أندية التوستماسترز...تعلّم فنون التواصل وتصنع الخطباء! تأسست في كاليفورنيا عام 1924 وتنتشر اليوم في 90 دولة حول العالم

نشر في 12-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 12-08-2007 | 00:00

نجحت أندية «التوستماسترز» في تغيير النمط التقليدي لحياة الكثيرين في الكويت، خصوصا أولئك الذين لا يدركون أهمية التواصل مع الآخرين أو لا يجيدون فن الإنصات، ودفعت هذه الأندية العديد من المتحفظين إلى الصفوف الأمامية في المجتمع، بعد أن عززت فيهم ثقتهم بأنفسهم.

لم يرد في ذهن عبدالله المهدي أن الإعلان الصغير المنشور باللغة الإنكليزية في إحدى الصحف الكويتية في شهر أكتوبر من عام 1998سيكون سببا في قلب حياته «إيجابيا» رأسا على عقب إلى الحد الذي بلغه اليوم، ويقول عبدالله إن الإعلان كان «عبارة عن دعوة عامة لحضور اجتماع لمنظمة تعليمية تطوعية دولية في الكويت، واسم المنظمة هو «توستماسترز» انترناشيونال، تعمل في مجال التدريب على مهارات وفنون التواصل والتعامل مع الجمهور، لم أتردد في تلبية الدعوة التي بالفعل وجدت فيها ضالتي المنشودة، فانضممت فورا عضوا مؤسسا لأول نادي للتوستماسترز في الكويت، واليوم وبعد مرور 9 سنوات تقريبا لا أزال عضوا فعالا في انشطة النادي».

يعود تاريخ تأسيس منظمة التوستماسترز الدولية في عام 1924في ولاية كاليفورنيا الأميركية وعلى يد الدكتور رالف سميدلي، وتسعى هذه المنظمة إلى تحقيق اهدافها بأسلوب العمل التطوعي «غير الربحي» من خلال تنظيم أعضائها للعديد من الأندية التعليمية حول العالم بلغ عددها 11000 ناد، موزعة في اكثر من 90 دولة حول العالم، ويبلغ عدد الأعضاء العاملين 240 الف عضو، استفاد منها طوال 83 عاما نحو 4 ملايين فرد.

الكلمات تأسر القلوب

العضو العامل في نادي التوستماسترز والمهندس البحري ناصر دشتي 52 عاما الذي انضم الى النادي قبل نحو 5 سنوات يؤكد «بشكل قاطع أن الفائدة التي اكتسبتها لا تقدر بثمن»، وقال إنه نجح بامتياز في تحقيق الكثير من الإنجازات سواء في حياتة الشخصية أو العملية، مشيرا إلى أن «معظم الأشخاص يفتقدون مهارة التواصل مع الآخرين، وهذا أهم ما يمكن أن يتعلمة أعضاء النادي من خلال التدريب بأساليب علمية شيقة على حسن الإنصات للآخرين واختيار الكلمات والجمل الدقيقة والمناسبة، قبل الحديث وأثناءه، لأن الكلمات سهم يأسر القلوب».

ويؤكد دشتي ان المكان الذي اكتسب منه علم وفائدة حقيقية كان أثناء دراستة الجامعية، وفي نوادي منظمة التوستماسترز فقط، مؤكدا أن «أبواب الأندية مفتوحة لجميع الفئات العمرية من الجنسين، والرسوم رمزية جدا لأن المطلوب هو الحضور لتعلم المهارات القيادية».

الدين والسياسة والجنس

وأكد دشتي أن نوادي التوستماسترز تشتمل على بعض الإجراءات التنظيمية التي تضمن سير العمل داخل النادي بما يحقق الأهداف المرجوة منه، لافتا إلى ان هناك بعض القواعد التي يجب على الأعضاء الالتزام بها وهي الابتعاد عن الخطب الدينية أو السياسية أو الموضوعات التي تتعلق بالجنس، إذ تعتبر محل خلاف بين الأعضاء وهو ما يفوت الفرصة عليهم للاستفادة والنفع.

