غياب القانون المنظِم يجعل الكويت بيئة للأحزاب المشبوهة! النيابة: يجب صدور قانون يحمي الديموقراطية من توغل الأحزاب المظلمة فيها

نشر في 18-08-2007 | 00:00
آخر تحديث 18-08-2007 | 00:00

عاد قانون إنشاء الأحزاب السياسية ليتصدر قائمة المطالبات من أجل إقراره من قبل مجلس الأمة في دور الانعقاد المقبل، وذلك لتنظيمه عمل الأحزاب على خلفية ظهور حزب التحرير الذي يدعو في أهدافه إلى تغيير نظام الحكم.

في الوقت الذي تواصل فيه النيابة العامة تحقيقاتها مع أعضاء حزب التحرير في الكويت، الذي يقوم على فكرة وجود الخلافة الإسلامية ووجود خليفة إسلامي، ويعتبر الدول الإسلامية ولايات، تثور تساؤلات حول عدم وجود قانون ينظم الأحزاب السياسية في الكويت يحد من الوجود الفعلي للأحزاب المخالفة؟

ومع ولادة حزب الأمة الذي أسسه أحد التيارات الدينية قبل نحو ثلاثة أعوام، أحالت الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية أعضاء ذلك الحزب إلى النيابة العامة، التي بدورها باشرت تحقيقاتها معهم وقامت بتحويل القضية من جناية إلى جنحة، وذلك لما انتهت إليه القضية من أن أعضاء حزب الأمة خالفوا قانون التجمعات، وهي التهمة التي استطاعت النيابة العامة حينها إسنادها للأعضاء في ظل عدم وجود قانون يجرم إنشاء الأحزاب.

وبعد مثول أعضاء حزب الأمة أمام محكمة الجنح لمحاكمتهم، قضت محكمة الجنح ببراءتهم من التهمة المنسوبة إليهم.

وفي الوقت الذي بدأ فيه نشاط حزب الأمة بالظهور برزت جماعة أنصار الشورى هي الأخرى بالظهور والاكتفاء بإصدار بيانات صحفية تدعو إلى إلغاء مجلس الأمة، والدعوة إلى إنشاء مجلس للشورى.

استقلال

ومع مرور الوقت أعلن أحد المسؤولين في إحدى الصحف المحلية عن وجود حزب التحرير في الكويت، وهو الأجرأ في طرح أهدافه، التي تمثل إلغاء لفكرة الدولة ونظام الحكم والمساس بمسند الإمارة، وهو ما وصفته مصادر مطلعة في النيابة العامة بالانقضاض على استقلال الدولة وعلى نظام الحكم فيها، والمعاقب عليه في قانون الجزاء في باب جرائم أمن الدولة الداخلي، وذلك لخروج أهداف ذلك الكيان عن عرف التيارات السياسية الموجودة التي تحترم وجود الدولة إلى الرغبة في إقامة دولة أخرى!

والسؤال الذي بقي حتى الآن بلا إجابة: أين قانون الاحزاب... ولماذا لم يصدر حتى الآن؟

حاول النائب علي الراشد الإجابة عن هذا السؤال بتقديم اقتراح بقانون الأحزاب وهو المشروع المتوقع طرحه في دور الانعقاد المقبل، لمناقشته والتصويت عليه، لكن في ظل رفض المشرع الكويتي إقرار قانون للأحزاب، فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور مئات الأحزاب بسبب عدم التنظيم التشريعي للأمر.

المكتسبات

إلى ذلك، يقول رئيس مجلس الأمة بالإنابة المستشار حسين الحريتي «أنا من مؤيدي وجود قانون ينظم الأحزاب بشكل رسمي ويحصل ذلك الحزب على موافقة رسمية من الدولة على نشاطه واتجاهه، بعد أن يعرض نظامه الأساسي والأهداف القائمة له على الجهات المتخصصة في الدولة وتمنحه الموافقة».

ويقول الحريتي إن «وجود تنظيم قانوني للاحزاب سيحد من وجود الأحزاب التي تخالف ديننا وعاداتنا وتقاليدنا ومكتسباتنا الدستورية التي يتعين الحفاظ عليها».

