الخروج من الأزمة... ودور منظمات المجتمع المدني 3-3

نشر في 24-10-2007 | 00:00
آخر تحديث 24-10-2007 | 00:00
 د. بدر الديحاني

لا شك أن هنالك تبايناً في الرؤى بين منظمات المجتمع المدني، ولكن كما هي الحال بالنسبة إلى القوى السياسية، فإن المطلوب هو التوافق على برنامج الحد الأدنى؛ فهناك الكثير من القضايا الوطنية العامة التي من الممكن التوافق عليها لاسيما عند الالتزام الفعلي بجميع مواد الدستور.

منظمات المجتمع المدني هي المؤسسات أو المنظمات غير الحكومية التي تهتم بالشأن العام، كجمعيات النفع العام والنقابات العمالية والجمعيات المهنية والاتحادات الطلابية. ولدينا في الكويت عدد لابأس به من منظمات المجتمع المدني التي كان ولايزال لها دور وطني مشهود في القضايا الوطنية العامة.

الآن، في ظل الأزمة السياسية الحالية وتردي الأوضاع العامة التي يشكو منها الكل تقريباً وإن بدرجات متفاوتة، وبعد الاعتراف بوجود المشكلة وتحديد أسبابها المتمثلة في فشل المشروع غير الديموقراطي الذي بشر به تحالف القوى المعادية للديموقراطية والقوى الدينية السياسية منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي الذي كان يهدف بشكل أساسي إلى الانقلاب على النظام الديموقراطي الذي تم التوافق عليه وتحصينه بدستور 1962. وأيضاً بعد أن أشارت القوى السياسية في بيان 6 أكتوبر إلى ضرورة التنسيق والعمل المشترك في ما بينها وبين مؤسسات المجتمع المدني «ضمن آلية واضحة ومؤسسة» حتى يتم الوصول إلى «الاتفاق بينها على صياغة رؤية وطنية لبناء الكويت الحديثة ودعوة الجميع إلى العمل على أساسها»، فإن على منظمات المجتمع المدني دوراً ومسؤوليةً وطنيةً كبيرةً لابد أن تقوم بها للمساهمة في الخروج من الأزمة.

والمطلوب أولاً الاتفاق على آلية التنسيق والعمل المشترك بين الطرفين، فمنظمات المجتمع المدني تتوافر لديها خبرة عملية في كيفية تنسيق العمل المشترك نتيجة للأعمال المشتركة العديدة التي تقوم بها في ما بينها، ومن المتوقع أن تكون مبادرة للتنسيق في ما بينها، أولاً لتحديد تصوراتها ورؤاها لبرنامج الحد الأدنى المشترك للمساهمة في بناء الدولة العصرية والمرتكز على دستور 1962، والمتضمن الأهداف الوطنية والآليات المناسبة للتنفيذ، وطبيعة الدور الذي من الممكن أن يؤديه كل طرف في كل مرحلة من مراحل التنمية الشاملة والتطور الديموقراطي، ثم تقوم هذه المنظمات بالمبادرة لطرح ذلك على القوى السياسية للتوافق عليه والعمل على تنفيذه بشكل مشترك.

لا شك أن هنالك تبايناً في الرؤى بين منظمات المجتمع المدني ولكن، وكما هي الحال بالنسبة إلى القوى السياسية، فإن المطلوب هو التوافق على برنامج الحد الأدنى. فهناك الكثير من القضايا الوطنية العامة التي من الممكن التوافق عليها لاسيما عند الالتزام الفعلي بجميع مواد الدستور.

نقول قولنا هذا مع إيماننا أنه ليس بمقدور فصيل سياسي واحد أو منظمة مجتمع مدني بمفردها أن يتمكّن أي منهما من فرض رؤيته الخاصة أو مشروعه التنموي، إضافة إلى عدم قدرة أي منهما على تحمل تبعات التطور الديموقراطي، والتنمية الشاملة، إن الخروج مما نحن فيه من أزمة سياسية يتطلب جهوداً كبيرة يجب أن يتصدى لها الجميع من دون استثناء ضمن الثوابت الديموقراطية لدستور 1962.

كما أنه بمقدور منظمات المجتمع المدني، خصوصاً أنها تمثل شرائح وفئات متعددة ومختلفة من المجتمع الكويتي، أن تعكس وجهات النظر المختلفة وتشكل، بالإضافة إلى القوى السياسية، ما يمكن أن يعتبر بمنزلة إجماع وطني على المشروع التنموي الاستراتيجي للدولة الديموقراطية العصرية، كويت المستقبل.

back to top