يوجد في الكويت 20 ناديا للتوستماسترز، وهي تجتمع بشكل دوري ومنتظم ليستفيد أعضاء النادي من البرامج التي تقدم، وتتبع نوادي التوستماسترز نظاما بسيطا وشيقا في نفس الوقت لتدريب الاعضاء على مواجهة الجمهور وحسن الإنصات والتواصل مع الآخرين، والنظام عبارة عن 3 فقرات رئيسية هي «الخطب الارتجالية» ويشارك فيها 6 خطباء ويتحدث كل خطيب مدة لا تتجاوز الدقيقتين. ويتولى منسق موضوعات الساحة مسؤولية تقديم الخطباء إلى أعضاء النادي والضيوف، والفقرة الثانية هي «الخطب المعدة» مسبقا ويشارك فيها 4 خطباء يتحدثون خلال 25 دقيقة، ويتولى في هذه الفقرة عريف الاجتماع مسؤولية تقديم الخطباء إلى الحضور، والثالثة فقرة التقييم وهي مرتبطة بالفقرة الثانية حيث يتولى أربعة أعضاء من النادي تقييم الخطباء الأربعة.

في النهاية تجري عملية تقييم عامة للاجتماع، ويلعب «الميقاتي» دورا اساسيا في جميع الفقرات السابقة من خلال تذكير وتنبيه الخطباء والمقيّمين إلى الوقت المحدد لهم للحديث من خلال رفعه أحد الأعلام الثلاثة، العلم الأخضر يعني الوصول الى الحد الأدنى للوقت المسموح به، والعلم الأحمر يعني بلوغ الحد الأقصى وتجاوز الوقت المخصص، أما العلم الأصفر فيعني انتصاف الوقت استعدادا للختام.

حوار طرشان

العضوة في نادي توستماسترز الدكتورة فاطمة النهام تؤكد أن نوادي التوستماسترز «تنمي الشخصية وفق برنامج تعليمي وليس ترفيهيا كما يعتقد البعض»، مؤكدة ان «تعلم فن التواصل مع الآخرين في هذا العالم الكبير والإنصات لهم أيضا من الأمور الأساسية التي يجب على كل شخص أن يتعلمها، وهناك فرق بين الاستماع والإنصات حتى لا يكون الحديث كما يقال حديث طرشان».

تضيف الدكتورة النهام أن «البرنامج يقضي على حالة الارتباك والحرج من اعتلاء المنصة ومواجهة الجمهور، كما ينمي دراسة الجمهور المخاطب «اعرف جمهورك» لاختيار الموضوع المناسب مع انتقاء الكلمات المناسبة وربط الفقرات بعضها ببعض لجذب المستمع إلى المتحدث، ليس ذلك فحسب إنما يؤكد البرنامج أهمية عامل الوقت، لهذا هناك زمن محدد لتقول للآخرين ما تريد أن تخبرهم به»، مشيرة إلى أن البرنامج «يتيح للمتدرب اكتشاف بعض المهارات التي يمتلكها، مثل لغة الجسد، وهي مهمة في التأثير على الآخرين، كما هي الحال بالنسبة لطبقة الصوت وكيف يمكننا استخدام مثل هذه الأدوات المهمة أثناء حديثنا مع الآخرين».

وأعربت الدكتورة النهام عن سعادتها الكبيرة بما اكتسبته من مهارات طوال فترة انتظامها في نادي التوستماسترز، مشيرة إلى أن هذه المهارات استفادت منها بشكل أساسي في حياتها الاجتماعية والعملية على حد سواء.

رئيس نادي القرين للتوستماسترز والمستشار في وزارة التخطيط أحمد الأستاذ قال إن قرار انضمامة إلى عضوية النادي قبل 22 شهرا كان «مفصليا» لأنه بعد فترة من الانضمام إلى النادي «تغيرت حياتي إيجابيا وبشكل كبير»، مشيرا الى أن الفنون التي تعلمها في النادي مع الحصيلة العلمية التي يملكها «ساهما في قيامي بعمل دورات تدريبية تمثل بالنسبة لي مصدرا جديدا للدخل».

