لا تخشوا البكاء... الدموع مفيدة لصحتكم

نشر في 26-07-2007 | 00:00
آخر تحديث 26-07-2007 | 00:00

ليس البكاء دليلاً على الضعف أو عدم النضج، بل هو أسلوب طبيعي لإزالة المواد الضارة من الجسم، التي يفرزها عندما يكون الإنسان تعسا أو قلقا. علماً أن البكاء مفيد للصحة إلا أن نوع الدموع التي تذرف نتيجة موقف عاطفي انفعالي مختلفة من حيث التركيب والوظيفة لكونها تفاعلات كيميائية تستجيب لحالة انفعالية مشبوبة بالعاطفة هي بالتالي أكثر غنى بالبروتينات.

تساعد الدموع الأصلية، سواء كانت دموع فرح أو حزن، في إعادة توازن كيمياء الجسم كما تساهم في العلاج النفسي. يبدو أن النساء يعرفن بالغريزة فوائد البكاء إذ تشير إحدى الدراسات إلى أنهنّ يجهشن بالبكاء نحو 64 مرة سنوياً في حين يبكي الرجال نحو 17 مرة.

ثمة الكثير من الدراسات حول موضوع البكاء ومدى أهميته للإنسان تنفيساً عن الغضب والكبت. لكن ما حقيقة تأثير البكاء على الصحة؟ هل هو ضار أم نافع؟

يبدو أن البكاء يخفف من الضغط النفسي ويفيد الصحة، خاصة أننا نطلق على أمراض كثيرة تسمية الاضطرابات النفسية. تخلص الدموع الجسم من المواد الكيميائية المتعلقة بالضغط النفسي. لدى دراسة التركيبة الكيميائية للدمع العاطفي التحسسي (الذي يثيره الغبار مثلاً) ظهر أن الدمع العاطفي يحتوي على كمية كبيرة من هورمونين متوافرين في الدم في حال التعرض للضغط، لذا فالبكاء يخلّص الجسم من تلك المواد. أوضح هذا الاكتشاف سبب بكاء النساء بنسبة تفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف، فالبرولاكين (أحد هذين الهرمونين) متوافر لدى النساء بكميات أكبر مقارنة بالكمية لدى الرجال لأنه مسؤول عن إفراز الحليب.

يعتبر الحزن مسؤولاً عن أكثر من نصف كمية الدمع التي يذرفها البشر في حين أن الفرح مسؤول عن نسبة %20 من الدمع ,أما الغضب ففي المرتبة الثالثة.

يقول أحد الاختصاصيين إن عدم القدرة على البكاء سبب أمراض كثيرة، خاصة أن تقاليد التنشئة تحث الرجال على كبح الرغبة في البكاء.

أنواع الدمع

  الدموع المطريّة: تحافظ على رطوبة العين وصحتها. وتساعد على سهولة التحرك في التجويف. تحتوي على أملاح وأنزيمات تقتل الكائنات الدقيقة.

  الدموع التحسسية: تحتوي على مواد الدموع المطرية ذاتها، لذا تزيد الغدد الدمعية من إفراز الدموع لحماية العينين من الأوساخ والملوثات وأشياء مثل أبخرة البصل.

  دموع العواطف: تنهمر كرد فعل على حوادث عاطفية. تحتوي على هورمونات وبروتينات والأندروفين. مسكّن طبيعي للألم تساعد في طرد المواد السامة من الجسم لتخفيف حدة الضغط النفسي.

أثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعي (من خمسين إلى مائة ضعف في الدقيقة) فتذرف العين معدلاً وسطياً (5 مل من الدمع) يومياً. الجدير ذكره أن فتح العينين وإغماضهما بشكل لا إرادي بمعدل 20 مرة في الدقيقة حركة تحافظ على مرونتهما.

وظائف كثيرة

• وظيفة البصرية: تكاد تكون من أهم وظائف الدمع إذ تحافظ الدموع على ألق القرنية وتسد الثغور المتوافرة بين خلايا سطح القرنية، وتُسوّي بطلائها سطح القرنية وتمهدّه لتقوم الوظائف البصرية بمهمتها كما يجب.