ويضيف الحريتي قائلا «نحن نعيش في الوقت الحالي على نحو فعلي بوجود أحزاب لكنها غير منظمة، مبينا أن ما يدعونا إلى تنظيم الأحزاب أيضا حاجة الواقع العملي لها خاصة بعد تقليص الدوائر الانتخابية، وهي كفيلة أيضا بالقضاء على الطائفية والقبلية كما يؤكد عليه الدستور».

ويشير الحريتي إلى أن «التنمية لا يمكنها الاستمرار وكذلك الرفاهية، فضلا عن الاستفادة من مقدرات البلاد والوصول إلى حياة ينعم بها الجميع، إلا من خلال الوحدة الوطنية، مضيفا أن عدم «وجود الأحزاب في ظل تقليص الدوائر الانتخابية سيشجع كل مرشح للعودة إلى طائفته أو قبيلته كبديل عن الأحزاب لأنها غير موجودة، لافتا إلى أن واقعنا الحالي يعاني من تفشي الطائفية والقبلية».

تنظيم

أما أمين سر جمعية المحامين الكويتية الحميدي السبيعي، فيقول إن جمعية المحامين تؤيد وجود قانون ينظم الأحزاب في الكويت، لكن يتعين تعديل التشريعات المرتبطة لكي تتناسب مع تطبيق قانون تنظيم الأحزاب، مشيرا إلى أنه يتعين تعديل قانون المطبوعات والنشر وكذلك صدور قانون للتجمعات يضمن حق تجمع أفراد الحزب.

ويضيف السبيعي قائلا «من دون أرضية خصبة من التشريعات المشتركة لتطبيق هذا التشريع، لا يمكن تفعيل قانون تنظيم الأحزاب والاستفادة منه، لافتا إلى أن جمعية المحامين ستقدم مذكرة لأعضاء مجلس الأمة على مشروع القانون المقدم من النائب علي الراشد بشأن إنشاء الأحزاب السياسية.

وبين السبيعي أن عدم وجود قانون ينظم الأحزاب له آثار سلبية من أن تأتينا أحزاب تمتد علاقاتها مع دول خارجية، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على البلاد في وجودها ولارتباطها بأقاليم لا تلتقي مصالحها مع الكويت.

ويقول السبيعي: يجب ألا تقوم الأحزاب على طابع ديني أو عنصري أو طائفي أو قبلي وتحترم الدستور والقوانين المطبقة وقرارات الأغلبية.

الديموقراطية

في حين تقول مصادر مطلعة في النيابة العامة إنها تحقق في الوقائع المنسوبة لأعضاء ما يسمى بحزب التحرير، باعتبار أن أعضاء هذا الحزب يحملون من الأفكار التي تعمل على هدم النظم الأساسية في البلاد وتغيير نظام الحكم فيه، وأن النيابة في سعيها الى الحفاظ على الدعوى العمومية باسم المجتمع، يهمها الحفاظ على دعامات المجتمع التي قررها الدستور.

وتضيف المصادر أن «النيابة لا تقصد تضييق ممارسة الحريات التي تمارسها التيارات السياسية المعروفة التي تنتهي جميعها إلى احترام فكرة وجود الدولة وعدم التعدي على مسند الإمارة».

وتشير المصادر إلى أنه يتعين صدور قانون يحمي الديموقراطية الكويتية من توغل الأحزاب المظلمة فيها باسم الديموقراطية، ويتعين تجريم عمل الأحزاب التي تخرج عن الإطار المنظم لها في القانون.

وتوضح المصادر أن حزب التحرير مثلا يعمل في الخفاء ويرفض رئيس المكتب الإعلامي في التحقيق الكشف عن أسماء أعضاء الحزب وعدد المنتمين إليه، وهو الأمر الذي يشير إلى أن هذا الحزب يعمل في الظلام والجهاز الحكومي يراقب الوضع من دون أن يتدخل، وتدخله جاء متأخرا.

وطالبت المصادر في النيابة بصدور قانون ينظم عمل الأحزاب بدلا من الوضع العشوائي في وجود تنظيمات مريبة، لافتة إلى أن عدم معالجة الوضع تعني مراقبة جهاز أمن الدولة للانشطة المحظورة، وتبدأ الرقابة للحد من الجريمة قبل وقوعها ويصبح التعاطي مع القضية على نحو غير مقنع وذلك لعدم وجود تشريع.

back to top