الثقة بالنفس

يؤكد الأستاذ أن من أهم الفنون التي تعلمها في النادي «الثقة بالنفس والإنصات والتواصل مع الآخرين»، مشيرا إلى أن أعضاء النادي «يتفهمون الحرج و حالة الارتباك التي يشعر بها أغلبية الأعضاء الجدد لدى اعتلائهم منصة الخطابة، لهذا يحرص أعضاء النادي على تشجيع الأعضاء الجدد والأخذ بأيديهم للتغلب على هذه المرحلة، ليبدأ بعدها العضو اكتساب المزيد من المهارات التي لا يمكن تقديرها بثمن».

عبدالله المهدي الذي بات المؤسس الأول لنادي التوستماسترز في الكويت ورئيس الجمعية الكويتية للتواصل والمهارات القيادية قال إن النادي «يحاول تغيير أسلوب الحياة الى الأفضل، سيما في الكويت لدينا مشكلة كبيرة هي الاتكال على الآخرين»، مؤكدا أن البرنامج التدريبي «يعزز لدى المتدرب الثقة بالنفس والتخطيط للمستقبل، وباب العضوية مفتوح من سن 18 عاما وما فوق للاستفادة من برامج النادي» وتمنى المهدي «أن يبادر الجميع إلى تلبية الدعوة للإشتراك أو الحضور إلى مقر أندية التوستماسترز للاستفادة كثيرا من برامجه، كما فعلتُ قبل 9 أعوام حين لبيت الدعوة».

الاشتراك بـ 15 ديناراً

قال عبدالله المهدي إن رسوم الاشتراك في نوادي التوستماسترز نصف سنوية وبقيمة 15 دينارا فقط، مؤكدا أن أهداف النادي ليست ربحية على الإطلاق وجميع شروط الاشتراك في متناول الجميع.

عامل النظافة

في فقرة الخطب الارتجالية اقتبس ناصر دشتي دور عامل النظافة، واعتبر فيها أن «كل مهنة شريفة يجب أن ينظر لها باحترام، سواء كان رئيس دولة أو عامل نظافة» مشيرا إلى انه أثناء دراسته للهندسة البحرية طلب منه القبطان «تنظيف أحد أجزاء السفينة، ونفذت الأمر على مضض، وعندما كنت أقوم بعملية التنظيف قال لي رجل مسن يشرف علينا، أنتم من سيتعلم، وبالفعل أثناء قيامنا بهذا العمل شاهدت عملية ميكانيكية للسفينة لم أكن سأتعلمها في الكتب أو الجلوس على ظهر السفينة، لذلك علينا عدم تحقير المهن الشريفة لأنها بالتأكيد لها نتائج إيجابية».

مدبرة المنزل

اقتبست عضوة في النادي دور مدبرة المنزل، وأكدت خلال خطبتها أن عملها «مرتبط في كل ركن بالمنزل» مشيرة الى أنها ستعمل لإبقاء الذكريات الجميلة في المنزل، لتترك على الدوام «أجواء إيجابية بين أفراد الأسرة» وقالت انها ستتدبر جميع أعمال المنزل والأسرة للحصول على بيئة مستقرة وبناءة.

دعوة مفتوحة للنواب للانضمام إلى النادي!

وجه أحد أعضاء النادي دعوة مفتوحة إلى نواب مجلس الأمة للانضمام إلى نادي «توستماسترز»، من أجل «الارتقاء بحديثهم وخطبهم، والتدريب على انتقاء الجمل والكلمات المناسبة خلال حديثهم في قاعة عبدالله السالم أو في خارجها»، مؤكدا أن نواب مجلس الأمة «ليسوا محصنين ضد عملية التدريب والتطوير، وسوف يساهم نادي توستماسترز في تحسين مهاراة النائب في اقناع الجمهور بما يطرحة من قضايا، خصوصا بعد ظهور بعض النواب بشكل «مخجل» وخصوصا في سجالاتهم «السوقية» وتبادلهم الشتائم والسباب بصورة غير حضارية، ولهذا يحتاج بعض النواب الى «دروس خصوصية» تمكنهم من ضبط اعصابهم وعدم الانفعال واحترام وجهات النظر الأخرى.

back to top