• وظيفة دفاعية: بواسطة المواد التى يحتوي عليها وخاصة الليزوزيم أو الخمائر الحالّة يستطيع إذابة الكثير من الجراثيم وتخريبها فلا تعود قادرة على الغزو والاستفحال والتكاثر. تبقى العين سليمة صحيحة رغم تعرضها للجراثيم والعضويات الضارة المتوافرة بكثرة في الهواء الجرثومي فإذا قصر الدمع واضطرب تركيبه لأمر ما سهل على العضويات المؤذية غزو العين وإحداث الالتهابات والتخريب فيها. بدأ العلماء يجرون التجارب الخصبة على مادة الليزوزيم الدمعي قبل البدء بتطبيق أي عقار عيني جديد.

 • وظيفة مرطبة: هي سقاء للعين وطلاء ضروري. في حال بقاء العين رطبة تبقى خلاياها السطحية سليمة صحيحة وفي حال جفت انعدم البريق منها تنكمش الخلايا وتتلف. تغزوها العروق الدموية ويتجلد سطحها. لو فتح جفنا العين قسريا لشعرت العين بالجفاف وبألم حارق وواخز ربما يحدث بعد ذلك دماع انعكاسي فينهمر الدمع. لو فُحص سطح العين أثناء ذلك لوجد أن فتح العين القسري لنصف دقيقة كاف لإحداث بقع جافة على سطح القرنية خالية من طبقة الدمع التى سبق الحديث عنها. لوحظ أن بقع الجفاف تتشكل بسرعة أكثر في حال كانت العين عانت سابقاً عملاً جراحياً من استئصال السداد أو مكافحة داء الماء الزرقاء (الجلوكوما).

• وظيفة طارحة للفضلات: هذا ما يحدث بالنسبة الى القطاعات الهوائية والغازات وجزيئات الغبار التى لا تحس بها القرنية كأجسام غريبة، فتجرف بواسطة الدمع على سطح العين الأمامي.

• وظيفة تزليج وطلاء: لولا الدموع لما أمكن تثبيت العدسات اللاصقة إذ تنسجم درجة تحمل العدسات اللاصقة ونجاح استعمالها درجة القوة المزلجة في الدمع. لذا تهب الدموع الرطوبة الكافية والطلاء الواقي والطراوة الضرورية للقرنية، فتنقل اليها أوكسيجين الجو الضروري وتنقي العين من فضلات النسج السطحية. هي خط الدفاع الأول في العين ضد غزو الجراثيم والعضويات المؤذية. تغسلها مما يعتريها من شوائب وتنهمر بشدة لتجريف كل جسم غريب متطفل. كل ذلك حفاظاً على ألق العين ودعماً لوظيفة البصر.  

البكاء والرجال

كونك رجلا لا يمنعك ذلك من البكاء. إن ذرف الدموع لا يعتبر دليلا على ضعف الشخصية أو عدم النضج. وكبتها يعرضك لأزمات القلب واضطرابات المعدة والصداع وآلام المفاصل. حاول التعبير عن مكنون نفسك، من غير النظر الى التقاليد التي تشجع المرأة على التعبير عن مشاعرها وعواطفها، في حين تتحكم بدموعك فتتجمع في مقلتيك ولا تنسكب معرّضاً نفسك للتوتر والأزمات. تذكر ان البكاء حالة طبيعية لتعامل الجسم مع هذا التوتر، فلا تدع المرأة تتغلّب عليك بعمرها الطويل لأن استعدادها الفطري للبكاء الوفير يطرد من جسمها السموم فيطول عمرها.

في حال أخفى الانسان بكاءه بداعي الرجولة تزداد خطورة تحمّل المعاناة من: اضطرابات نفسية وعصبية، ارتفاع في ضغط الدم، الإصابة بمرض السكري، إمكان الإصابة بالتهابات القولون وقرحة المعدة.

back to top