وجهات النظر والدعوة إلى الحوار في لبنان ليسا من المهمات التي يعجز عنها اللبنانيون، لو أرادوا تجاوز هذه الأزمة التي تعصف في لبنان. ويمكن القول إن الموالاة في دعوتها الجامعة العربية الى الاطلاع على حقيقة المواقف اللبنانية قد سجلت نقطة داخلية وخارجية على خصومها الداخليين في مبارزتها مع المعارضة التي بدت مرتبكة، ولا تزال أمام جمهورها وجمهور اللبنانيين في محاولة تحميل الموالاة مسؤولية فشل المبادرة العربية. لكن هذا الارتباك ليس أكثر من نصر تلفزيوني لن يغير في واقع الحال شيئاً. ذلك أن ما تشكو منه الموالاة في لبنان لا يمكن أن تحصل عليه من المعارضة. فالموالاة تريد وقف الاغتيالات واستهداف لبنان أمنياً، وتريد من العرب والعالم مساعدتها على منع تهريب الإرهاب والإرهابيين إلى الأرض اللبنانية. ومن غرائب الصدف، أو ربما من محاسنها، أن المعارضة وافقت على البحث في هذين الأمرين مع السيد موسى، كما لو أنها تملك مقاليد منع تهريب الإرهاب ووقف مسلسل الاغتيالات رهن يدها. فإذا ما تجاوبت الموالاة مع مطالبها، تستطيع ضمان حماية لبنان من اغتيال وجهائه وزعمائه ومنع تهريب الإرهاب والإرهابيين إليه.

لا شك ان توافق اللبنانيين سياسياً وتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية يساهمان كثيراً في تحصين الساحة الداخلية من أي اختراق أمني وإرهابي وسياسي. لكن تشكيل مثل هذه الحكومة لا يمكن أن يكون الدواء الشافي لمنع الإرهابيين من محاولة زعزعة استقرار لبنان. إلا إذا كان هؤلاء يأتمرون بأمر طرف من الاطراف اللبنانية. وهذا ما يمكن القطع باستحالته. حتى أهل الموالاة في لبنان يقرون أن الأمر ليس في يد أهل الاعتراض. رغم ذلك وافق أهل المعارضة على نسبة هذه القدرة إليهم ضمناً وتصرفوا على هذا الأساس.

هل وقعت المعارضة في فخ من الأفخاخ التي لا تمل الإدارة السورية من تتبع آثارها في كل مكان، من لبنان إلى العراق إلى أوسلو وصولاً إلى غزة؟ الأرجح بحسب الرواية السورية: أن، نعم. فحلفاء سورية والمقاتلون ضد المشاريع الأميركية في المنطقة لا يحسنون إلا الوقوع في فخاخ العدو الإسرائيلي المدعوم أميركياً. على هذا ترى سورية في مغامرة «حماس» فخاً أنجرت هذه الأخيرة إليه، ويحلل القريبون منها في لبنان مفاصل وأسنان الفخ الأميركي الذي يعد لهم بعناية، من محاولة استثارة فتنة شيعية – سنية كاد السيد حسن نصرالله أن ينجر إليها في نهايات يناير الماضي، إلى فخ الموالاة التي تضمر غير ما تعلن أمام عمرو موسى، وصولاً إلى فخ المواجهة مع تنظيم «القاعدة» في مخيم نهر البارد، وهذه كلها فخاخ أميركية – اسرائيلية يجدر باللبنانيين الحصيفين عدم الوقوع بين أسنانها.

والحال ليس ثمة حوار أو استعداد لبناء جدار ثقة بين المعارضة والموالاة في لبنان. ولن ينجح عمرو موسى أو غيره في بناء مثل هذا الجدار. وفي الانتظار لا تجد المعارضة حرجاً في إبقاء الحال على ما هي عليه: السيطرة على مناطق آمنة من الاغتيال والإرهاب على حد سواء، ورؤية الخصوم اللبنانيين مضرجين بدمائهم، لأن مد يد العون لهم أو محاولة التفاهم معهم يعني سقوط المعارضة نفسها في الفخ الأميركي – الإسرائيلي. وهذا ما تحرص المعارضة أشد حرصها على عدم الانزلاق إليه.

أمام هذا المنطق الراسخ في علم الأفخاخ والأشراك ثمة أسئلة ثلاثة على قدر من السذاجة تلح على أي لبناني اليوم: لماذا يضرب الإرهاب الأصولي في كل مكان إلا في سورية وايران، ومحمية حزب الله في لبنان وقريباً غزة؟ ولماذا لا تغتال أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية في لبنان غير من تدعوهم المعارضة حلفاء أميركا؟ ثم إذا كان السيد حسن نصرالله مقتنعاً بما أعلنه ذات يوم من أن الوزير مروان حمادة طلب من بوش أن يطلب من اولمرت شن حرب على حزب الله فاستجاب هذان الأخيران ونزلا عند طلبه، فكيف يكون المسؤول عن محاولة اغتياله بسيارة مفخخة، هو إسرائيل وأميركا من ورائها؟

كاتب لبناني

back to top